• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

خطبة شهر الصبر

خطبة شهر الصبر
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/6/2018 ميلادي - 19/9/1439 هجري

الزيارات: 21588

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة شهر الصبر

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، رَمَضَانُ شَهرُ الصَّبرِ، تَجتَمِعُ فِيهِ أَنوَاعُ الصَّبرِ الثَّلاثَةُ: الصَّبرُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ، وَالصَّبرُ عَن مَعَاصِيهِ، وَالصَّبرُ عَلَى أَقدَارِهِ المُؤلِمَةِ، فَفِي رَمَضَانَ صِيَامٌ وَقِيَامٌ، وَصَلاةٌ وَتِلاوَةُ قُرآنٍ، وَفِيهِ بِرٌّ وَجُودٌ وَإِحسَانٌ، وَإِطعَامٌ طَعَامٍ وَتَفطِيرُ صُوَّامٍ، وَفِيهِ ذِكرٌ وَدُعَاءٌ وَتَوبَةٌ وَاستِغفَارٌ، وَفِيهِ كَفٌّ لِلِّسَانِ عَنِ الكَذِبِ وَالزُّورِ وَاللَّغوِ، وَزَمٌّ لَهُ عَنِ السَّبِّ وَالشَّتمِ وَالصَّخَبِ، وَمَنعٌ لَهُ عَنِ الجِدَالِ وَالغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، وَفِيهِ غَضٌّ لِلبَصَرِ عَنِ النَّظَرِ إِلى مَا لا يَحِلُّ، وَإِغلاقٌ لِلأُذُنِ عَن سَمَاعِ مَا لا يَجُوزُ، وَحِفظٌ لِبَقِيَّةِ الجَوَارِحِ مِنِ اقتِرَافِ المَعَاصِي وَاجتِرَاحِ السَّيِّئَاتِ وَالآثَامِ.

 

وَفي نِهَارِ رَمَضَانَ يَترُكُ الصَّائِمُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهوَتَهُ، فَيُحِسُّ بِأَلَمِ الجُوعِ وَحَرَارَةِ العَطَشِ، وَتُصَارِعُهُ نَفسُهُ تَوقًا إِلى مَا تَشتَهِيهِ فَيَمنَعُهَا وَيَحجُزُهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ يَحتَاجُ إِلى صَبرٍ وَمُصَابَرَةٍ، وَقُوَّةِ عَزِيمَةٍ وَمُجَاهَدَةٍ. وَإِنَّهُ لا يَصُومُ عَبدٌ رَمَضَانَ صِيَامًا حَقِيقِيًّا تَامًّا، مُخلِصًا فِيهِ للهِ، مُتَحَرِّيًا سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ، مُؤَدِّيًا لِلفَرَائِضِ كَمَا أُمِرَ، مُستَكثِرًا مِنَ النَّوَافِلِ كَمَا نُدِبَ إِلى ذَلِكَ، كَافًّا جَوَارِحَهُ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ، إِلاَّ وَخَرَجَ مِن شَهرِهِ وَقَدِ اكتَسَبَ صِفَّةَ الصَّبرِ، إِذْ إِنَّ صَبرَ شَهرٍ كَامِلٍ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ خَمسَ مَرَّاتٍ مَعَ الجَمَاعَةِ في المَسَاجِدِ، مَعَ الحِرصِ عَلَى إِدرَاكِ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ مَعَ الإِمَامِ، وَحُضُورِ صَلاةِ التَّرَاوِيحِ كَامِلَةً وَإِتمَامِ القِيَامِ، وَالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ قَبلَ الصَّلاةِ وَبَعدَهَا، وَحِفظِ الجَوَارِحِ عَنِ الحَرَامِ تَنَاوُلاً وَنَظَرًا وَاستِمَاعًا، وَالصَّبرِ عَنِ الأَكلِ وَالشُّربِ وَالجِمَاعِ.

 

إِنَّ كُلَّ هَذَا لا بُدَّ أَن يُغَيِّرَ النَّفسَ لِلأَحسَنِ وَالأَجمَلِ، وَيُلزِمَهَا الأَفضَلَ وَالأَكمَلَ، وَأَمَّا مَن لم يَصبِرْ عَلَى هَذِهِ الأُمُورِ، أَو أَخَذَ مِنهَا وَتَرَكَ، وَكَانَ صَومُهُ مَخرُومًا بِالتَّهَاوُنِ في فَرَائِضِ الصَّلَوَاتِ، وَالنَّومِ عَنِ الجَمَاعَاتِ، وَالتَّكَاسُلِ عَنِ النَّوَافِلِ وَالتَّفرِيطِ فِيهَا وَفي صَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَالقِيَامِ، وَأَطلَقَ بَصَرَهُ وَأَرخَى سَمعَهُ وَأَفلَتَ لِسَانَهُ، وَعَكَفَ عَلَى مُشَاهَدَةِ المُسَلسَلاتِ وَعَصَفَت بِهِ مَشَاهِدُهَا المُحَرَّمَةُ، وَاكتَفَى مِنَ الصَّومِ بِتَركِ الطَّعَامِ وَالحِرمَانِ مِنَ الشَّرَابِ، فَذَاكَ حَظُّهُ مِن صَومِهِ الجُوعُ وَالعَطَشُ فَحَسبُ، وَهُوَ إِذْ لم يَصبِرْ في رَمَضَانَ وَالشَّيَاطِينُ مَحبُوسَةٌ، فَهُوَ في غَيرِ رَمَضَانَ أَقَلُّ صَبرًا وَأَقرَبُ جَزَعًا، وَأَكثَرُ تَفَلُّتًا وَأَدنَى لاتِّبَاعِ شَهَوَاتِ نَفسِهِ الضَّعِيفَةِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، الَّتِي صَرَعَتهُ في رَمَضَانَ وَالشَّيَاطِينُ مَغلُولَةٌ مُصَفَّدَةٌ، فَكَيفَ إِذَا اجتَمَعَت عَلَيهِ مَعَهُم في غَيرِ رَمَضَانَ؟!

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مَن لم يَطهُرْ قَلبُهُ في رَمَضَانَ وَتَزكُ فِيهِ نَفسُهُ، وَلم تَقوَ إِرَادَتُهُ وَيَصدُقْ عَزمُهُ، وَلم يَنتَصِرْ عَلَى نَفسِهِ وَيَغلِبْ شَهوَتَهُ، وَلم يَتَرَفَّعْ عَنِ الأَحقَادِ وَالضَّغَائِنِ وَلم يَتَخَلَّصْ مِنَ الجَدَلِ وَالعِنَادِ، فَمَتى عَسَاهُ أَن يُحَصِّلَ هَذِهِ الفَضَائِلَ؟!

