• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة: { وما النصر إلا من عند الله }

خطبة: { وما النصر إلا من عند الله }
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/10/2023 ميلادي - 30/3/1445 هجري

الزيارات: 65611

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وما النصر إلا من عند الله

 

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَالمُسلِمُ يَتَأَمَّلُ في أَوضَاعِ العَالَمِ مِن حَولِهِ، وَيَقرَأُ التَّأرِيخَ عَلَى مَدَى عُقُودٍ طَوِيلَةٍ، يَرَى أَنَّ المُسلِمِينَ وَخَاصَّةً في القُرُونِ المُتَأَخِّرَةِ، كَانُوا وَمَا زَالُوا، يُعَانُونَ مِنِ ابتِلاءَاتٍ وَشَدَائِدَ وَبَأسَاءَ وَضَرَّاءَ، استَضعَفَهُم أَعدَاؤُهُم وَاحتَلُّوا بُلدَانَهُم، وَنَهَبُوا ثَرَوَاتِهَا وَسَرَقُوا خَيرَاتِهَا، ثم لَمَّا خَرَجُوا مِنهَا بَعدَ جِهَادِ أَهلِهَا وَمُقَاوَمَتِهِم لاحتِلالِهِم، لم يَشَأْ أُولَئِكَ الأَعدَاءُ أَن يَترُكُوهَا آمِنَةً مُطمَئِنَّةً، حَتى شَغَلُوهَا بِالفِتَنِ وَالقَلاقِلِ وَالمُشكِلاتِ المُتَوَالِيَةِ، الَّتي مِن أَسوَأِ نَتَائِجِهَا القَتلُ وَالتَّروِيعُ وَالإِفقَارُ وَالتَّجوِيعُ، فَلا تَكَادُ حَربٌ تَضَعُ أَوزَارَهَا في نَاحِيَةٍ حَتى تَقُومَ في أُخرَى، وَلا مُشكِلَةٌ تُحَلُّ في مَوضِعٍ إِلاَّ وَتُعقَدَ حِبَالُ أُخرَى في مَوضِعٍ آخَرَ، وَمَا زَالَت وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ وَالقَنَوَاتُ، تَنقُلُ لَنَا مَشَاهِدَ مِن هُنَا وَمِن هُنَاكَ، قَتلٌ وَتَعذِيبٌ وَدِمَاءٌ وَأَشلاءٌ، وَإِهَانَةٌ لِلشُّيُوخِ وَالعَجَائِزِ وَالضُّعَفَاءِ، وَاستِضعَافٌ لِلأَقوِيَاءِ وَهَتكٌ لأَعرَاضِ النِّسَاءِ، وَتَدمِيرٌ وَتَهجِيرٌ وَتَغيِيرٌ وَتَغرِيرٌ، في مَشَاهِدَ تَقشَعِرُّ لَهَا الأَبدَانُ، وَتُستَدَرُّ بِهَا دُمُوعُ الأَشِدَّاءِ مِنَ الرِّجَالِ قَبلَ الرُّحَمَاءِ، يَرَاهَا العَالَمُ المُتَحَضِّرُ وَيَسمَعُهَا بِالصَّوتِ وَالصُّورَةِ، لَكِنَّ الكُفَّارَ عَلَى مُختَلِفِ أَديَانِهِم وَمَذَاهِبِهِم، كَانُوا وَمَا زَالُوا أَعدَاءً مُنَابِذِينَ لِلمُؤمِنِينَ: ﴿ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ﴾ [التوبة: 10].

 

وَيَتَسَاءَلُ المُؤمِنُونَ كَمَا تَسَاءَلَ أَسلافُهُم: "مَتَى نَصرُ اللهِ"، لِيَجِيءَ الرَّدُّ مِنَ اللهِ تَعَالى مُبَاشَرَةً وَبِاختِصَارٍ: ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214]، وَمَعَ أَنَّ استِبطَاءَ النَّصرِ وَتَعَجُّلَ الفَرَجِ نَزعَةٌ بَشَرِيَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ، إِلاَّ أَنَّ المُؤمِنَ يُعَالِجُ ذَلِكَ بِحُسنِ الظَّنِّ بِاللهِ، وَتَلَمُّسِ الحِكَمِ البَالِغَةِ وَتَأَمُّلِ عَظِيمِ الغَايَاتِ مِن وَرَاءِ الابتِلاءَاتِ؛ لأَنَّ اللهَ تَعَالى عَلِيمٌ حَكِيمٌ، لا يُمكِنُ أَن يَكُونَ في الكَونِ شَيءٌ إِلاَّ بِأَمرِهِ وَتَقدِيرِهِ، وَهُوَ تَعَالى أَحكَمُ وَأَعلَمُ، وَأَرحَمُ بِالمُؤمِنِينَ مِن أَن يُقَدِّرَ عَلَيهِم إِلاَّ مَا هُوَ خَيرٌ لَهُم، وَمِن أَن يَجعَلَ الغَلَبَةَ دَائِمًا لِعَدُوِّهِم عَلَيهِم، غَيرَ أَنَّهُم يَجِبُ أَن يَكُونُوا عَلَى عِلمٍ وَدِرَايَةٍ، أَنَّ لِلنَّصرِ أَسبَابًا لا يَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِهَا، وَالأَيَّامُ دُوَلٌ وَاللَّيَالي غَيرُ مَأمُونَةٍ، وَالدُّنيَا تَتَقَلَّبُ وَالأَحوَالُ تَتَحَوَّلُ.

 

وَلَقَد تَبَيَّنَ مِن خِلالِ الأَحدَاثِ الَّتي جَرَت وَتَعَدَّدَت وَتَنَوَّعَت أَنَّ أَهَمَّ أَسبَابِ النَّصرِ الَّتي يَجِبُ عَلَى مَن كَانَ في حَربٍ وَيُرِيدُ كَسبَهَا، أَو مَن كَانَ في أَمنٍ وَيُرِيدُ المُحَافَظَةَ عَلَيهِ، تَحقِيقُ التَّوحِيدِ وَتَصفِيَةُ العَقِيدَةِ، وَوُضُوحُ الغَايِةِ وَاستِبَانَةُ السَّبِيلِ، فَمَهمَا ادَّعَى مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يُرِيدُ الخَيرَ بِمُجتَمَعَاتِ المُسلِمِينَ، أَو زَعَمَ مَن زَعَمَ أَنَّهُ يُرِيدُ صَلاحَهَا وَرُقِيَّهَا وَتَقَدُّمَهَا، فَإِنَّ مُلِمَّاتِ الدُّنيَا وَمَصَائِبَهَا تَفضَحُ كَثِيرًا مِنَ المُتَظَاهِرِينَ بِإِرَادَةِ الخَيرِ، وَتَكشِفُ كَذِبَ المُرَدِّدِينَ لِلشِّعَارَاتِ الجَوفَاءِ، فَيَنَفَضُّونَ عِندَ أَدنى مُصَابٍ يُصِيبُ الأُمَّةَ وَيَتَفَرَّقُونَ، وَيُسلِمُونَهَا لِلعَدُوِّ وَيَبتَعِدُونَ عَنهَا، إِنْ لم يَكُونُوا جُنُودًا في صُفُوفِ أَعدَائِهَا وَحَربًا عَلَيهَا، وَحِينَئِذٍ لا يَبقَى إِلاَّ مَن يَطلُبُونَ النَّصرَ مِن عِندِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ، مُحَقِّقِينَ لِلتَّوحِيدِ، مُتَوَكِّلِينَ عَلَى العَزِيزِ الحَمِيدِ، مُعتَقِدِينَ أَنَّهُ لا نَصرَ إِلاَّ مِن عِندِ اللهِ القَائِلِ: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [آل عمران: 160].

 

وَالحُرُوبُ وَالفِتَنُ وَالقَلاقِلُ الَّتي تُؤذِي النَّاسَ وَتُضَيِّقُ صُدُورَهُم، وَقَد تُصِيبُ بَعضَهُم بِشَيءٍ مِمَّا يُشبِهُ اليَأسَ وَالقُنُوطَ، فَإِنَّهَا تُمَيِّزُ الصُّفُوفَ، وَتَكشِفُ العَدُوَّ مِنَ الصَّدِيقِ، وَيَتَبَيَّنُ بِهَا الطَّيِّبُ مِنَ الخَبِيثِ، فَلا يَختَلِطُ بَعدَهَا حَابِلٌ بِنَابِلٍ، وَلا يَلتَبِسُ حَقٌّ بِبَاطِلٍ، وَلا يَبرُزُ عُلَمَاءُ سُوءٍ وُصُولِيُّونَ، وَلا يَبقَى زُعَمَاءُ انتِفَاعٍ سِيَاسِيُّونَ، بَل تَنزِلُ الأَقدَارُ بِأَحدَاثٍ عِظَامٍ، فَتُمِيطُ اللِّثَامَ عَن وُجُوهِ اللِّئَامِ، وَيَعرِفُ النَّاسُ عَدُوَّهُم الحَقِيقِيَّ، وَيَتَيَقَّنُونَ أَنَّ المَعرَكَةَ مَعرَكَةُ عَقِيدَةٍ، وَأَنَّهُ لَيسَ ثَمَّ إِلاَّ مُعَسكَرُ كُفرٍ وَنِفَاقٍ وَفُسُوقٍ وَعِصيَانٍ، في مُوَاجَهَةِ مُعَسكَرِ إِسلامٍ وَأَهلِ سُنَّةٍ وَمُرِيدِينَ لِلنَّصرِ أَوِ الشَّهَادَةِ، وَتِلكَ حِكمَةٌ جَلِيلَةٌ، وَنِعمَةٌ عَظِيمَةٌ امتَنَّ اللهُ بِهَا عَلَى المُؤمِنِينَ مُنذُ القِدَمِ، وَمَا زَالَت تَتَجَدَّدُ عَلَيهِم كُلَّ حِينٍ لِيَكُونُوا عَلَى عِلمٍ وَيَقِينٍ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾ [آل عمران: 179]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأنفال: 37]، وَقَدِ انكَشَفَ لِلمُسلِمِينَ في أَحدَاثٍ مَضَت وَأُخرَى مَا زَالَت تَتَوَالى، أَنَّ كَثِيرًا مِمَّن يَدَّعُونَ الإِسلامَ، أَنَّهُم في الحَقِيقَةِ أَعدَاءٌ لِلإِسلامِ وَلِلمُسلِمِينَ، فَقَدِ انكَشَفَ النُّصَيرِيَّةُ الحَاقِدُونَ، المُتَسَتِّرُونَ خَلفَ شِعَارَاتِ القَومِيَّةِ وَالبَعثِيَّةِ، وَانكَشَفَ الرَّافِضَةُ المُوَالُونَ لِليَهُودِ وَإِن كَانُوا يُرَدِّدُونَ شِعَارَاتِ التَّهدِيدِ لَهُم وَالوَعِيدِ، وَانكَشَفَ الصُّوفِيَّةُ المُتَخَاذِلُونَ، المُمِيتُونَ لِلسُّنَنِ المُحيُونَ لِلبِدَعِ، المُصطَفُّونَ مَعَ الكَافِرِ البَاغِي حِفَاظًا عَلَى زَوَايَاهُم الَّتي يَأكُلُونَ فِيهَا أَموَالَ العَامَّةِ وَيُضَلِّلُونَهُم وَيُحَذِّرُونَهُم مِن دُعَاةِ السُّنَّةِ، وَانكَشَفَ عُلَمَاءُ السُّوءِ الَّذِينَ ظَلُّوا يُسَوِّغُونَ لأَخطَاءِ الأَنظِمَةِ البَاغِيَةِ، وَيَبِيعُونَ دِينَهُم بِدُنيَا غَيرِهِمُ الفَانِيَةِ، وَانكَشَفَ العِلمَانِيُّونَ وَاللِّيبرَالِيُّونَ وَالمُنَافِقُونَ، الَّذِينَ يُتَاجِرُونَ بِالشِّعَارَاتِ الوَطَنِيَّةِ، فَتَارَةً يُرَونَ مَعَ الأَنظِمَةِ الحَاكِمَةِ، وَتَارَةً يَكُونُونَ مَعَ الأَحزَابِ المُعَارِضَةِ: ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 143].

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَكُنْ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ سُنَّةَ الابتِلاءِ مَاضِيَةٌ، تُستَخرَجُ بِهَا مَكنُونَاتُ الصُّدُورِ الغَامِضَةُ، وَتُجَلَّى بِهَا حَقَائِقُ النُّفُوسِ الخَافِيَةُ، وَيُستَنبَطُ بِهَا إِيمَانُ المُؤمِنِينَ وَيَظهَرُ بِهَا كُفرُ الكَافِرِينَ، أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لِنَستَيقِنْ وَلْنَستَبشِرْ، وَلْنَعلَمْ أَنَّهُ مَهمَا اشتَدَّت بِإِخوَانِنَا الخُطُوبُ وَتَوَالَت عَلَيهِمُ المِحَنُ، وَحَتى وَإِن قُتِلَ مِنَ المُسلِمِينَ مَن قُتِلَ وَعُذِّبَ مَن عُذِّبَ وَأُوذِيَ في سِبِيلِ دِينِهِ مَن أُوذِيَ، فَشَأنُ المُسلِمِ المُدَافِعِ عَن دِينِهِ وَنَفسِهِ وَعِرضِهِ، إِمَّا النَّصرُ وَإِمَّا الشَّهَادَةُ، وَهُمَا حُسنَيَانِ لَن يَخسَرَ مَن نَالَ إِحدَاهُمَا: ﴿ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ [محمد: 4 - 6]، ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ﴾ [التوبة: 51، 52].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَمَن أَرَادَ الأَمنَ وَالاطمِئنَانَ وَالنَّصرَ عَلَى عَدُوِّهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَلْيَنصُرِ اللهَ تَعَالى بِطَاعَتِهِ وَفِعلِ أَوَامِرِهِ وَاجتِنَابِ نَوَاهِيهِ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ شَرطُ النَّصرِ الَّذِي قَد أَعلَنَهُ اللهُ تَعَالى لِعِبَادِهِ في كِتَابِهِ، وَوَعَدَ مَن حَقَّقَهُ بِأَن يَنصُرَهُ وَأَن يُثَبِّتَهُ، وَأَن يَجعَلَ التَّعَاسَةَ وَالضَّلالَ مِن نَصِيبِ مَن عَادَاهُ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 7، 8].

 

أَلا فَافحَصُوا أَحوَالَكُم، وَتَعَاهَدُوا قُلُوبَكُم وَأَعمَالَكُم، وَثِقُوا بِنَصرِ اللهِ لِعِبَادِهِ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ وَفي أَيِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَحَذَارِ حَذَارِ مِنَ التَّرَدُّدِ وَالشَّكِّ أَوِ الارتِيَابِ، أَوِ اعتِقَادِ أَنَّ النَّصرَ لَيسَ إِلاَّ بِالانتِصَارِ في المَعَارِكِ وَالظُّهُورِ التَّامِّ عَلَى الأَعدَاءِ وَغَلَبَتِهِم وَقَهرِهِم، فَوَعدُ اللهِ لا يُخلَفُ، وَنَصرُهُ لا يَتَخَلَّفُ، وَالنَّصرُ أَنوَاعٌ كَثِيرَةٌ، قَد يَكُونُ بِالعِزِّ وَالتَّمكِينِ لِلمُؤمِنِينَ، وَإِهلاكِ الكُفَّارِ المُعَانِدِينَ وَالطُّغَاةِ المُلحِدِينَ، وَقَد يَكُونُ بِثَبَاتِ المُؤمِنِينَ عَلَى دِينِهِم وَتَمَسُّكِهِم بِعَقِيدَتِهِم وَبَيعِهِم نُفُوسَهُم في سَبِيلِ اللهِ، وَقَد يَكُونُ نَصرَ حُجَّةٍ وَظُهُورٍ لِلحَقِّ؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنعام: 83]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظَاهِرِينَ حَتى يَأتِيَهُم أَمرُ اللهِ وَهُم ظَاهِرُونَ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَأَمَّا أَلَدُّ أَعدَاءِ أُمَّةِ الإِسلامِ، وَمٌوقِدُو الحُرُوبَ ضِدَّهَا وَهُمُ اليَهُودُ، فَالنَّصرُ عَلَيهِم قَادِمٌ لا مَحَالَةَ، وَقَد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقتُلُهُمُ المُسلِمُونَ، حَتَّى يَختَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وَرَاءِ الحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ: يَا مُسلِمُ يَا عَبدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلفي فَتَعَالَ فَاقتُلْهُ، إِلاَّ الغَرقَدَ فَإِنَّهُ مِن شَجَرِ اليَهُودِ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وما النصر إلا من عند الله
  • تفسير قوله تعالى: (وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم)
  • تفسير: (وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم)
  • خطبة: أنت عند الله غالٍ
  • {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (النت والاختبارات)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اذكروا الله كثيرا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين حر الدنيا وحر الآخرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/1/1447هـ - الساعة: 20:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب