• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

موعظة وذكرى (خطبة)

موعظة وذكرى (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/1/2022 ميلادي - 13/6/1443 هجري

الزيارات: 30878

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

موعظةٌ وذكرى

 

الحمدُ للهِ الملكِ العظيمِ الجليلِ، الخالقِ الرازقِ الجميلِ، أنزلَ التنزيلَ، وأنارَ السبيلَ، وأقام الدليلَ، ﴿ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [يونس: 108]، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، أفاضَ على عباده النِّعْمةَ، وكتبَ على نفسهِ الرَّحمةَ، وجعلَ أُمَّةَ الإسلامِ خيرَ أُمَّةٍ، ﴿ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 108]، وأشهدُ أن محمدًا عبدُاللهِ ورسولهُ، ومصطفاه وخليله، أرســلهُ اللهُ رحـمـةً للعـالمينَ، وإمامـًا للمتقينَ، وقـدوةً للعـامِلينَ، فصلَّى الله وسلِّم وبارك عليهِ وعلى آلهِ الطيبينَ، وصحابتهِ الغُرِّ الميامينَ، والتابعينَ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنها خيرُ الوصايا وأعظمها، وأتمُّها وأشملُها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197].

 

معاشر المؤمنين الكرام، كُلُّ حيٍّ سيفنى، وكل جديدٍ سيبلى، و﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]، تأمَّلْ في الوجودِ بعينِ فِكرٍ = ترَ الدنيا الدنيَّةَ كالخيالِ، ومنْ فيها جميعًا سوفَ يفْنى = ويبقى وجهُ رَبِّكَ ذي الجلالِ.

 

أُخيَّ المبارك، الأعمارُ مهما طالَتْ فهي قصيرةٌ، والدنيا مهما طابتْ فهي يسيرةٌ، واليومَ عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل، والكيِّسُ من دانَ نفسَهُ، وعمِلَ لما بعدَ الموتِ، والعاجِزُ من أتبعَ نفسَهُ هواها، وتمنَّى على الله الأماني، ولو أنا إِذا مِتْنا تُرِكنا = لكانَ الموتُ راحةَ كُلِّ حيّ، ولكنا إِذا مِتْنا بُعِثْنا = ونُسألُ بعد ذا عن كُلِّ شيء، تفكروا يا عباد الله في الدُّنيا وتغيُّرِ أحوالها، وتقلُّبِ أوضاعِها، فما بعدَ الصحةِ إلَّا السقمْ، وما بعدَ الشبابِ إلَّا الهرمْ، وما بعدَ الحياةِ إلَّا الموتْ، وما بعد الموتِ إلا الحسابْ، فرحمَ اللهُ امْرأً أنصفَ نفسهُ من نفسه، وأخذَ لغدِهَ من أمْسِهَ، ويا ابن آدمَ، بعْ دُنياكَ بآخرتِكَ تربحهُمَا جميعًا، ولا تبع آخرتكَ بدنياكَ فتخسرهُـمَا جميعًا، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]، ويا عبدالله، ارضَ بما قسمَ اللهُ تكنْ أغنى النَّاسِ، واجتنبْ محارمَ اللهِ تكنْ أورعَ النَّاسِ، وأدِّ ما افترضَ اللهُ تكنْ أعبدَ النَّاسِ، ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124]، من أبصر عيوبَ نفسهِ سلم، ومن ظنَّ بمسلمٍ فتنةً فهو الذي فُتن، وإذا كان العلم خيرُ موروث، فإن حُسن الخلق خير مكتسب، من عرف الدنيا هانت عليه مصائبها، وأشدُّ الذنوب قبحًا ما استخفَّ بها صاحبها، فرحِمَ الله عبدًا إذا نظرَ اعتبَر، وإذا سكَتَ تفكَّر، وإذا علِمَ تواضَع، وإذا أخطأ تراجع، يعملُ بالدليل، ويحذَرُ التسويفَ والتعليل، ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16]، مَن نظرَ في عيبِ نفسِهِ شُغِل عن عَيبِ غيرهِ، ومن سَلَّ سيفَ البغي قُتِلَ به، ومن حَفَرَ لأخيه حفرةً وقعَ فيها، ومن استقل زَلـلَهُ استَكثر زَلَلَ غَيرِهِ، وكَفاكَ أدبًا لِنَفسِكَ ما تكرَهُهُ من غيركَ، الجنةُ لا يدخلها إلا من يرجوها، والنار لا يسلمُ منها إلا من يتَّقيها؛ وفي محكم التنزيل: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72]، السعيدُ من تدبَّر أمره، وأخذ حِذره، واستعدَّ لقبره ونشرهِ وحشرهِ، والمُسلمُ من سلِمَ المُسلمون من لسانه ويدِه، والمُهاجِرُ من هجرَ ما حرَّم الله، والمُجاهِدُ من جاهدَ نفسَه وهواه، وأهل النجاة والخلاص هم أهلُ التقوى والصبرِ والإخلاص: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]، بجميل الكلامِ تدومُ المودَّة، وبحُسن الخُلُق يَطيبُ العيشُ، وبلين الجانبِ تستقيمُ الأمور: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]، وفي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظرَ أيمنَ منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة))؛ تأمل: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 101 - 103]، وفي صحيح البخاري: قال عليه الصلاة والسلام: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلل منه اليوم، قبل ألَّا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالحٌ، أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسناتٌ، أُخذَ من سيئات صاحبهِ فحُمل عليه))، وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار))، وفي حديثٍ صحيحٍ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدمَا ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمسٍ: عن عُمُره فيمَ أفناه؟ وعن شبابه فيمَ أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه؟ وماذا عمِلَ فيما علِم؟))، فيا راكضًا في ميادين الهوى مَرِحًا = ورافلًا في ثِيَاِب الغَيِّ نشوانَا، مَضَى الزَّمَانُ وَوَلَّى العُمْرُ فِي لَعِبٍ = يَكْفِيكَ مَا قَدْ مَضَى يكفيك مَا كَانَا، ألا فلا تغرَّنَّكم الآمال، فتنسيكم قرب الارتحال ودنو الآجال، فكم من مؤمِّلٍ أملًا لا يدركه، وكم من مدركٍ يومًا لا يستكمله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].

 

فاستبقوا الخيرات قبل فواتها، وحاسبوا أنفسكم على زلاتها، وكفُّوها عن الاستغراقِ في شهواتها، من نظرَ في العواقب نجا، ومن أطاع هواهُ هوى، و ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80].

 

بارك الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا كثيرًا، والصلاة والسلام على المبعوث بالحق بشيرًا ونذيرًا؛ أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.

 

معاشر المؤمنين الكرام، جاء في صحيح البخاري: قال عليه الصلاة والسلام: ((ومَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، ومَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ))، اصبرْ على حُلو القضاء ومرِّهِ = واعلم بأنَّ اللهَ بالغُ أمرهِ = وتجنبِ الفحشاءَ لا تنطِق بها، من قالَ شيئًا قِيلَ فيهِ بمثلهِ = في مُحكم التنزيل بيَّن ربُّنا، من يعمل المعروفَ يُجزَ بمثله؛ وفي الحديث الصحيح: ((يا عُقبة بن عامر، صِل من قطعك، وأعطِ من حرمكَ، واعفُ عمَّن ظلمكَ))، وجاء في الأثر: ارحم تُرْحم، وأحسِن يُحْسَن إليك، وتصدق ولو بكلمةٍ طيبة، فالكلمةُ الطيبةُ صدقة، وازرع جميلًا ولو في غير موضعهِ = فلن يضيعَ جميلٌ أينما وضعا، إن الجميلَ وإن طالَ الزمانُ به = فليسَ يحصدهُ إلا الذي زرعا، ورحمَ اللهُ عبدًا أُعطيَ قوةً، فعملَ بها في طاعة اللهِ، أو قَصُرَ به ضعفٌ فكفَّهُ عن محارم اللهِ، واحفظ لسانك، ففي طول اللسان هلاك الإنسان: ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 40]، من زرع خيرًا حصد أجرًا، ومن أيقن بالمعاد استكثر من الزاد، ومن أحسن عمله بلغ أمله، ومن قنع باليسير، هان عليه العسير، ومن طال أمله، ساء عمله، وإِذا بحثْتَ عــنْ التَّقيِّ وجدتـهُ = رجلًا يصدِّقُ قولهُ بفعالِ، وعلى التقيِّ إِذا ترسَّخْ في التُّقى = تاجانِ تاجُ سَكينةٍ وجلالِ: ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39]، فأصلِحوا الماضي بالتوبة والنَّدم، وأصلِحوا الحاضر بحُسن العملِ، وأصلِحوا المستقبل بصادقِ الرَّجاء وعظيم الأمل، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]، العاقلُ لا يرى لنفسه ثمنًا دونَ الجنةِ، والمرءُ حيثُ يجعلُ نفسهُ، فإنْ رفعها ارتفعتْ وسمت، وإنْ وضعها اتَّضَعتْ وسفلت، فمن عجز عنْ نصرةِ المظلومِ، فلا يقفن معَ الظالمِ، ومن سكت عن الحقِّ، فلا ينطقن بالباطل، ومن فاته الخير، فلا يذهبن مع الشر، وتعاهدْ نيَّتك وإخلاصك، فإنَّـما الأعمالُ بالنيات، ورُب عملٍ صغيرٍ تُعظِّمُه النية، ورُب عملٍ كبيرٍ تُحبِطهُ النيةُ؛ في الحديث الحسن: ((إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العملِ إلَّا ما كان خالصًا وابتُغي به وجهُه))، جاء رجلٌ إلى الحسن البصري رحمه اللهُ فقالَ: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوةَ قلبي، قالَ: "أدِّبه بالذكر"، وقالت أمنا عائشة رضي الله عنها: "تخففوا مِن الذنوب فإنَّكم لنْ تلقوا اللهَ بشيءٍ أفضلَ مِنْ قِلةِ الذنوبِ"، ومن أقوالها الجميلة أيضًا: "ما تمتعَ الأشرارُ بشيءٍ إلا تمتعَ الأخيارُ بمثله، وزادوا عليهِ رضا الله"، وقال الإمام ابن الجوزي: "العاقلُ منْ أعطى كلَّ لحظةٍ منْ لحظاتِ حياتهِ حقَّهَا، فإنْ بغتهُ الموتُ وجدهُ مستعِدًّا، وإنْ مُدَّ لهُ في الأجل ازدادَ خيرًا"، وقال الإمام الألباني: "الطريقُ إلى الله طويلٌ، وليسَ المهم بأنْ تصلَ إلى آخره، المهم أنْ تموتَ على هذا الطريقِ".

 

أخيرًا، تذكر أيها المبارك أنك لن تأخذَ معك سوى عملِك، ولن يبقى منك إلا سمعتُك وذكرُك، فاجتهد في إصلاح عملِك، وتحسينِ خُلقِك، واشتغل بذِكْر الله؛ فإنَّه أحسنُ الذِّكْر، والْزَم الصِّدْقَ، فإنَّ الله مع الصادقين، واحذر الكَذِبَ فالمؤمن لا يكذب، وصِل رحمك، وأحسِن إلى جيرانك، تكن مِن المحسنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

ويا ابن آدم، عِشْ ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

 

اللهم صلِّ وسلم على البشير النذير.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موعظة وذكرى ( خطبة )
  • موعظة وذكرى
  • تفسير: (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين)
  • لا تكثر النشر فيمل الناس موعظتك
  • موعظة في تمييز الإنسان بالعقل
  • موعظة وذكرى (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب صلاة الله عليك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتح الرحيم الغفار في جوامع الأدعية والأذكار (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: الحج قصة وذكرى وعبرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاشوراء.. عبر وذكرى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة موعظة وذكرى(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة محاسبة وذكرى(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محاسبة وذكرى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- تعليقا على الخطبة
المين عمارو اعمر حداد - موريتانيا 23/11/2023 11:57 AM

بارك الله فيك ومزيدا من المواعظ والخطب الهافة المؤثرة الجميلة..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/1/1447هـ - الساعة: 14:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب