خطيبي ضعيف الشخصية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ أما بعد:

١- فاشكري الله تعالى أيتها الفاضلة أن منَّ عليكِ بطاعته، وتخطيتِ مراحلَ في حياتكِ حتى أصبحت صاحبة مكانة (أكاديمية)، تعلِّمين الآخرين وتوجهينهم.

٢- كون أنكِ تسعين للعفة، وتكوين أسرة وفرحة بالسعادة الزوجية، فهذا مطلب كل مسلمة صالحة، فنعم المطلب، وأشد على يدكِ في إتمامه؛ لحصول السكن والسعادة والذرية بإذن الله.

٣- كون أنكِ من فئة مجهولي النسب، آمُلُ بأن تُطوى هذه الصفحة من حياتكِ، وأنت أكاديمية تعرفين هذا تمامًا في النفسيات لمن استرسل معها، قدرٌ قد وقع ولله الحمد والمنة، حتى حياتكِ الأسرية مستقبلًا لا تُبنَى على هذا التأريخ في معرفة الأبناء والأحفاد؛ لأنه لا عائد من معرفته.

٤- اختياركِ لهذا الخطيب موفقٌ بإذن الله، وخاصة من نفس الفئة؛ للتجانس المتوقع مستقبلًا بين الطرفين.

٥- بالنسبة للشعور الذي تشعرينه تجاهه بالعطف والحنان، آمل أن يسبقه شعور بالحب والرجولة، وأنه يتحمل المسؤولية، وأنه أسد المستقبل، طبعًا يحصل هذا بتقديم الصفات الإيجابية التي يتمتع بها الخاطب، وتجاهل السلبيات؛ حتى تُتدارَك مستقبلًا.

٦- تقولين: إنه ضعيف الشخصية، فكيف حكمتِ عليه بمجرد كلام لعدة مرات بالهاتف؟ فمن المألوف أن الخاطب أو الشاب مع خطيبته هينٌ لينٌ، يحاول أن يقدم أفضل أساليب الكلام الذي ليس فيه اتخاذ قرار (فقط: حاضر، وعلى أمركِ، وما شابه ذلك)؛ خوفًا من حزن المخطوبة، أو أخذ تصور أنه فظٌّ غليظ القلب؛ لذا فقد يكون مؤشرًا، لكنه ليس حكمًا أكيدًا، فبداية كل زواج هذا نهج الخُطَّاب.

٧- آمل ألَّا يشعرَ منكِ أنه أقل قدرًا أو مكانة اجتماعية، وأنت أعلى منه، وإن كنتِ كذلك؛ لأن الرجال لا يقبلون مثل هذا الأسلوب.

٨- أيتها المصونة، تستطيعين بعد الزواج أن تقفي مع زوجكِ، ويكمل مسيرته العلمية بمساندتكِ، وتستطيعين أن ترفعي من قوة شخصيته بمسارين؛ أحدهما: داخل المنزل، والآخر: خارجه؛ ففي المنزل بأن تدربيه على قوة الشخصية واتخاذ القرار إذا تركتِ له الفرصة فيما يتخذه، أو يأمر به؛ ليكون حيز التنفيذ دون معارضة بأنكِ أفهم وأعلى رأيًا منه، وهذا طبعًا في حدود الحياة الزوجية والمعقولة، أما خارجه فعن طريق حثِّهِ على الدخول في دورات تدريبية لتطوير الذات وتنمية الشخصية.

٩- استعيني بالله تعالى بعد الاستخارة، واقبلي بهذا الخاطب، طالما رضيتِ دينه وخلقه، فهما الأساس في الحياة الزوجية؛ ففي الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خُطب إليكم من ترضَون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))؛ [حسنه الألباني في صحيح الترمذي].

10- واضح من طرحكِ ومن مبرراتكِ أنكِ مقتنعة به زوجًا، وترغيبن في الارتباط به، وأنه الشخصية المناسبة لوضعكِ من ناحية الفئة التي ذكرتِ، ومسارعة العمر والوحدة والخوف من الفتنة، والرغبة الشديدة في تكوين أسرة؛ فتوكلي على الله: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3].

11- تخوفكِ وترددكِ للفارق الثقافي والفكري، فهذا كله نسبي، فكم من الشباب مَن صعد العلا بعد زواجه، عندما أُتحيت له الفرصة! فلا يكن هذا عائقًا في إتمام المشروع.

12- أكثري من الدعاء واللجوء لله تعالى بأن يكتب لكِ الخير أينما كان، وأن يصرف عنكِ الشر أيًّا كان.

13- لا تحاولي الإكثار من استشارة الزميلات إلا من كانت صادقة في مشورتها؛ فأنتِ لكِ ظروف خاصة لا بد من مقارنتها مع التنازلات التي تحقق لكِ مرادكِ، وما كل ما يتمنى المرء يدركه، فلتكن ثقتكِ بالله أقوى من كل اعتبار.

14- أحب أن أطمئنكِ أن الزواج فيه الخير الكثير من: سكن وعفة، ومودة ورحمة، وحب واستقرار، وزينة بحب الذرية، وغيرها كثير، أما الأمور الأخرى (الجاه، الثقافة، المال)، فيمكن تداركها، وليست عائقًا كبيرًا بين الزوجين، فيمكن تحقيق المعادلة بالتنازل والتغافل، ومحاولة تدارك ما يكمن تداركه، والله يعين من صدق معه.

15- عدم شعوركِ تجاه خطيبكِ الآن بالحب والتعلق، فإن ذلك سيتحقق بعد الزواج، فقط اجعلي بين عينيكِ الصفات الإيجابية التي يتمتع بها زوجكِ؛ ليعظُمَ في نظركِ بها، وتغافلي عن السلبيات، واعملي على تعديلها وتحويلها لإيجابيات.

أسأل الله أن يوفقكِ ويسدد خطاكِ، ويرزقكِ الزوج الصالح الذي يسعدكِ، وتكوِّنين معه أسرة وذرية صالحة.