• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

ولا تكن من الغافلين (خطبة)

ولا تكن من الغافلين (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/11/2015 ميلادي - 2/2/1437 هجري

الزيارات: 63452

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ولا تكن من الغافلين


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بِصَلاحِ قَلبِ الإِنسَانِ تَصلُحُ دُنيَاهُ وَيَنجُو في أُخرَاهُ، وَبِفَسَادِ قَلبِهِ يَتَحَقَّقُ هَلاكُهُ وَتَكمُلُ خَسَارَتُهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَلا وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ القَلبُ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَإِنَّ ثَمَّةَ مَرَضًا خَطِيرًا يُصِيبُ النَّاسَ أَفرَادًا وَمُجتَمَعَاتٍ، وَيَفتِكُ بِأَفئِدَةِ الكَثِيرِينَ مِنهُم وَهُم لا يَشعُرُونَ، بَل بِهِ لا يَزدَادُ أَحَدٌ بِطُولِ العُمُرِ إِلاَّ سُوءَ عَمَلٍ، فَيَغدُو بِذَلِكَ مِن شَرِّ النَّاسِ وَأَشَدِّهِم خُسرَانًا، أَتَدرُونَ مَا هَذَا المَرَضُ الخَطِيرُ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ -؟! إِنَّهُ دَاءُ الغَفلَةِ، نَعَم، إِنَّهَا الغَفلَةُ، حَيثُ يَذهَلُ الإِنسَانُ عَن مُهِمَّتِهِ الَّتي خُلِقَ لأَجلِهَا، وَيَنسَى مَعَادَهُ وَمُنتَهَاهُ، وَتَأخُذُ بِلُبِّهِ بَهَارِجُ الدُّنيَا وَزَخَارِفُهَا، وَتَصُدُّهُ مُلهِيَاتُها وَصَوَارِفُهَا، ثم لا يَشعُرُ إِلاَّ وَقَد ذَهَبَ عُمُرُهُ وَانقَضَى أَجَلُهُ، وَرُدَّ إِلى رَبِّهِ وَمَولاهُ الحَقِّ، فَوَا حَسرَتَهُ وَقَد قَدِمَ عَلَى رَبِّهِ خَالِيَ الوِفَاضِ مِنَ الحَسَنَاتِ، مُثقَلَ الظَّهرِ بِالخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ، قَد أَلهَاهُ التَّكَاثُرُ عَنِ الاستِعدَادِ لِليَومِ الآخِرِ، حَتَّى جَاءَهُ المَوتُ وَزَارَ المَقَابِرَ!!


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بِسَبَبِ الغَفلَةِ أُهلِكَت أُمَمٌ، وَخُتِمَ عَلَى قُلُوبٍ وَأَسمَاعٍ وَأَبصَارٍ، وَبِسَبَبِ الغَفلَةِ صُرِفَ مُتَكَبِّرُونَ عَن آيَاتِ اللهِ، وَأُغلِقَت أَبوَابُ خَيرٍ وَفُتِحَت أَبوَابُ شَرٍّ، وَبِسَبَبِ الغَفلَةِ فَرَّطَ كَثِيرُونَ فِيمَا يَنفَعُهُم فَتَحَسَّرُوا، وَكَانَ مَصِيرُ قَومٍ إِلى النَّارِ وَالخَسَارِ، قَال - تَعَالى - عَن قَومِ فِرعَونَ: ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 135، 136] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [النحل: 106 - 108] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَاصبِرْ نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَينَاكَ عَنهُم تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنَا قَلبَهُ عَن ذِكرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمرُهُ فُرُطًا ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يونس: 7، 8] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ [مريم: 39، 40]


عِبَادَ اللهِ، أَمرُ الغَفلَةِ شَنِيعٌ وَأَثَرُهَا فَظِيعٌ، وَلَكِنَّ الأَشنَعَ وَالأَفظَعَ، أَن يَكُونَ أَحَدُنَا وَاقِعًا في بَرَاثِنِهَا مُقَيَّدًا بِقُيُودِهَا، ثم لا يُحِسَّ بِذَلِكَ وَلا يَشعُرَ، وَقَد يَسمَعُ مِثلَ هَذَا الحَدِيثِ عَنهَا فَلا يَتَنَبَّهُ، وَيُذَكَّرُ فَيَظُنُّ أَنَّ المَقصُودَ بِالذِّكرَى غَيرُهُ.

 

وَلِئَلاَّ يَكُونَ ذَلِكَ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - فَإِنَّ ثَمَّةَ عَلامَاتٍ وَصِفَاتٍ وَأَعرَاضًا، إِذَا وُجِدَت في أَحَدِنَا أَو ظَهَرَت عَلَيهِ، فَلْيَعلَمْ أَنَّهُ مِنَ الغَافِلِينَ، وَلْيَنتَبِهْ لِنَفسِهِ قَبلَ أَن يَفجَأَهُ المَوتُ وَهُوَ عَلَى غَفلَتِهِ، وَيَأخُذَهُ هَاذِمُ اللَّذَّاتِ وَهُوَ في غِرَّتِهِ، فَمِن تِلكَ العَلامَاتِ وَالأَعرَاضِ التَّكَاسُلُ عَنِ الطَّاعَاتِ، وَالتَّثَاقُلُ في أَدَاءِ العِبَادَاتِ، وَالتَّسَاهُلُ في الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَاتِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى ﴾ [النساء: 142] وَأَشَدُّ مِن هَذِهِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - استِصغَارُ الذُّنُوبِ وَالتَّهَاوُنُ بها، وَأَن تَمُرَّ بِالمَرءِ شُهُورٌ مُتَتَابِعَةٌ، وَتَنقَضِي مِن عُمُرِهِ سَنَوَاتٌ مُتَطَاوِلَةٌ، وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى ذُنُوبِهِ مُقِيمٌ عَلَى عُيُوبِهِ، لا يُقلِعُ عَن سَيِّئَاتِهِ وَلا يَتُوبُ مِن زَلاَّتِهِ، قَالَ ابنُ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: إِنَّ المُؤمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَن يَقَعَ عَلَيهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا... رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

وَأَشَدُّ مِنَ السَّابِقَتَينِ وَأَعظَمُ وَأَنكَى، أَن يَألَفَ المَرءُ المَعصِيَةَ وَيُحِبَّهَا وَيَرتَاحَ لَهَا، حَتى يَتَحَدَّثَ بها وَيُجَاهِرَ وَيُفَاخِرَ؛ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " كُلُّ أُمَّتي مُعَافى إِلاَّ المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَن يَعمَلَ الرَّجُلُ بَاللَّيلِ عَمَلاً ثم يُصبِحُ وَقَد سَتَرَهُ اللهُ فَيَقُولُ: يَا فُلانُ، عَمِلتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَد بَاتَ يَستُرُهُ رَبُّهُ وَيُصبِحُ يَكشِفُ سِترَ اللهِ عَنهُ " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلا يَغُرَّنَّكُم مَا أَصبَحَ النَّاسُ فِيهِ مِن تَمَسُّكٍ بِالدُّنيَا وَتَهَافُتٍ عَلَيهَا وَتَعَلُّقٍ بها، وَتَنَافُسٍ عَلَى حُطَامِهَا وَتَعَارُكٍ عَلَى مَنَاصِبِهَا، فَإِنَّهُم وَإِن كَانُوا قَد بَلَغُوا فِيهَا شَأنًا عَظِيمًا أَذهَلَ الكَثِيرِينَ وَأَنسَاهُم حَقِيقَةَ أَنفُسِهِم وَمَآلِهِم، فَإِنَّهُم في الحَقِيقَةِ جَهَلَةٌ لا يَعلَمُونَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 6، 7] وَيَا لَهَا مِن نَدَامَةٍ مَا أَعظَمَهَا ! وَيَا لَهَا مِن حَسرَةٍ مَا أَمَرَّهَا، حِينَ يُكشَفُ لِلغَافِلِ الحِجَابُ يَومَ القِيَامَةِ فَيَرَى كُلَّ شَيءٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [ق: 16 - 22].

♦♦♦♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ ثَمَّةَ أَسبَابًا تَزدَادُ بها غَفلَةُ العَبدِ وَتَستَحكِمُ، وَأَعظَمُهَا الإِصرَارُ عَلَى المَعَاصِي، وَاتِّبَاعُ الهَوَى وَالإِعرَاضُ عَنِ النَّاصِحِينَ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ كَلاَّ بَل رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَا كَانُوا يَكسِبُونَ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾ [الأنبياء: 1 - 3] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -:﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 16] وَإِنَّ مِن أَعظَمِ المَعَاصِي الَّتي وَلَغَ فِيهَا بَعضُ النَّاسِ اليَومَ وَهِيَ مِن أَكبَرِ أَسبَابِ غَفلَةِ القُلُوبِ وَمَوتِهَا تَركَ الجُمَعِ وَالجَمَاعَاتِ، وَالتَّهَاوُنَ بِالمَكتُوبَاتِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بها طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلبِهِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَصحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " لَيَنتَهِيَنَّ أَقوَامٌ عَن وَدعِهِمُ الجُمُعاتِ، أَو لَيَختِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم ثم لَيَكُونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَعِندَ ابنِ مَاجَه: " لَيَنتَهِيَنَّ أَقوَامٌ عَن وَدعِهِمُ الجَمَاعَاتِ " الحَدِيثَ. وَمِن أَسبَابِ الغَفلَةِ صُحبَةُ الغَافِلِينَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلا تُطِع مَن أَغفَلنَا قَلبَهُ عَن ذِكرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمرُهُ فُرُطًا ﴾ أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَعَالِجُوا هَذِهِ الغَفلَةَ بِذِكرِ اللهِ - تَعَالى - وَالاستِغفَارِ وَقِرَاءَةِ كِتَابِ اللهِ، فَقَد قَالَ رَبُّكُم - تَعَالى - لِنَبِيِّهِ: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَثَلُ الَّذِي يَذكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذكُرُهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَد جَاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفَاءٌ لِمَا في الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنِينَ ﴾  وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَلَم يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلُ فَطَالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَت قُلُوبُهُم وَكَثِيرٌ مِنهُم فَاسِقُونَ ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلبي، وَإِنَّي لأَستَغفِرُ اللهَ في اليَومِ مِئَةَ مَرَّةٍ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَآخِرُ الوَصَايَا وَأَهَمُّهَا وَأَعظَمُهَا، وَأَجمَعُهَا في الوِقَايَةِ مِن قَسوَةِ القُلُوبِ، المُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمسِ مَعَ الجَمَاعَةِ، وَأَخذُ حَظٍّ مِن قِيَامِ اللَّيلِ وَلَو كَانَ قَلِيلاً، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن حَافَظَ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَاتِ لم يُكتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ " رَوَاهُ ابنُ خُزَيمَةَ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن قَامَ بِعَشرِ آيَاتٍ لم يُكتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَن قَامَ بِمِئَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَن قَامَ بِأَلفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنطِرِينَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • احذر .. تنبيه الغافلين
  • حفظ أعراض الدعاة والعلماء والغافلين الأبرياء
  • طلب الولايات (خطبة)
  • تنبيه الغافل للتزود من النوافل
  • طرقات على آذان الهداة والغافلين
  • كن من أفضل العباد يوم القيامة
  • ولا تكن من الغافلين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • إشارات في نهاية عام فات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين حضارتين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل الدثور بالأجور» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من وحي عاشوراء (الطغاة قواسم مشتركة، ومنهجية متطابقة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مشكاة النبوة (5) "يا أم خالد هذا سنا" (خطبة) - باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- الشكر
عبدالله سالوخه - السويد 13/02/2016 04:44 PM

الشكر الجزيل للشيخ الجليل عبدالله بن محمد البصري على ما قدمه من تنبيه و علاج للغفلة .
اللهم لا تجعلنا من الغافلين ، و خصوصا في البلاد الأوروبية التي تهاون كثير من المسلمين في أداء الصلاة و الجمع و الجماعات تحت حجج هنا و هناك .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/1/1447هـ - الساعة: 0:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب