• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الآثار العلمية للمؤلف   تعريف بالكتب المطبوعة   كتب إسلامية مفيدة   الكتاب على الأرائك   منوعات   مقالات ودراسات   مشاركات   مجلة الكتاب الإسلامي   كتب ناطقة   الواضح في التفسير  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ اتقاء الشبهات والشهوات

خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ اتقاء الشبهات والشهوات
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/6/2023 ميلادي - 4/12/1444 هجري

الزيارات: 21138

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك

الأربعاء 10 / 12 /1444هـ

اتقاء الشبهات والشهوات

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾ [الْكَهْفِ: 1]، وَنَصَرَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، وَجَعَلَ كَيْدَ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ فِي تَبَابٍ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا يَزِيدُ إِنْعَامَهُ وَإِحْسَانَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَهَادَةً نَرْجُو بِهَا الْفَوْزَ يَوْمَ لِقَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى دِينِهِ وَرِضْوَانِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِي نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، فَاتَّقُوهُ حَقَّ التَّقْوَى، وَتَمَسَّكُوا بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَالْزَمُوا طَرِيقَ الْهُدَى، وَاحْذَرُوا مَزَالِقَ الرَّدَى؛ فَإِنَّكُمْ فِي زَمَنٍ اسْتَحْكَمَ فِيهِ الْهَوَى، وَتَاهَ عَنِ الْحَقِّ كَثِيرٌ مِنَ الْوَرَى ﴿ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 17].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ هَدَانَا لِمَا ارْتَضَاهُ مِنَ الْمِلَّةِ. اللَّهُ أَكْبَرُ؛ دَلَّنَا عَلَى أَفْضَلِ شِرْعَةٍ. اللَّهُ أَكْبَرُ؛ صَبَغَنَا بِأَحْسَنِ صِبْغَةٍ. اللَّهُ أَكْبَرُ، بَيَّنَ لَنَا فَضْلَ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَشَرَعَ لَنَا فِيهَا الْحَجَّ وَالْأُضْحِيَّةَ؛ فَاللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَإِلَّا ضَلَلْنَا، وَاللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَإِلَّا حُرِمْنَا، وَاللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا قَرَّبَنَا وَإِلَّا أُبْعِدْنَا؛ ﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 198]. اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ كَمْ مِنْ دَعْوَةٍ بِالْأَمْسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى رُفِعَتْ! وَكَمْ مِنْ قُلُوبٍ بِهِ سُبْحَانَهُ تَعَلَّقَتْ! وَكَمْ مِنْ دَمْعَةٍ فِي عَرَفَاتٍ ذُرِفَتْ! فَسُبْحَانَ مَنْ أَحْصَى أَعْدَادَهُمْ، وَسُبْحَانَ مَنْ سَمِعَ دَعَوَاتِهِمْ، فَاسْتَجَابَ لَهُمْ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ كَمْ مِنْ رَقَبَةٍ مِنَ النَّارِ أُعْتِقَتْ! وَكَمْ مِنْ نَفْسٍ لِلْجَنَّةِ وَالرِّضْوَانِ اسْتَوْجَبَتْ؛ فَاللَّهُمَّ اقْبَلْ مِنَّا وَمِنَ الْحُجَّاجِ وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ كُلَّ دُعَاءٍ وَكُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ؛ فَإِنَّكَ كَرِيمُ الْعَطَاءِ، جَزِيلُ النَّوَالِ. اللَّهُ أَكْبَرُ؛ كَمْ مِنْ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ لِلَّهِ تَعَالَى تُذْبَحُ؛ وَكَمْ مِنْ تَكْبِيرَةٍ إِلَيْهِ تَصْعَدُ؛ فَسُبْحَانَ مَنْ يُحْصِي لِلْخَلْقِ أَعْمَالَهُمْ، وَيَحْفَظُهَا لَهُمْ، ثُمَّ يَجْزِيهِمْ عَلَيْهَا أَوْفَى الْجَزَاءِ، وَلَوْ وُكِلَ حِفْظُ الْأَعْمَالِ لِلْعِبَادِ لَنَسُوا وَهَلَكُوا ﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 6].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أَيُّهَا النَّاسُ: بِالْأَمْسِ وَقَفَ إِخْوَانُكُمُ الْحُجَّاجُ بِعَرَفَاتٍ، وَيَا لَهُ مِنْ مَوْقِفٍ عَظِيمٍ يُبَاهِي اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ مَلَائِكَتَهُ، وَيَدْنُو سُبْحَانَهُ مِنْهُمْ وَهُوَ رَبُّهُمْ وَهُمْ عَبِيدُهُ، فَمَا أَكْرَمَهُ مِنْ رَبٍّ عَفُوٍّ غَفُورٍ رَحِيمٍ. وَالْيَوْمَ يَسِيرُ الْحُجَّاجُ إِلَى الْجَمَرَاتِ بَعْدَ أَنْ بَاتُوا بِمُزْدَلِفَةَ، يَسِيرُونَ إِلَيْهَا مُلَبِّينَ مُكَبِّرِينَ، فَيَرْمُونَ الْجَمَرَاتِ، وَيَذْبَحُونَ هَدْيَهُمْ، وَيَحْلِقُونَ رُؤُوسَهُمْ، وَيَطُوفُونَ بِالْكَعْبَةِ. وَفِي شَتَّى الْأَمْصَارِ يُصَلِّي الْمُسْلِمُونَ صَلَاةَ الْعِيدِ، ثُمَّ يَتَقَرَّبُونَ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَضَاحِيهِمْ، فَهَذَا الْيَوْمُ هُوَ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ الْكَثِيرَةِ، وَالشَّعَائِرِ الْعَظِيمَةِ؛ ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ: 32].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَنْ حَافَظَ عَلَى دِينِهِ، وَأَسْلَمَ لِلَّهِ تَعَالَى قَلْبَهُ، وَاسْتَسْلَمَ لِشَرْعِهِ؛ فَازَ بِرِضْوَانِهِ وَالْخُلْدِ فِي جَنَّتِهِ، وَنَعِمَ بِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ أَتَمُّ النَّعِيمِ وَأَعْظَمُهُ، فِي جَنَّةٍ يُقَالُ لِأَهْلِهَا: «إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 43]» فَأَيُّ نَعِيمٍ فِي الدُّنْيَا يُدَانِي هَذَا النَّعِيمَ! وَأَيُّ عَاقِلٍ يَسْتَبْدِلُ نَعِيمًا دُنْيَوِيًّا مُنَغَّصًا زَائِلًا بِنَعِيمٍ أُخْرَوِيٍّ دَائِمٍ لَا خَوْفَ فِيهِ وَلَا حُزْنَ؟! لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ ضَعُفَ إِيمَانُهُمْ، وَخَفَّتْ أَحْلَامُهُمْ، وَخَانَتْهُمْ عُقُولُهُمْ، وَتَعَلَّقُوا بِأَمَانِيِّهِمْ. وَلَا فَسَادَ لِقَلْبِ الْمُؤْمِنِ إِلَّا مِنْ شُبْهَةٍ تُزِيلُ يَقِينَهُ، أَوْ تُشَوِّشُ إِيمَانَهُ، أَوْ تُحَرِّفُ مُعْتَقَدَهُ. وَإِلَّا مِنْ شَهْوَةٍ عَاجِلَةٍ يَتَخَلَّى بِسَبَبِهَا عَنْ إِيمَانِهِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ؛ وَلِذَا جَاءَ تَحْذِيرُ الْعِبَادِ مِنَ السَّيْرِ فِي أَوْدِيَةِ الشُّبُهَاتِ فَإِنَّهَا طَرِيقُ الضَّلَالِ وَالِانْحِرَافِ، وَمِنَ الِانْسِيَاقِ خَلْفَ الشَّهَوَاتِ؛ لِأَنَّهَا تَأْكُلُ إِيمَانَهُمْ، وَتُفْسِدُ قُلُوبَهُمْ، وَتَصْرِفُهُمْ عَنِ الطَّاعَاتِ، وَتُهَوِّنُ عَلَيْهِمُ الْمُوبِقَاتُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 68]، وَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 7]، ثُمَّ قَالَ: «فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمَعَ هَذِهِ النُّصُوصِ الْوَاضِحَةِ فِي الْإِعْرَاضِ عَنِ الشُّبُهَاتِ، وَالْحَذَرِ مِمَّنْ يَقْذِفُهَا؛ فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَسْتَمِعُونَ إِلَى شُبُهَاتِ الْمَلَاحِدَةِ وَطَعْنِهِمْ فِي شَرِيعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَلِجُونَ مَوَاقِعَهُمْ فِي الْفَضَاءِ الْإِلِكْتِرُونِيِّ، وَيَظُنُّونَ أَنَّ عِنْدَهُمْ حَصَانَةً مِنْ شُبُهَاتِهِمْ؛ حَتَّى يَأْلَفَ وَاحِدُهُمْ ذَلِكَ وَيَعْتَادَهُ، وَتَضْعُفَ حَمِيَّتُهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَتَتَلَاشَى غَيْرَتُهُ عَلَى دِينِهِ؛ فَيَكُونَ عَلَى شَفَا هَلَكَةٍ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ. وَشَبَابُ الْمُسْلِمِينَ وَفَتَيَاتُهُمُ الَّذِينَ تَدَيَّنُوا بِالْإِلْحَادِ وَالْعَدَمِيَّةِ وَالْوُجُودِيَّةِ وَنَحْوِهَا، مَا تَدَيَّنُوا بِهَا فَجْأَةً، وَإِنَّمَا بَعْدَ رُكَامٍ كَبِيرٍ مِنَ الشُّبُهَاتِ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، حَتَّى خَلَعُوا رِبْقَةَ الْإِيمَانِ مِنْ أَعْنَاقِهِمْ.

 

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَى شُبُهَاتِ أَهْلِ الضَّلَالِ وَالِانْحِرَافِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُسَلِّمُ عَقْلَهُ لَهُمْ وَهُوَ بِلَا عِلْمٍ، ثُمَّ يَنْحَرِفُ قَلْبُهُ إِلَى التَّعَلُّقِ بِالْمَخْلُوقِينَ مِنْ دُونِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ، أَوْ يَضْطَرِبُ إِيمَانُهُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ؛ فَيُنْكِرُ مِنْهَا مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أَرْخَى سَمْعَهُ لِلْمُبْتَدِعَةِ مِنْ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ وَعِلْمِ الْكَلَامِ.

 

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُسَلِّمُ قَلْبَهُ لِلْمُجَادِلِينَ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ عِلْمٍ، مِمَّنْ يُزَيِّنُونَ لِلنَّاسِ الْوُقُوعَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَيُهَوِّنُونَ فِي نُفُوسِهِمُ الطَّاعَاتِ، وَيَضْرِبُونَهُمْ بِسَيْفِ الْخِلَافِ وَتَعَدُّدِ الْمَذَاهِبِ الْفِقْهِيَّةِ؛ لِيُخْرِجُوهُمْ مِنْ دِينِهِمْ بِالتَّشَهِّي وَالْهَوَى.

 

هَذَا؛ وَالْفَضَاءُ الْإِلِكْتِرُونِيُّ يَعِجُّ بِشُبُهَاتٍ كَثِيرَةٍ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْمِيَ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَوَلَدَهُ مِنْهَا، وَأَنْ يُحَصِّنَهُمْ بِالتَّسْلِيمِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَيُسَلِّحَهُمْ بِالْعِلْمِ وَالْيَقِينِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُبْدِئِ الْمُعِيدِ؛ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، شَرَعَ لَنَا الْعِيدَ، وَأَفَاضَ عَلَيْنَا مِنْ نِعَمِهِ الْمَزِيدَ؛ نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبُّ الْعَالَمِينَ؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ النَّبِيُّ الْأَمِينُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذَا الْعِيدِ الْكَبِيرِ، وَعَظِّمُوهُ سُبْحَانَهُ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْجِزُ عَنْهُ الشَّيْطَانُ فِي بَابِ الشُّبُهَاتِ؛ فَيَغْزُوهُ بِسِلَاحِ الشَّهْوَةِ وَالْهَوَى، فَيُهَوِّنُ فِي نَفْسِهِ التَّكَاسُلَ عَنِ الطَّاعَاتِ، وَالِانْغِمَاسَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَالنَّظَرَ إِلَى النِّسَاءِ الْمُتَبَرِّجَاتِ، حَتَّى يَصِلَ إِلَى كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَعَظَائِمِ الْمُوبِقَاتِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ ضَعْفَ الْإِنْسَانِ أَمَامَ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ؛ فَأَوْصَدَ الطُّرُقَ الْمُوَصِّلَةَ إِلَيْهَا، وَلَا سِيَّمَا الْفِتْنَةُ بِالنِّسَاءِ وَصُوَرِهِنَّ وَأَفْلَامِهِنَّ، وَالتَّوَاصُلِ مَعَهُنَّ؛ ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النِّسَاءِ: 27-28].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أَيُّهَا الْأَخَوَاتُ الْمُسْلِمَاتُ: إِنَّ فِتْنَةَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ هِيَ أَضَرُّ الْفِتَنِ عَلَيْهِمْ؛ لِمَا فِي الرَّجُلِ مِنْ مَيْلٍ كَبِيرٍ إِلَى الْمَرْأَةِ؛ وَلِذَا حَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى النِّسَاءَ عَنِ الرِّجَالِ، وَضَيَّقَ مَجَالَاتِ التَّعَامُلِ مَعَهُنَّ؛ لِئَلَّا يَصِرْنَ فِتْنَةً لَهُمْ؛ فَيَأْثَمْنَ وَيَأْثَمُونَ. وَهَنِيئًا لِلْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَفْتِنُ وَلَا تُفْتَنُ فِي زَمَنِ الْفِتَنِ، وَلَا تَخْلَعُ حِجَابَهَا وَنِقَابَهَا وَسِتْرَهَا وَلَوْ خَلَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ النِّسَاءِ، وَتَطْلُبُ رِضَا رَبِّهَا سُبْحَانَهُ قَبْلَ رِضَا النَّاسِ.. هَنِيئًا لَهَا حِينَ تَتَمَسَّكُ بِدِينِهَا، وَتُرْضِي رَبَّهَا، وَتَتَزيَا بِحِجَابِهَا، وَتُطِيعُ زَوْجَهَا، وَتُرَبِّي أَبْنَاءَهَا وَبَنَاتِهَا عَلَى مَا يُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى.. هَنِيئًا لَهَا بِسَعَادَةٍ فِي الدُّنْيَا تَمْلَأُ قَلْبَهَا، وَفَوْزٍ كَبِيرٍ فِي الْآخِرَةِ يَنْتَظِرُهَا.

 

حَفِظَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنَاتِ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ وَبَلَاءٍ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تُصَلُّونَ هَذِهِ الصَّلَاةَ الْعَظِيمَةَ، ثُمَّ تَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَضَاحِيكُمْ، وَيَسْتَمِرُّ ذَبْحُ الْأَضَاحِي إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَهُوَ آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الَّتِي يَحْرُمُ صِيَامُهَا؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى. فَاذْبَحُوا ضَحَايَاكُمْ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكُلُوا مِنْهَا وَتَصَدَّقُوا وَأَهْدُوا؛ فَإِنَّهَا رِزْقُ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْكُمْ، وَيَجْزِيكُمْ عَلَيْهَا أَوْفَى الْجَزَاءِ ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْحَجِّ: 37].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ…





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (اليوم عيدنا)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1442هـ
  • خطبة عيد الأضحى 1443: جمال الإسلام
  • خطبة عيد الأضحى
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1443هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك ﴿وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾
  • أيها القابع في الشبهات، أما آنت توبتك قبل الممات؟

مختارات من الشبكة

  • خطبة الاستسقاء 1447 هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل التبكير لصلاة الجمعة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وما بعد العسر فرح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شهر رجب، فضله، ومحدثاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المواساة وجبر الخواطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أحكام المصافحة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة: المسلم الإيجابي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/6/1447هـ - الساعة: 13:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب