• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

خطبة عن الصحابية أم سليم

د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/8/2017 ميلادي - 22/11/1438 هجري

الزيارات: 30213

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن الصحابية أم سليم

 

الخطبة الأولى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ...

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]...

 

أمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللَّهِ- فإنَّ تَقْوَاهُ أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ والذَّخَائِرِ، ولا تَكُونُوا كالَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةِ اللهِ كُفْرًا...

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2].

 

أيُّهَا المسلِمُونَ... لَا يَخْفَاكُمْ مَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ مَكَانَةٍ فِي الْإِسْلامِ وَمَنْزِلَةٍ رَفِيعَةٍ، جَعَلَتْ مِنْهَا الْفَقِيهَةَ وَالشَّاعِرَةَ وَالْمُرَبِّيَةَ وَالْمُجَاهِدَةَ، فَهِي فِي الْحَقِيقَةِ مَدْرَسَةٌ تُرَبِّي الْأَجْيَالَ وَالْأُمَمَ، نَجَاحُهَا نَجَاحٌ لِلْأُمَّةِ، وَإِخْفَاقُهَا هَلَاكٌ وَضَيَاعٌ لِلْجَمِيعِ؛ وَلِذَا رَأَيْنَا مِنْ نِسَاءِ فَجْرِ الْإِسْلامِ وَمَا بَعْدَهُ نِسَاءً يَضْحَكُ لَهُنَّ التَّارِيخُ، وَيَسْتَبْشِرُ بِهِنَّ الزَّمَانُ، مِنْ حُسْنِ صُنْعِهِنَّ، ونَصَاعَةِ أَفْعَالِهِنَّ، نِسَاءٌ تَعْدِلُ أُمَمًا، وَتُحَاكِي مِنَ الرِّجَالِ عَدَدًا.

 

وَمِنْ تِلْكَ النِّسَاءِ سَيِّدَةٌ فَاضِلَةٌ، وَامْرَأَةٌ مُرَبِّيَةٌ مُضَحِّيَةٌ، هِي صَحَابِيَّةٌ جَلِيلَةٌ، جَاهَدَتْ بِنَفْسِهَا، وَقَدَّمَتْ وَلَدَهَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمًا.

 

هِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ، الغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ الأَنْصَارِيَّةُ الخَزْرَجِيَّةُ، أُمُّ خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، مِنْ أَفَاضِلِ النِّسَاءِ.

 

مَاتَ زَوْجُهَا مَالِكُ بنُ النَّضْرِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بنُ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَبَا عُمَيْرٍ، وَعَبْدَاللهِ، وَكَانَتْ أَغْلَى النِّسَاءِ فِي زَوَاجِهَا مَهْرًا.

 

فعَنْ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ: أَنَّهَا آمَنَتْ بِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ غَائِباً، فَقَالَ: أَصَبَوْتِ؟ فَقَالَتْ: مَا صَبَوْتُ، وَلَكِنِّي آمَنْتُ، وَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَساً: قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قُلْ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، فَفَعَلَ، فَيَقُوْلُ لَهَا أَبُوْهُ: لاَ تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي. فَتَقُوْلُ: إِنِّي لاَ أُفْسِدُهُ، فَخَرَجَ مَالِكٌ، فَلَقِيَهُ عَدُوٌّ لَهُ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَتْ: لاَ جَرَمَ، لاَ أَفْطِمُ أَنَساً حَتَّى يَدَعَ الثَّدْيَ، وَلاَ أَتَزَوَّجُ حَتَّى يَأْمُرُنِي أَنَسٌ.

 

فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ، فَأَبَتْ، لَكِنَّ أبَا طَلْحَةَ عَاوَدَ وَطَلَبَهَا للزَّوَاجِ فَطَلَبَتْ مِنْهُ مَهْرًا غَالِيًا رَفِيعًا، يَقُولُ ابْنُهَا أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ.

 

فَقَالَتْ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ أَتَزَوَّجَ مُشْرِكاً، أَمَا تَعْلَمُ يَا أَبَا طَلْحَةَ أَنَّ آلِهَتَكُمْ يَنْحَتُهَا عَبْدُ آلِ فُلاَنٍ، وَأَنَّكُمْ لَو أَشْعَلْتُم فِيْهَا نَاراً لاحْتَرَقَتْ. قَالَ: فَانْصَرَفَ وَفِي قَلْبِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَاهَا، وَقَالَ: الَّذِي عَرَضْتِ عَلَيَّ قَدْ قَبِلْتُ. قَالَ: فَمَا كَانَ لَهَا مَهْرٌ إِلاَّ الإِسْلاَمُ".. فمَا سُمِع بِامْرَأَةٍ قَطُّ كَانَتْ أَكْرَمَ مَهْرًا مِنْ أُمٍّ سُلَيْمٍ.

 

عِبَادَ اللهِ... إِنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا كَانَتْ تَخْرُجُ فِي الْجِهَادِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتُطَبِّبُ الْجَرْحَى وَتُعَالِجُ الْمَرْضَى، وَتَحْمِلُ الْمَاءَ، بَلْ وَكَانَتْ تَحْمِلُ سِلاَحَهَا؛ فَقَدْ حَفِظَ التَّارِيخُ أَنَّهَا شَهِدَتْ غَزْوَةَ أُحُدٍ وحُنَيْنٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا فَكَانَ مَعَهَا، فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذَا الْخِنْجَرُ؟" قَالَتْ: اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ.

 

وَلَقَدْ كَانَتْ أَمُّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَأْخُذُ مِنْ عَرَقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَخْلِطَهُ عَلَى الطِّيبِ، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمّا أَرادَ أَن يَحلِقَ رَأسَهُ بِمِنىً أَخَذَ أَبو طَلحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ شِقَّ شَعْرِهِ فَحَلَقَ الْحَجَّامُ فَجاءَ بِهِ إِلَى أُمِّ سُلَيمٍ فَكانَتْ أُمُّ سُلَيمٍ تَجْعَلُهُ في سُكِّهَا، قالَتْ أُمُّ سُلَيمٍ: وكانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجيءُ يَقيلُ عِنْدِي عَلَى نِطْعٍ، وكانَ مِعْرَاقًا، قالَتْ: فَجاءَ ذَاتَ يَومٍ فَجَعَلتُ أَسْلُتُ العَرَقَ فَأَجْعَلُهُ في قَارُورَةٍ لي..

 

فَاسْتَيقَظَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا تَجْعَلِينَ يَا أُمَّ سُلَيمٍ؟ فَقالَتْ: بَاقِي عَرَقِكَ أُرِيدُ أَن أَدُوْفَ بِه طِيبِي. أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ.

 

وَمِنْ شَوَاهِدِ حُبِّهَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَفِيرَةٌ- أَنَّ ابْنَهَا أَنَسًا كَانَتْ لَهُ ذُؤَابَةٌ تَتَمَايَلُ علَى جِبِينِهِ، فَرَغِبَ إِليهَا زَوْجُهَا أَنْ تَقُصَّهَا لَهُ بَعْدَ أَنْ طَالَتْ فَأَبَتْ ذَلِكَ؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كُلَّمَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ أَنَسٌ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ وَمَسَّ ذُؤَابَتَهُ الْمُدَلاَّةَ عَلَى جَبِينِهِ.

 

وَمِنْ تِلكَ الشَّوَاهِدِ مَا حَدَثَ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ ......

 

ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ.

 

فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟" فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "بِطَعَامٍ؟" قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ: "قُومُوا" فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ، فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَأَقْبَلَ أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكِ" فَأَتَتْ بِذَلِكَ الخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا.

 

ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: "ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ" فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا، ثُمَّ أَذِنَ لِعَشَرَةٍ فَأَكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالقَوْمُ ثَمَانُونَ رَجُلًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

ايها الاخوة.. لقد كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا نِعْمَ الْمَرْأَةُ، مَا أَعْقَلَهَا وَأَشَدَّ فِطْنَتَهَا، لَمْ تَنْسَ وَلَدَهَا مِنَ التَّرْبِيَةِ الصَّالِحَةِ، فَفَعَلَتْ فِعْلاً يَدُلُّ عَلَى رَجَاحَةِ عَقْلِهَا، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ: "أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ" ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ المَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي خُوَيْصَةً، قَالَ: "مَا هِيَ؟"، قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ. فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ، قَالَ: "اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ".

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... وَإِنَّ مِمَّا يَدُلُّ علَى قُوَّةِ إِيمَانِ أُمِّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَشِدَّةِ صَبْرِهَا، مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبِيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي، قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارُوا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: "أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا" فَوَلَدَتْ غُلاَمًا، فَأَتَى بِهِ أَبُو طَلْحَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَنَّكَهُ بِتَمْرٍ كَانَ مَعَهُ، وَسَمَّاهُ عَبْدَاللَّهِ. يَقُولُ الرَّاوِي: فَلَقَدْ رَأَيْتُ لِذَلِكَ الغُلاَمِ سَبْعَ بَنِيْنَ، كُلُّهُمْ قَدْ خَتَمَ القُرْآنَ.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَنَا وذريَّاتِنا وبناتِنا، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

♦♦♦♦♦


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.. أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللَّهِ- وَفِرُّوا مِنْهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا مَلْجَأَ مِنْهُ إلَّا إِلَيْهِ؛ ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الذاريات: 50].

عِبادَ اللهِ: إِنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لِهِيَ مِثَالٌ صَادِقٌ فِي الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَنَمُوذَجٌ مُشَرِّفٌ فِي اتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَحَبَّتِهِ الْمَحَبَّةَ الصَّادِقَةَ، هِيَ أُمٌّ فَاضِلَةٌ، وَمُرَبِّيَةٌ نَاصِحَةٌ، وَزَوْجَةٌ عَاقِلَةٌ، وَامْرَأَةٌ مُؤْمِنَةٌ وَهَبَتْ حَيَاتَهَا لِدِينِهَا؛ فَلَا عَجَبَ إِذَنْ أَنْ يُبَشِّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ وَهِيَ لاَ تَزَالَ تَتَنَفَّسُ وَتَمْشِي على الأَرْضِ؛ فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ، امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ".

 

إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهَا وَسَلَكَ طَرِيقَهَا لِحَرِيٌّ بِنِسَائِنَا وَبَنَاتِنَا أَنْ يَتَّخِذْنَهَا قُدْوَةً، وَأَنْ يَجْعَلْنَهَا نِبْرَاسًا.. يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ تَكُونَ تَرْبِيَتُنَا لنِسَائِنَا وَبَنَاتِنَا عَلَى مِثْلِ سِيَرِهِنَّ، وَأَنْ نُنْشِأَ جِيلًا مِنْهُنَّ عَلَى سِيرَةِ عَائِشَةَ وَخَدِيجَةَ وَفَاطِمَةَ وَأُمِّ سُلَيْمٍ، لَا أَنْ نَفْتَحَ لَهُنَّ الْقَنَوَاتِ الْهَابِطَاتِ؛ لِيَتَّخِذْنَ مِنَ السَّاقِطَاتِ لَهُنَّ قُدْوَاتٍ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكُوَرِ، وَمِنَ الضَّلاَلَةِ بَعْدَ الْهِدَايَةِ.

 

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ مَنْ قَالَ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

اللَّهُمَّ انْصُرِ الإِسْلامَ وأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ بِفَضْلِكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ والدِّينِ، وَمَكِّنْ لِعِبَادِكَ الْمُوَحِّدِينَ، واغْفِرْ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والأَمْوَاتِ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأعَزُّ الْأكْرَمُ... اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُم.

اللهمَّ وَفِّقْ ولي أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بِنَاصِيتهِ لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، واجْعَلْ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ واتَّقَاكَ.

اللهُمَّ انْصُرْ جُنودنَا فِي الحَدِّ الجّنُوبِيِّ وفي كلِّ مكانٍ، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ علَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، وَرُدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ، وأَنْتَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • معالم من تربية أم سليم رضي الله عنها
  • فوائد من قصة أم سليم مع أبي طلحة
  • الصحابي عبد الله بن حرام
  • من هي الرميصاء؟
  • صحابية قدوة للنساء
  • الصحابية أم سليم بنت ملحان

مختارات من الشبكة

  • عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين دين ودين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (32) «لا ضرر ولا ضرار» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مصعب بن عمير باع دنياه لآخرته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف يتحلى الشباب بالوقار؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات: أهميته وسير الثابتين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لفي خسر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاشوراء: فضل ودروس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظمة القرآن تدل على عظمة الرحمن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة الصحابة رضي الله عنهم في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/2/1447هـ - الساعة: 16:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب