• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   أخبار   نور البيان   سلسلة الفتح الرباني   سلسلة علم بالقلم   وسائل تعليمية   الأنشطة التعليمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تدريب على التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالكسر مع المد بالياء
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على الشدة مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع التنوين بالفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد اللازم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تدريبات على التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    التشديد بالضم مع المد بالواو
    عرب القرآن
  •  
    تعليم الحرف المشدد مع الفتحة للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    الضمة والشدة
    عرب القرآن
  •  
    التشديد مع الكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التشديد مع الفتح
    عرب القرآن
  •  
    تعليم السكون للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين بالضم للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    شرح التنوين بالكسر
    عرب القرآن
  •  
    تعليم التنوين للأطفال
    عرب القرآن
  •  
    تعليم المد المتصل للأطفال
    عرب القرآن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الموت والقبر واليوم الآخر
علامة باركود

خطبة النهاية المحتومة الموت

خطبة النهاية المحتومة الموت
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/6/2022 ميلادي - 9/11/1443 هجري

الزيارات: 17415

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة النهاية المحتومة الموت


الخطبة الأولى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ..

عبَادَ اللهِ: حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنْ سَاعَةٍ وَلَحْظَةٍ حَاسِمَةٍ لَا تَتَكَرَّرُ، سَيَمُرُّ بِهَا كُلٌّ مِنَّا، شَاءَ أَمْ أَبَى! إِنَّهَا سَاعَةُ الْـمَوْتِ! وَالِانْتِقَالُ مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ، قَالَ اللهُ -جَلَّ فِي عُلَاهُ-: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185]؛ فَالْـمَوْتُ نِهَايَةُ كُلِّ مَخْلُوقٍ:

كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ
يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ

فَسَاعَةُ الْـمَوْتِ سَاعَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ -كَائِنًا مَنْ كَانَ- أَنْ يُؤَخِّرَهَا عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ لِسَاعَةٍ، حَتَّى يَتَدَارَكَ مَا فَاتَهُ، وَيُصَحِّحَ مِنْ أَوْضَاعِهِ، قَالَ اللهُ: ﴿ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [يس: 50]؛ فَهِيَ تَأْخُذُهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ فِي جِدَالِـهِمْ وَخِصَامِهِمْ فِي مُعْتَرَكِ الْحَيَاةِ، لَا يَتَوَقَّعُونَهَا، وَلَا يَحْسِبُونَ لَهَا حِسَابًا، فَإِذَا هُمْ مُنْتَهُونَ، كُلٌّ عَلَى حَالِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، لَا يَمْلِكُ أَنْ يُوصِيَ لِـمَنْ بَعْدَهُ، وَلَا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَيُوصِيهِمْ بِمَا فِيهِ مَصَالِـحِهِ وَإِنْقَاذِ نَفْسِهِ. وهَذَا إِنْذَارٌ لِأَهْلِ الْغَفْلَةِ الَّذِينَ غَفَلُوا عَنِ الْـمَوْتِ، وَشَغَلَتْهُمُ الدُّنْيَا عَنْ تَذَكُّرِهِ، فَفَاجَأَهُمُ الْـمَوْتُ؛ فَلَا يُسْعِفُهُمُ الْوَقْتُ لِيُصْلِحَ مَا يُمْكِنُ إِصْلَاحُهُ؛ فَالْـمَوْتُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَبْطِئَهُ مِنَّا أَحَدٌ؛ فَلَا أَحَدَ يَعْلَمُ مَوْعِدَ رَحِيلِهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْـمَوْتِ مِنْ عَمَلٍ وَلَا تَوْبَةٍ وَلَا اسْتِدْرَاكِ شَيْءٍ وَلَا تَصْحِيحِ وَضْعٍ.

 

سُبْحَانَ اللهِ! إِذَا نَزَلَ الْـمَوْتُ لَا يَسْتَطِيعُ الْوَاحِدُ مِنَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ؛ فَكَيْفَ إِلَى فِعْلٍ يَحْتَاجُ إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَرَدِّ الْـمَظَالِـمِ، وَاخْتِيَارِ التَّوْصِيَةِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْكَلِمَاتِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى أَهَمِّ الْكَلِمَاتِ؛ فَإِنَّ الْحَاجَةَ فِي وَقْتِ الْـمَوْتِ إِلَى التَّوْصِيَةِ أَمَسُّ وَالتَّنْكِيرَ فِي التَّوْصِيَةِ لِلتَّعْمِيمِ؛ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَوْصِيَةٍ مَا، وَلَو كَانَت بِكَلِمَةٍ يَسِيرَةٍ، وَلأَنَّ التَّوْصِيَةَ قَدْ تَحْصُلُ بِالْإِشَارَةِ؛ فَالْعَاجِزُ عَنْهَا عَاجِزٌ عَنْ غَيْرِهَا، قَالَ تَعَالَى﴿ وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [يس: 50]، بَيَانٌ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى التَّوْصِيَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَرْجُو الْوُصُولَ إِلَى أَهْلِهِ قَدْ يُمْسِكُ عَنِ الْوَصِيَّةِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، فَإِذَا لَـمْ يَسْتَطِعْ مَعَ الْحَاجَةِ دَلَّ عَلَى غَايَةِ الشِّدَّةِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100]]؛ فَسُؤَالُ الرَّجْعَةِ فِي الْآيَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْكَافِرِ، بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مُفَرِّطٍّ، فَيُخْبِرُ اللهُ -تَعَالَى- عَنْ حَالِ مَنْ حَضَرَهُ الْـمَوْتُ، مِنَ الْـمُفَرِّطِينَ الظَّالِـمِينَ، أَنَّهُ يَنْدَمُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، إِذَا رَأَى مَآلَهُ، وَشَاهِدَ قُبْحَ أَعْمَالِهِ فَيَطْلُبُ الرَّجْعَةَ إِلَى الدُّنْيَا، لَا لِلتَّمَتُّعِ بِلَذَّاتِهَا وَاقْتِطَافِ شَهَوَاتِهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى:﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ مِنَ الْعَمَلِ، وَفَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ. ﴿ كَلَّا ﴾؛ أَيْ: فَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَلَا إِمْهَالَ، فَقَدْ قَضَى اللهُ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ، ﴿ إِنَّهَا ﴾؛ أَيْ: مَقَالَتُهُ الَّتِي تَمَنَّى فِيهَا الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا، ﴿ كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ﴾؛ أَيْ: مُجَرَّدُ قَوْلٍ بِاللِّسَانِ، لَا يُفِيدُ صَاحِبَهُ إِلَّا الْحَسْرَةَ وَالنَّدَمَ.﴿ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾؛ أَيْ: حَاجِزٌ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفِي هَذَا البَرْزَخِ، يَتَنَعَّمُ الْـمُطِيعُونَ، وَيُعَذَّبُ الْعَاصُونَ، مِنِ ابْتِدَاءِ مَوْتِهِمْ وَاسْتِقْرَارِهِمْ فِي قُبُورِهِمْ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ؛ فلْيَعُدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ، وَلْيَأْخُذُوا لَهُ أُهْبَتَهُ. فَفَكِّرْ -يَا عَبْدَ اللهِ- فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ شَهْوَتِكَ وَمَحَابِّكَ، وَانْقَطَعَتْ عَنْكَ فُرْصَةُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَهَجَمَتْ عَلَيْكَ الشَّدَائِدُ الْعِظَامُ، وَوَقَعْتَ فِي الْأَخْطَارِ الْجِسَامِ، فَنَادَيْتَ عِنْد ذَلِكَ نَادِمًا: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ فَلَمْ يُجَبْ نِدَاؤُكَ، وَلَـمْ تُعْطَ سَاعَةً وَاحِدَةً تَتُوبُ فِيهَا إِلَى اللهُ -تَعَالَى- وَتَسْتَرْضِيهِ. وَلْيَكُنْ -يَا عَبْدَ اللهِ- هَذَا النِّدَاءُ ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾ عَلَى بَالِكَ طَالَـمَا أَنَّكَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ؛ لَا تَغْفَلْ عَنْهُ أَبَدًا؛ فَإِنَّهُ إِذَا بَاشَرَ الْقَلْبَ أَحْدَثَ فِيهِ خَوْفًا شَدِيدًا؛ فَحَصَّلَتْ بِعَوْنِ اللهِ -تَعَالَى- التَّقْوَى، وَانْخَلَعَ الْعَبْدُ مِنَ الْـمَعَاصِي، وَبَادَرَ بِالصَّالِحَاتِ سَاعَةَ الْأَجَلِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ﴾ [المنافقون: 11] فَالْآجَالُ لَا مَجَالَ فِيهَا لِلتَّأْجِيلِ؛ فَهِيَ مَحْتُومَةٌ، مُحَدَّدَةٌ مَوْقُوتَةٌ؛ فكُلُّ غَافِلٍ وَمُفَرِّطٍ يَنْدَمُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، نَدَمًا لَا يُجْدِي، وَيَسْأَلُ أَنْ يُطَالَ فِي عُمُرِهِ، وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ؛ لِيَسْتَدْرِكَ مَا فَاتَهُ، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! وَكَانَ مَا كَانَ، وَأَتَى مَا أَتَى وَكُلٌّ بِحَسَبِ تَفْرِيطِهِ، وَمُحْتَضِرٌ يَفِيقُ إِفَاقَةً وَيَنْتَبِهُ انْتِبَاهًا لَا يُدْرِكُهُ مَنْ حَوْلَهُ، انْتِبَاهٌ لَا يُوصَفُ، وَيَقْلَقُ قَلَقًا لَا يُتَصَوَّرُ، وَيَتَلَهَّفُ حَسْرَةً عَلَى زَمَنِهِ الْـمَاضِي، وَيَتَمَنَّى لَوْ تُرِكَ كَيْ يَتَدَارَكَ مَا فَاتَهُ بِإِعْلَانِ تَوْبَةٍ، لَعَلَّهَا تُنْقِذُهُ وَمِنْ عَذَابِ اللهِ تُخَلِّصُهُ، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! لَقَدْ فَرَّطَ فِي زَمَنِ الْعَمَلِ، وَتَسَاهَلَ فِي فَتْرَةِ الزَّرْعِ، مَعَ أَنَّ النَّذِيرَ قَدْ جَاءَهُ وَالتَّحْذِيرَ قَدْ وَصَلَ إِلَى مَسَامِعِهِ، وَلَكِنَّ التَّسْوِيفَ وَالتَّأْجِيلَ وَطُولَ الْأَمَلِ وَالْخُضُوعَ لَإِبْلِيسَ، حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ وَسُرْعَةِ الْأَوْبَةِ وَالرَّجْعَةِ! وَلَوِ اسْتَشْعَرَ الْعَاقِلُ وَهُوَ فِي أَوَانِ عَافِيَتِهِ تِلْكَ السَّاعَةَ، لَحَصَلَ كُلُّ مَقْصُودٍ، وَنَالَ كُلَّ مَطْلُوبٍ؛ فطَالَـمَا نَعْلَمُ أَنْ سَنَنْدَمَ عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِي جَنْبِ اللهِ، وَأَنَّنَا سَنَتَحَسَّرَ عَلَى ذُنُوبِنَا؛ فَلِمَاذَا لَا نُبَادِرُ قَبْلَ الْفَوَاتِ؟ وَنَسْتَعِدُّ لَهُ غَايَةَ الِاسْتِعْدَادَ.

أَحْسَنَ اللهُ بِنَا أَنَّ الْخَطَايَا لَا تَفُوحُ
فَإِذَا الْمَسْتُورُ مِنَّا بَيْنَ ثَوْبَيْهِ فَضُوحُ
كَمْ رَأَيْنَا مِنْ عَزِيزٍ طُوِيَتْ عَنْهُ الْكُشُوحُ
صَاحَ مِنْهُ بِرَحِيلٍ طَائِرُ الدَّهْرِ الصَّدُوحُ
سَيَصِيرُ الْمَرْءُ يَوْمًا جَسَدًا مَا فِيهِ رُوحٌ
بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ حَيٍّ عَلَمُ الْمَوْتِ يَلُوحُ
كُلُّنَا فِي غَفْلَةٍ، وَالْمَوْتُ يَغْدُو وَيَرُوحُ
كُلُّ نَطَّاحٍ مِنَ الدَّهْرِ لَهُ يَوْمٌ نَطُوحُ
نُحْ عَلَى نَفْسِكَ يَا مِسْكِينُ إِنْ كُنْتَ تَنُوحُ
لَتَمُوتَنَّ وَلَوْ عَمَّرْتَ مَا عَمَّرَ نُوحُ

 

الَّلهُمَّ أَحْسَنْ خَاتِمَتَنَا وَتَوَفَّنَا وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا غَيْرَ غَضْبَانَ، الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ:

عباد الله: عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَعِدَّ لِلْمَوْتِ حَقَّ الِاسْتِعْدَادِ، وَأَنْ نَصْحَى مِنْ هَذِهِ الْغَفْلَةِ وَنَفِيقُ مِنْ هَذِهِ الْغَفْوَةِ، وَقَدْ نَبَّهَنَا اللهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1]؛ فَالْآيَاتُ فِيهَا النَّذْرُ وَالْحَسْرَةُ مِنَ الظَّالِـمِ عِنْدَ اقْتِرَابِ الْـمَوْتِ وَرُؤْيَةِ الْعَذَابِ تَتَابَعَتْ فِي الْقُرْآنِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ [الشورى: 44]؛ فَيَا لَهُ مِنْ مَرْأًى وَمَنْظَرٍ فَظِيعٍ وَصَعْبٍ شَنِيعٍ، بِظُهُورِ النَّدَمِ الْعَظِيمِ، وَالْحُزْنِ الَّذِي لَا يُضَاهِيهِ حُزْنٌ عَلَى مَا سَلَفَ، يَا لِعِظَمِ تَعْبِيرِ الْقُرْآنِ: ﴿ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ﴾؛ أَيْ: هَلْ لَنَا مِنْ طَرِيقِ أَوْ حِيلَةٍ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا لِنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ طَلَبٌ مُحَالٌ أَنْ يَتَحَقَّقَ. أَجَارَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ ذَلِكَ. فَأَدِمْ -أَيُّهَا الْـمُسْلِمُ- التَّفَكُّرَ فِي الْـمَوْتِ، وَاجْعَلْ تَحْتَ نَاظِرَيْكَ النَّارَ، وَسَتَرَاهَا عَيَانًا يَنْخَلِعُ مِنْهَا الْقَلْبُ؛ فَأَنْتَ -أَيُّهَا الْـمُؤْمِنُ- موقنٌ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتَعَلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ؛ فتَيَقَّظْ قَبْلَ أَنْ يُفَاجِئَكَ هَوْلُ الْـمَوْتِ وَسَكْرَتُهُ، وَيَحُلُّ بِكَ أَلَـمُ الْفَوْتِ وَحَسْرَتُهُ، وَتُوضَعُ فِي حُفْرَةٍ، إِمَّا أن تكون مُنِيرَةً أَوْ مُظْلِمَةً، إِنَّ هُنَاكَ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يُحِبُّ ذِكْرَ الْـمَوْتِ وَلَا ذِكْرَ الْقُبُورِ، وَذَاكَ -وَرَبِّي- مِنْ تَلْبِيسِ إِبْلِيسَ، حَتَّى يَعِيشَ فِي غَفْلَةٍ؛ لِذَا: يَقُول الرَّسُول -صَلَّى اللهُ عَلَيْه- فِي الحَدِيث الصَّحِيح: "فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ"؛ فَلَا يَعْبَثَنَّ بِكَ الشَّيْطَانُ؛ فَالْقَبْرُ لَا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَهُ شِئْتَ أَمْ أَبِيْتَ؛ فَلَا تَخْدَعْ نَفْسَكَ، وَلَا تَغُضَّ الطَّرْفَ عَنْ حَقِيقَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَاثِلَةً أَمَامَ عَيْنَيْكَ. أَحْسَنَ اللهُ خَاتِمَتَنَا..

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هو الموت ( خطبة )
  • الموت (خطبة)
  • أحداث الموت والقبر (خطبة)
  • ماذا يحصل عندما تغيب النهاية؟ (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إشارات في نهاية عام فات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كفى بالموت واعظا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كفى بالموت واعظا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو الإيمان بالموت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آثارك بعد موتك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم والعلماء والتذكير بالموت والفناء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مظاهر الأدب مع رسول الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: البشرى للمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع سورة المرسلات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/5/1447هـ - الساعة: 15:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب