كيف أحافظ على مستواي الدراسي؟

ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

يُسعدنا أن نُرَحِّبَ بك في شبكة الألوكة، سائلينَ المولى القديرَ أن يُسددنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين.

عزيزتي، إن المشكلة التي تُواجهينها الآن في تراجُع مستواك الدراسي، وارتفاع شعور القلق والخوف من الفشل في إكمال دراستك الجامعية - تُعَدُّ من المشكلات الشائعة التي تُواجه طلبتنا في المراحل الجامعية الأولى، لا سيما في الدراسات الطبيَّة، وكذلك الهندسية، وتزداد هذه المشاعرُ وغيرُها مِن المشاعر السلبية الأخرى خصوصًا لدى الطلبة المتفوقين في المرحلة الثانوية، وما سبقها من المراحل الدراسية؛ حيث يشعر هؤلاءِ بفقدانهم سمة مهمة مِن سمات شخصياتهم التي عُرفوا واستأنسوا بها، وهي: سمةُ التفوق الأكاديمي، وهو ما أجد أنه يحصُل الآن معك.

فالطلبةُ في أغلب بلداننا - للأسف - غيرُ مُؤَهَّلين للتغيرات الكبيرة والجذرية التي تُواجههم في البيئة الجامعية من نواحٍ كثيرة؛ منها: نمَط التعليم بشكل عامٍّ، وأسلوب المحاضرات، وطريقة حصول الطالب على المعلومة بعيدًا عن الكتُب المنهجية التي اعتاد عليها، وفسحة الحرية في حضور هذه المحاضرة أو تلك، وغيرها الكثير.

لكن - وبشكلٍ عامٍّ - يبدأ الطالبُ لاحقًا بالتكيُّف مع هذا المناخ الجديد بعد بضعة فصول دراسيةٍ؛ لأنه يبدأ باستكشاف مهارات جديدة تُساعِدُه على دراسة وفَهم المواد، فيختصر جهودًا ووقتًا طويلًا كان يَبْذُلُه في الفصول الأولى؛ لأنه اعتمد في دراسته على الأسلوب التقليدي الذي اعتاده سابقًا.

وإني أرى - يا عزيزتي - أنك أيضًا ستجتازين هذه المرحلة - بإذن الله تعالى، وستتعرفين على الأسلوب الأمْثَل لدراسة المواد بما يُناسِبُ طبيعةَ كلٍّ منها، فيدفع عنك الملَلَ والسرحان أثناء دراستها، خاصة أنك أقررتِ بحبك لهذا التخصُّص، رغم ما تواجهين الآن في دراسته، ولأنك أيضًا أعربتِ عن انزعاجك مما تشعرين به من تقصير؛ فكلُّ هذه مُؤَشِّرات تدُلُّ على أنك تمتلكين من الإمكانات والقدرات المهمة التي تُعيدك إلى سُلَّم التفوق الذي أنت أهلٌ له.

كما أنصحك - يا عزيزتي - بمُرافقة المتفوِّقات في مرحلتك الدراسية الحالية؛ ليزدادَ الحافزُ الدراسي في نفسك معهنَّ، وكذلك اعتماد الدراسة مع المجموعة؛ حيث تساعدك هذه الطريقة على سهولة استرجاع وتذكُّر المعلومات، كما أنها تُبعد عنك الشعور بالملَل والتراخي في الدراسة.

أما عند دراستك بمفردك، فأنصحك بتخطيط نشاطٍ مُفرح أو محبَّبٍ إلى نفسك؛ (مثل: أكل طعام معين، أو مشاهدة برنامج ما، وغير ذلك) بعد كل ساعتين أو ثلاث ساعات تقررين دراستها، أو بعد استكمالك موضوعًا في المادة؛ إذ يُساعدك ذلك على الدراسة خلال تلك الساعات بدافعيةٍ وتركيزٍ أكثر؛ لأنه سيوجد لديك شعورٌ بانتظار أمر سارٍّ بعد جهدك، كما أنه سيُعَدُّ بمثابة مكافأة لنفسك على ما تقومين به مِن إنجاز، وهو ما سيُحَبِّب إليك الدراسة فيما بعدُ.

وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يُعينك، ويفتحَ لك أبواب العلم وينفع بك

وسنكون سُعداء بسماع أخبارك الطيبة مجددًا.