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - مَن لم يُهَذِّبْهُ رَمَضَانُ وَيُؤَدِّبْهُ شَهرُ الصَّبرِ، فَمَا أَضعَفَ نَفسَهُ وَأَدنَى هِمَّتَهُ، وَمَا أَسوَأَ حَظَّهُ وَأَقَلَّ كَسبَهُ!! وَإِلاَّ فَقَد جَاءَ في السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ تَسمِيَةُ رَمَضَانَ شَهرَ الصَّبرِ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " صَومُ شَهرِ الصَّبرِ وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهرٍ صَومُ الدَّهرِ " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " صَومُ شَهرِ الصَّبرِ وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهرٍ يُذهِبنَ وَحَرَ الصَّدرِ " رَوَاهُ البَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ الصَّومَ لا يَخلُو مِن أَلَمٍ يُصِيبُ الأَجسَادَ، وَإِضعَافٍ لَهَا وَإِنهَاكٍ، وَالعَبدُ في رَمَضَانَ يَترُكُ شَهَوَاتِهِ للهِ وَنَفسُهُ تُنَازِعُهُ إِلَيهَا، وَيَترُكُ رَاحتَهُ وَيَنصَبُ في عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَيَحفَظُ وَقتَهُ مِنَ أَن يَضِيعَ فِيمَا لا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ يَجِدُ جَزَاءَ ذَلِكَ عِندَ رَبِّهِ مُضَاعَفًا أَضعَافًا كَثِيرَةً، لا يَعلَمُ قَدرَهَا لِعِظَمِهَا إِلاَّ هُوَ - سُبحَانَهُ - وَفي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ: " كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ عَشرُ أَمثَالِهَا إِلى سَبعِ مِئَةِ ضِعفٍ. قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلاَّ الصَّومَ فَإِنَّهُ لي وَأَنَا أَجزِي بِهِ، يَدَعُ شَهوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَصبِرْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَمَا يُرضِيهِ عَنَّا، وَلْنَصبِرْ عَن مَعصِيَتِهِ وَمَا يَجلِبُ سَخَطَهُ عَلَينَا، لْنَغلِبْ أَهوَاءَنَا وَلْنَنتَصِرْ عَلَى أَنفُسِنَا، وَلْنُعَوِّدْهَا الخَيرَ وَلْنُرَوِّضْهَا عَلَى الطَّاعَةِ، وَلْنُدَرِّبْهَا عَلَى الإِحسَانِ، وَلْنَأخُذْهَا بِالجِدِّ وَالاجتِهَادِ، وَلْنَحذَرِ الكَسَلَ وَحُبَّ الرَّاحَةِ وَالدَّعَةِ، فَإِنَّ مَن أَرَادَ أَن يَنعَمَ بِالرَّاحَةِ الأَبَدِيَّةِ وَالنَّعِيمِ الخَالِدِ في الآخِرَةِ، لم يَشغَلْهُ حُطَامُ الدُّنيَا الزَّائِلُ؛ إِذِ النَّعِيمُ لا يُدرَكُ بِالنَّعِيمِ، وَلا رَاحَةَ لِمَن لا تَعَبَ لَهُ، وَلا فَرحَةَ لِمَن لا هَمَّ لَهُ، وَلا لَذَّةَ لِمَن لا صَبرَ لَهُ، وَلا نَعِيمَ لِمَن لا شَقَاءَ لَهُ، وَكُلَّمَا كَانَتِ النُّفُوسُ أَشرَفَ وَالهِمَّةُ أَعلَى، كَانَ تَعَبُ البَدَنِ أَوفَرَ وَحَظُّهُ مِنَ الرَّاحَةِ أَقَلَّ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].

♦   ♦   ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، رَمَضَانُ شَهرُ الصَّبرِ، وَالصَّبرُ المَحمُودُ هُوَ حَبسُ النَّفسِ فِيمَا يَقتَضِيهِ الشَّرعُ وَيُحَبِّهُ اللهُ، وَحَبسُهَا عَمَّا لا يَقتَضِيهِ الشَّرعُ مِمَّا لا يُحِبُّهُ اللهُ، وَإِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَستَثقِلُ حَبسَ نَفسِهِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَيَتَفَلَّتُ مِن أَوَامِرِ الشَّرعِ وَنَوَاهِيهِ، وَيَتَخَفَّفُ مِنَ العِبَادَاتِ وَلا يَستَكثِرُ مِنهَا، ظَانًّا أَنَّهُ بِذَلِكَ يَعِيشُ في حُرِّيَّةٍ مُطلَقَةٍ في دُنيَاهُ، فَقَد أَخطَأَ وَلم يُصِبْ، إِذْ إِنَّ الإِنسَانَ في الحَقِيقَةِ لم يَزَلْ في حَبسٍ مُنذُ أَن كَانَ في صُلبِ أَبِيهِ ثم في بَطنِ أُمَّهِ، ثم في مَهدِهِ ثم في سَنَوَاتِ دِرَاسَتِهِ، ثم هُوَ في حَبسٍ في عَمَلِهِ وَوَظِيفَتِهِ وَكَدِّهِ عَلَى أَهلِهِ وَعِيَالِهِ، ثم هُوَ بِمَوتِهِ يَقَعُ في حَبسٍ في قَبرِهِ، ثم إِنْ وَقَعَ في الثَّامِنِ وَهُوَ أَشَدُّهَا وَالعِيَاذُ بِاللهِ، أَنسَاهُ ذَلِكَ مَرَارَةَ كُلِّ حَبسٍ قَبلَهُ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ لا بُدَّ مِن حَبسٍ، فَالمُؤمِنُ العَاقِلُ يُدخِلُ نَفسَهُ حَبسَ التَّقوَى وَالطَّاعَةِ بِاختِيَارِهِ أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ أَو سَاعَاتٍ قَلِيلاتٍ؛ لِيَحصُلَ لَهُ بَعدَ ذَلِكَ الإِطلاقُ بِدُخُولِهِ الجَنَّاتِ، وَيَحذَرُ مِن إِطلاقِ نَفسِهِ فِيمَا تُحِبُّ وَتَشتَهِي؛ لِعِلمِهِ أَنَّهُ يَؤُولُ إِلى حَبسِ الأَبَدِ في النَّارِ.

 

قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يُؤتَى بِأَنعَمِ أَهلِ الدُّنيَا مِن أَهلِ النَّارِ يَومَ القِيَامَةِ فَيُصبَغُ في النَّارِ صَبغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابنَ آدَمَ، هَل رَأَيتَ خَيرًا قَطُّ؟! هَل مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟! فَيَقُولُ: لا وَاللهِ يَا رَبِّ، وَيُؤتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤسًا في الدُّنيَا مِن أَهلِ الجَنَّةِ، فَيُصبَغُ صَبغَةً في الجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابنَ آدَمَ، هَل رَأَيتَ بُؤسًا قَطُّ؟! هَل مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟! فَيَقُولُ: لا وَاللهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بي بُؤسٌ قَطُّ، وَلا رَأَيتُ شِدَّةً قَطُّ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

أَلا فَاتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُ - وَاحذَرْ مِن حَبسِ عَقلِكَ في مُستَنقَعَاتِ هَوَاكَ وَأَوحَالِ شَهَوَاتِكَ ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28] إِيَّاكَ أَن تَخرُجَ مِن رَمَضَانَ كَمَا دَخَلتَهُ بِسَبَبِ انفِلاتِكَ وَعَدمِ صَبرِكَ؛ فَـ "... رَغِمَ أَنفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيهِ رَمَضَانَ، ثم انسَلَخَ قَبلَ أَن يُغفَرَ لَهُ..." هَكَذَا قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الحَدِيثِ الَّذِي أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَمَعنَى (رَغِمَ أَنفُهُ) أَيْ لَصِقَ أَنفُهُ بِالتُّرَابِ، وَهَذِهِ كِنَايَةٌ عَن حُصُولِ الذُّلِّ لَهُ، فَيَا للهِ مِمَّن يُرِيدُ حُرِّيَّةَ نَفسِهِ بِإِعطَائِهَا شَهَوَاتِهَا، فَيَحصُلُ لَهُ الذُّلُّ مِن حَيثُ أَرَادَ العِزَّ، وَلَو أَنَّهُ أَقَامَهَا عَلَى الحَقِّ وَالطَّاعَةِ وَصَبَرَهَا عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ، لَنَالَ بِذَلِكَ العِزَّ وَالفَخرَ، وَلَحَصَلَت لَهُ الرِّفعَةُ وَالشَّرَفُ وَالحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96، 97].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عن الصبر على أقدار الله
  • الصبر وقود الإحسان
  • الصبر على طلب العلم
  • كلمات عن الصبر
  • الصبر (خطبة)
  • آيات عن الصبر
  • خطبة عن الصبر في العبادة

مختارات من الشبكة

  • استثمار الوقت في الإجازة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ماذا يكره الشباب والفتيات؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام والبيئة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (النت والاختبارات)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اذكروا الله كثيرا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/2/1447هـ - الساعة: 16:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب