• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

فابتغوا عند الله الرزق

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/10/2016 ميلادي - 29/12/1437 هجري

الزيارات: 16838

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فابتغوا عند الله الرزق


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَأَحسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ﴾ [المائدة: 93] ﴿ وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَتَحَدَّثُ النَّاسُ هَذِهِ الأَيَّامَ عَنِ الاقتِصَادِ كَثِيرًا، وَيَتَنَاوَلُونَ قَضَايَاهُ بَعِيدًا وَقَرِيبًا، وَيَهتَمُّونَ بِهِ أَشَدَّ الاهتِمَامِ وَيَشغَلُهُم وَضعُهُ، سَوَاءٌ مِنهُ مَا كَانَ في خَارِجِ هَذِهِ البِلادِ أَم مَا هُوَ في دَاخِلِهَا. وَالحَقُّ أَنَّ الحَدِيثَ في الاقتِصَادِ وَخَاصَّةً في هَذِهِ الأَزمَانِ، حَدِيثٌ عَن قَضَايَا قَد تَكُونُ مَجهُولَةً عِندَ كَثِيرٍ مِنَ المُتُحَدِّثِينَ، إِذْ إِنَّ الاقتِصَادَ تَحكُمُهُ نَظَرِيَّاتٌ مُختَلِفَةٌ وَتَوَجُّهَاتٌ مُتَدَاخِلَةٌ، وَتُؤَثِّرُ فِيهِ مُجرَيَاتٌ سِيَاسِيَّةٌ مُختَلِطَةٌ، وَيُدَارُ بِأَيدٍ خَفِيَّةٍ تُحَرِّكُهُ وَتَتَلاعَبُ بِهِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ مِنَ الأَفضَلِ لِلمَرءِ أَلاَّ يُبَالِغَ في التَّحلِيلِ وَشَرحِ الأَسبَابِ، وَبِنَاءِ النَّتَائِجِ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ قَد لا تَكُونُ صَحِيحَةً في نَفسِ الأَمرِ، بَلِ الخَيرُ كُلُّ الخَيرِ للعَبدِ أَن يَعُودَ إِلى مَن بِيَدِهِ الخَيرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، فَيُوَجِّهَ إِلَيهِ قَلبَهُ وَيَمُدَّ يَدَيهِ إِلَيهِ، رَاجِيًا مِنهُ أَن يُوَسِّعَ لَهُ في رِزقِهِ، وَأَن يُقَنِّعَهُ بما آتَاهُ وَيُبَارِكَ لَهُ فِيهِ، وَأَلاَّ يَجعَلَ قَضِيَّةً مِثلَ هَذِهِ القَضِيَّةِ المَحسُومَةِ هِيَ غَايَةَ تَفكِيرِهِ وَمُنتَهَى أَمَلِهِ، غَيرَ مُبَالٍ في سَبِيلِ تَكَثُّرِهِ مِنَ المَالِ بما أَخَذَهُ مِن هَذِهِ الدُّنيَا أَمِنَ الحَلالِ أَم مِنَ الحَرَامِ، ثم فِيمَ أَنفَقَهُ بَعدَ ذَلِكَ وَكَيفَ صَرَفَهُ وَعَلَى أَيِّ وَجهٍ بَذَلَهُ؟ نَاسِيًا أَنَّ مِن ضِمنِ مَا يُسأَلُ عَنهُ يَومَ القِيَامَةِ ذَلِكَ المَالَ مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ؟!.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ مَا مَرَّت بِهِ بِلادُنَا مُنذُ عُقُودٍ مِن غِنًى وَكَثرَةِ عَرَضٍ وَوَفرَةِ مَالٍ، أَدَّى بِكَثِيرٍ مِنَّا إِلى الغَفلَةِ وَالنِّسيَانِ، بَل أَوصَلَهُم إِلى حُدُودٍ غَيرِ مَقبُولَةٍ مِنَ التَّجَاوُزِ وَالطُغيَانِ، مِصدَاقًا لِقَولِ اللهِ - تَعَالى -: ﴿ كَلاَّ إِنَّ الإنسَانَ لَيَطغَى * أَنْ رَآهُ استَغنَى ﴾

 

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لَقَدِ اغَتَرَّ فِئَامٌ مِنَّا بِهَذَا الطَّيفِ العَارِضِ وَالظِلِّ الزَّائِلِ، فَطَغَوا وَتَجَاوَزُوا، وَأَسرَفُوا وَبَذَّرُوا، وَتَخَوَّضُوا في مَالِ اللهِ بِغَيرِ حَقٍّ، وَلا تَسَلْ عَمَّا جَرَى وَمَا زَالَ يَجرِي في حَفَلاتِ التَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ مِن إِهدَارٍ لِنِعَمِ اللهِ وَتَبدِيدٍ لَهَا، مِمَّا لا نَشُكُّ أَنَّ مَا قَد يُصِيبُنَا بَعدَهُ مِن نَقصٍ في الأَموَالِ أَو فَسَادٍ في الثَّمَرَاتِ، أَو غَلاءٍ في المَعِيشَةِ أَو ضِيقٍ فِيهَا، أَو تَكَدُّرٍ لِلمَعَايِشِ، إِنَّمَا هُوَ نَوعٌ مِنَ العُقُوبَةِ العَاجِلَةِ، أَو تَذكِيرٌ بما نَحنُ فِيهِ لِنُقَدِّرَهُ حَقَّ قَدرِهِ وَنَحفَظَهُ وَلا نَنسَاهُ، فَتَحُلَّ بنا الكَوَارِثُ كَمَا حَلَّت قَرِيبًا مِن دَارِنَا.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ دِينَنَا وَهُوَ مَنهَجُ الوَسَطِيَّةِ، جَاءَ بِالاقتِصَادِ وَالاعتِدَالِ في كُلِّ أَمرٍ، وَمِن هُنَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّ عَلَى المُسلِمِ أَن يَعتَدِلَ في تَعَامُلِهِ مَعَ المَالِ وَالرِّزقِ، في طَلَبِهِ وَاكتِسَابِهِ أَوَّلاً، ثم في بَذلِهِ وَالإِنفَاقِ مِنهُ بَعدَ ذَلِكَ؛ وَأَن يَرفِقَ في المَعِيشَةِ وَلا يَتَجَاوَزَ الحُدُودَ في التَّرَفُّهِ، فَعَن حُذَيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا النَّاسَ، فَقَالَ: "هَلُمُّوا إِلَيَّ" فَأَقبَلُوا إِلَيهِ فَجَلَسُوا، فَقَالَ: "هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ جِبْرِيلُ نَفَثَ فِي رُوعِي: أَنَّهُ لاَ تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَلَيْهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجمِلُوا في الطَّلَبِ، وَلا يَحمِلَنَّكُمُ استِبطَاءُ الرِّزقِ أَن تَأخُذُوهُ بِمَعصِيَةِ اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ لا يُنَالُ مَا عِندَهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ" أَخرَجَهُ البَزَّارُ في مُسنَدِهِ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّهُ لَن تَمُوتَ نَفسٌ حَتَّى تَستَكمِلَ رِزقًا قُسِمَ لَهَا، وَكَتَبَهُ المَلَكُ لَهَا وَهِيَ في بَطنِ أُمِّهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَفي السَّمَاءِ رِزقُكُم وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ في الأَرضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزقُهَا ﴾ [هود: 6] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ أَحَدَكُم يُجمعُ خَلقُهُ في بَطنِ أُمِّهِ أَربَعِينَ يَومًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضغَةً مِثلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤمَرُ بِأَربَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ: اُكتُبْ عَمَلَهُ وَرِزقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَو سَعِيدٌ..." الحَدِيثَ أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. فَمَهمَا أَبطَأَ الرِّزقُ أَو تَأَخَّرَ قَلِيلاً، فَهُوَ قَادِمٌ لِصَاحِبِهِ لا مَحَالَةَ، وَمَهمَا نَقَصَ مَا عِندَ الإِنسَانِ في فَترَةٍ مَا، فَهُوَ مُكمَلٌ لَهُ وَلا شَكَّ قَبلَ أَن تَخرُجَ رُوحُهُ مِن جَسَدِهِ، وَلَن يُغَادِرَ أَحَدٌ هَذِهِ الدَّارَ الفَانِيَةَ وَلَهُ فِيهَا مِثقَالُ ذَرَّةٍ مِن رِزقٍ، بَل إِنَّ الرِّزقَ لَيَطلُبُ العَبدَ كَمَا يَطلُبُهُ أَجَلُهُ كَمَا وَرَدَ في الحَدِيثِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ عَلَى العِبَادِ أَن يَتَّقُوا اللهَ وَيَحذَرُوا مِن أَن يَستَجرِيَهُمُ الشَّيطَانُ فَيَخَافُوا الفَقرَ وَلا يَثِقُوا بِضَمَانِهِ - سُبحَانَهُ - الرِّزقَ لَهُم؛ مِمَّا يَزِيدُ في حِرصِهِم عَلَى تَحصِيلِ المَالِ حَتَّى يَصِيرَ جَشَعًا وَطَمَعًا، أَو تَهَاوُنًا بِالحَرَامِ وَمَعصِيَةِ اللهِ، في حِينِ أَنَّ النَّاصِحَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - قَد أَمَرَهُم بِأَن يَطلُبُوا الرِّزقَ بِالطُّرُقِ الجَمِيلَةِ بِغَيرِ كَدٍّ زَائِدٍ عَن حَدِّهِ، وَلا حِرصٍ مَذمُومٍ يُوقِعُهُم في أَكلِ الحَرَامِ أَو تَنَاوُلِ المُشتَبَهِ. وَعَن أَبي الدَّردَاءِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا طَلَعَت شَمسٌ قَطُّ إِلاَّ بُعِثَ بِجَنَبَتَيهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ، يُسمِعَانِ أَهلَ الأَرضِ إِلاَّ الثَّقَلَينِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلى رَبِّكُم، فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى، خَيرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلهَى. وَلا آبَت شَمسٌ قَطُّ إِلاَّ بُعِثَ بِجَنَبَتَيهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ، يُسمِعَانِ أَهلَ الأَرضِ إِلاَّ الثَّقَلَينِ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنفِقًا خَلَفًا وَأَعْطِ مُمسِكًا مَالاً تَلَفًا" أَخرَجَهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

إِنَّ مَلائِكَةَ الرَّحمَنِ لَتُنَادِي النَّاسَ لَو كَانُوا يَعقِلُونَ بِأَنْ تَعَالَوا إِلى أَمرِ رَبِّكُم وَحُكمِهِ، وَانقَطِعُوا إِلَيهِ عَمَّن سِوَاهُ، وَفِرُّوا إِلَيهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ، وَتَفَرَّغُوا لِمَا خَلَقَكُم لَهُ مِنَ العِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ، فَإِنَّ مَا قَلَّ مِنَ المَالِ وَكَفَى صَاحِبَهُ في دِينِهِ وَدُنيَاهُ، لَهُوَ خَيرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلهَى، وشَغَلَ عَنِ المَولَى - سُبحَانَهُ وَتَعَالى -، وَقَالَ - تَعَالى - في وَصفِ عِبَادِ الرَّحمنِ: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لم يُسرِفُوا وَلم يَقتُرُوا وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "التُّؤَدَةُ وَالاقتِصَادُ وَالسَّمْتُ الحَسَنُ، جُزءٌ مِن أَربَعَةٍ وَعِشرِينَ جُزءًا مِنَ النُّبُوَّةِ" وَلَقَد كَانَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَتَعَوَّذُ مِن نَفسٍ لا تَشبَعُ، وَاستَعَاذَ مِنَ الفَقرِ وَالقِلَّةِ وَقَرَنَهَا بِالذِّلَّةِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ مِنَ الفَقرِ وَالقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ" وَحَذَّرَ مِنَ التَّوَسُّعِ في المَأكَلِ وَالمَشرَبِ فَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِن بَطنٍ، بِحَسبِ ابنِ آدَمَ أَكَلاتٌ يُقِمنَ صُلبَهُ" الحَدِيثَ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَنَهَى - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَنِ المُغَالاةِ في المَلابِسِ فَقَالَ: "مَن لَبِسَ ثَوبَ شُهرَةٍ أَلبَسَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ ثَوبَ مَذَلَّةٍ" رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، كَمَا وَجَّهَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - بِالاعتِدَالِ في الصَّدَاقِ، فَإِنَّهُ لَمَّا تَزَوَّجَ رَجُلٌ وَجَاءَ يَسأَلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَن يُعِينَهُ قَالَ: "عَلَى كَم تَزَوَّجتَهَا؟" قَالَ: عَلَى أَربعِ أَوَاقٍ. فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "عَلَى أَربَعِ أَوَاقٍ؟! كَأَنَّمَا تَنحِتُونَ الفِضَّةَ مِن عُرضِ هَذَا الجَبَلِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاعتَدِلُوا في أَخذِكُم وَعَطَائِكُم وَإِنفَاقِكُم، وَتَوَسَّطُوا يَطِبْ عَيشُكُم، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُم أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيدًا وَمَا جَعَلنَا القِبلَةَ الَّتي كُنتَ عَلَيهَا إِلاَّ لِنَعلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيهِ وَإِن كَانَت لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [البقرة: 143].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا * وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَتِ العِبرَةُ في الرِّزقِ بِكَثرَتِهِ أَو قِلَّتِهِ، حَتَّى يَفرَحَ المَرءُ بِتَكَدُّسِ المَالِ عِندَهُ أَو يَحزَنَ لِذَهَابِهِ أَو خَسَارَتِهِ شَيئًا مِنهُ، وَلَكِنَّ العِبرَةَ في بَرَكَةٍ يَجعَلُهَا اللهُ فِي المَالِ، فَيَكفِي صَاحِبَهُ وَيَسُدُّ حَاجَتَهُ وَيُغنِيهِ عَنِ استِجدَاءِ النَّاسِ وَاستِعطَائِهِم وَسُؤَالِهِم، فَعَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "قَد أَفلَحَ مَن أَسلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللهُ بما آتَاهُ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَمِن ثَمَّ كَانَ عَلَى العَاقِلِ أَن يَضبِطَ نَفسَهُ وَيُدَبِّرَ مَعِيشَتَهُ، وَيَقتَصِدَ وَلا يُبَذِّرَ، وَيَقتَصِرَ عَلَى مَا يَكفِيهِ وَلا يُكثِرَ، وَيَقِيسَ مَا يَشتَرِي عَلَى قَدرِ مَا يَستَطِيعُ، لا أَن تَقُودَهُ نَفسُهُ إِلى شِرَاءِ مَا يَحتَاجُ وَمَا لا يَحتَاجُ، وَتَغلِبَهُ شَهوَتُهُ فَيَطلُبَ مَا تُلِحُّ بِهِ عَلَيهِ وَلَو بِالقُرُوضِ وَالدُّيُونِ، فَإِذَا مَا انتَبَهَ مِن غَفلَتِهِ وَأَفَاقَ مِن سَكرَتِهِ، وَإِذَا بِمَالِهِ قَد نَفِدَ، وَإِذَا الدُّيُونُ قَد أَثقَلَت كَاهِلَهُ، وَحُقُوقُ النَّاسِ قَد تَرَاكَمَت عَلَى ظَهرِهِ، فَيُصَابُ بِالهُمُومِ وَالغُمُومِ، وَأَمرٌ آخَرُ يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهُ وَهُوَ مَا اعتَادَ عَلَيهِ عَدَدٌ مِنَ النَّاسِ مِن تَقلِيدِ الآخَرِينَ وَالتَّشَبُّهِ بِهِم، وَمُحَاوَلَةِ اللَّحَاقِ بِهِم في كُلِّ مَا يَشتَرُونَ، غَافِلِينَ عَن أَنَّ المُسلِمَ مَنهِيٌّ عَن تَتَبُّعِ النَّاسِ أَوِ النَّظَرِ إِلى مَن هُوَ فَوقَهُ في الرِّزقِ؛ حَيثُ قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلى مَا مَتَّعنَا بِهِ أَزوَاجًا مِنهُم زَهرَةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفتِنَهُم فِيهِ وَرِزقُ رَبِّكَ خَيرٌ وَأَبقَى ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "اُنظُرُوا إِلى مَن هُوَ أَسفَلَ مِنكُم وَلا تَنظُرُوا إِلى مَن هُوَ فَوقَكُم، فَهُوَ أَجدَرُ أَلاَّ تَزدَرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ تَطَلُّعَ المَرءِ إِلى مَا عِندَ غَيرِهِ، مُعجَبًا بِهِ رَاغِبًا في تَقلِيدِهِم فِيهِ، إِنَّهُ لَمِمَّا يُكَلِّفُهُ مَا لا يَستَطِيعُ، وَيُؤَدِّي بِهِ إِلى الوُقُوعِ في حَبَائِلِ الدُّيُونِ، وَمِن ثَمَّ يَستَقِلُّ رِزقَ اللهِ الَّذِي آتَاهُ، أَو يَلجَأُ في طَلَبِ المَزِيدِ إِلى مَا لا يَحِلُّ لَهُ وَلا تُحمَدُ عُقبَاهُ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجمِلُوا في الطَّلَبِ، وَأَرِيحُوا أَنفُسَكُم مِن عَنَاءِ التَّفكِيرِ فِيمَا كُفِيتُم، وَلا تُعطُوا الدُّنيَا أَكبَرَ مِن حَجمِهَا فَتُهلِكَكُم كَمَا أَهلَكَت مَن كَانَ قَبلَكُم، وَلازِمُوا تَقوَى رَبِّكُم وَاستَغفِرُوهُ مِن ذُنُوبِكُم، وَاشكُرُوهُ يَزِدْكُم وَيُبَارِكْ لَكُم ﴿ وَأَنِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُمَتِّعْكُم مَتَاعًا حَسَنًا إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤتِ كُلَّ ذِي فَضلٍ فَضلَهُ ﴾ [هود: 3] ﴿ فَقُلتُ استَغفِرُوا رَبَّكُم إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرسِلِ السَّمَاءَ عَلَيكُم مِدرَارًا * وَيُمدِدْكُم بِأَموَالٍ وَبَنِينَ وَيَجعَلْ لَكُم جَنَّاتٍ وَيَجعَلْ لَكُم أَنهَارًا ﴾ [نوح: 10-12] ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لأَزِيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذَابي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرزق والتوكل
  • الأجل والرزق
  • خطبة عن الرزق الحلال
  • أبواب الرزق
  • من استعجل الرزق بالحرام منع الحلال
  • بل أنت عند الله غال

مختارات من الشبكة

  • فابتغوا عند الله الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعلق بالمتفرد بالرزق وقوله تعالى (فابتغوا عند الله الرزق)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فابتغوا عند الله الرزق (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرزق في ضوء الكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عشرون سببا لزيادة الرزق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الرزق عند المؤمن والكافر(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الأسباب الجالبة للبركة في الرزق في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الصدقة من أسباب سعة الرزق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاتيح الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/1/1447هـ - الساعة: 0:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب