• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

قوة الابتسامة

قوة الابتسامة
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2018 ميلادي - 26/3/1440 هجري

الزيارات: 18072

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قوة الابتسامة


الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ، وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، ربَّنَا لَكَ الْحَمْدُ كَمَا ينبغِي لِجَلاَلِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ لَا نُحْصِي ثناءً عَلَيكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.


وَنَشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سيدِنا وَنَبِيِّنَا محمدٍ وَعَلَى آلِ محمدٍ صلاةً وَسَلاَمًا دَائِمَيْنِ مُتَلاَزِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.


أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ - أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ - وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا نَجَا وَسَعِدَ فِي الْآخِرَةِ وَالأُولَى.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: قَدِمَ فَضَالَةُ بنُ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ وَهُوَ مُشْرِكٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ، فَوَافَقَهُ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، وَكَانَ يَنْوِي قَتْلَهُ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: أَفَضَالَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَضَالَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَاذَا كُنْتُ تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ، كُنْتُ أَذْكُرُ اللَّهَ، قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: "اسْتَغْفِرِ اللَّهَ"، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، فَسَكَنَ قَلْبُهُ، فَكَانَ فَضَالَةُ يَقُولُ: وَاَللَّهِ مَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْ صَدْرِي حَتَّى مَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْهُ. [رواهُ ابنُ هِشامٍ في السِّيرةِ].


أَيُّهَا الْكرامُ:

حَديثُنَا الْيَوْمَ عَنْ خَصْلَةٍ فِيهَا مِفْتَاحٌ لِلْقُلُوبِ، فِعْلُهَا لَا يُكَلِّفُ شَيئًا، لَا تَسْتَغْرِقُ أَكْثَرَ مِنْ لَمْحَةِ بَصَرٍ، وَهِي حَرَكَةٌ عَضَلِيَّةٌ؛ هَذِهِ الْحَرَكَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَدْرِيبٍ فِي نوادٍ رِياضِيَّةٍ، لَكِنْ أثَرُهَا يَخْتَرِقُ الْقُلُوبَ، يَسْلبُ الْعُقُولَ، يُذْهِبُ الْأحْزَانَ، يُصَفِّي النُّفُوسَ، يَكْسَرُ الْحَواجِزَ مَعَ بَنِي الْإِنْسانِ، أَصْحَابُهَا أَحْسَنُ النَّاسِ مزَاجًا، وأَهْنَؤهُمْ عَيْشًا، وَأَطْيَبُهُمْ نَفْسًا. وَهِيَ فوقَ ذَلِكَ عِبَادَةٌ وَصدقَةٌ، فَعَلَهَا الْحَبيبُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَعَبَّدَ بِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِمَّنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ. فَهَلْ عَرَفْتُمْ مَا هِيَ إِخوتِي فِي اللهِ؟


إِنَّهَا الاِبْتِسَامَةُ! إِنَّهَا السِّحْرُ الْحَلالُ، وَعُرْبُونُ الصَّفَاءِ، وَرِسَالَةُ الْوُدِّ، وَخِطَابُ الْمَحَبَّةِ، تَقَعُ عَلَى صَخْرَةِ الْحِقْدِ فَتُذِيبُهَا، وَتَسْقُطُ عَلَى رُكامِ الْعَدَاوَةِ فَتُزِيلُهَا، وَتَقْطَعُ حَبْلَ الْبَغْضاءِ، وَتَطْرُدُ وَسَاوِسَ الشَّحْنَاءِ، وَتَغْسِلُ أدْرَانَ الضَّغِينَةِ، وَتَمْسَحُ جِرَاحَ الْقَطِيعَةِ.


الابْتِسَامَةُ هِي اللُّغَةُ الْوَحِيدَةُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ لِتَرْجَمَةٍ وَلَا تَتوقَّفُ على تَفْسِيرٍ، إِنَّهَا مِفْتَاحُ الْعُبُورِ لِقُلُوبِ النَّاسِ. الْبَشَاشَةُ هِي طَلاَقَةُ الْوَجْهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، تَبْدُو فِي مَلاَمِحِ الْوَجْهِ وَبَسَمَاتِ الشِّفَاهِ، كَمَا تَبْدُو فِي التَّبَسُّطِ وَالتَّحَبُّبِ، وَمُحَاوَلَةِ التَّقَارُبِ وَرَوْعَةِ الاِسْتِهْلالِ.


وَالاِبْتِسَامَةُ - وَحْدُهَا - عَطَاءٌ، وَتَدُلُّ عَلَى نَفْسٍ قَادِرَةٍ عَلَى الْبَذْلِ للآخرِينَ وَالاهْتِمَامِ بِالنَّاسِ وَالْفَرَحِ لِفَرَحِهِمْ وَمُشَارَكَتِهِمْ فِي كُلِّ أَحْوالِهِمْ.


إِنَّ الاِبْتِسَامَةَ فِي وُجُوهِ الآخَرِينَ لَا تُكَلِّفُ شيئًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهَا وَزْنٌ كَبِيرٌ، وَأهَمِّيَّةٌ بَالِغَةٌ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيهَا مِنْ آثَارٍ عَظِيمَةٍ طَيِّبَةٍ فِي النَّاسِ.


وَالْاِبْتِسَامَةُ تَزِيدُكَ قُرْبًا مِمَّنْ تُحِبُّ؛ وَبِذَلِكَ يَأْنَسُ النَّاسُ إِلَيكَ.

الْاِبْتِسَامَةُ تَقْضِي عَلَى الْحُزْنِ وَالْكَرْبِ.


وَالْاِبْتِسَامَةُ تُؤَلِّفُ الْقُلُوبَ، فَإِذَا قَابَلْتَ الْمُشْكِلَاتِ بِابْتِسَامَةٍ فَقَدْ قُمْتَ بِجُزْءٍ كَبِيرٍ مِنْ حَلِّهَا؛ لِأَنَّكَ تُعِدُّ نَفْسَكَ دَاخِلِيًّا لِمُوَاجَهَتِهَا.


التَّبَسُّمُ فِي الْوُجُوهِ -أَيُّهَا السَّادَةُ- عَمَلٌ بَسيطٌ وَيَسِيرٌ، غَيْرُ مُكَلِّفٍ وَلَا مُجْهِدٍ، وَلَكِنْ لَهُ الأَثَرُ الْكَبِيرُ فِي نَشْرِ الأُلْفَةِ وَالْمَحَبَّةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَهُوَ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُوصِلُ إِلَى مَرْضاةٍ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ" رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. يَعْنِي: عِنْدَ إِظْهارِكَ لِأَخِيكَ الْبَشَاشَةَ وَالْبِشْرَ إِذَا لَقِيتَهُ، تُؤْجَرُ عَلَيهِ كَمَا تُؤْجَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ" رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمَانِ، وَحَسَّنَهُ الألبانيُّ.


إِخْوَةَ الْإيمَانِ:

لَقَدْ أَرْسَى الْحَبيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلُقُ الْبَسمَةِ وَالْبَشَاشَةَ وَعَلَّمَ الإِنْسانِيَّةَ هَذِهِ اللُّغَةَ الْعَالَمِيَّةَ اللَّطِيفَةَ، وَطَبَّقَهَا عَمَلِياً بِنَفْسِهِ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ التَّبَسُّمِ، يُحِبُّهُ مَنْ رَآهُ، وَيَفْدِيهِ مَنْ عَرفَهُ بِنَفْسِهِ وَأهْلِهِ وَأَغْلَى مَا يَمْلِكُ! بَلْ قَدْ وَصَفَهُ أَصْحَابُ السِّيَرِ: أَنَّه كَانَ بَسَّامَ الْمُحَيَّا. يَقُولُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِاللهِ الْبَجَلِيُّ: "مَا رَآنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلّا ابْتَسَمَ فِي وَجْهِي" أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَيَصِفُهُ أحَدُ أَصْحَابِهِ بِأَنَّه أَكَثَرُ النَّاسِ تبسُّمًا؛ يَقُولُ عَبْدُاللهِ بْنُ الْحارِثِ الزُّبَيْرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْه: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَخْرجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَيَأْتِي إِلَيه الْأعْرَابِيُّ بِكُلِّ جَفَاءٍ وَغِلْظَةٍ، وَيَجْذبُهُ جَذبَةً أَثَّرَتْ فِي صَفْحَةِ عُنُقِهِ، وَيَقُولُ: يا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ! فَالْتَفَتَ إِلَيه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَسِمُ حَتَّى فِي حالَةِ الْغَضَبِ، فَمَعَ شِدَّةِ عِتَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للذينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، لَمْ تَغِبْ تلكَ الاِبْتِسَامَةُ عَنْه وَهُوَ يَسْمَعُ مِنْهُمْ؛ يَقُولُ كَعْبٌ رَضِيَ اللهُ عَنْه بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اعْتِذارَ الْمُخَلَّفِينَ: فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: "تَعَالَ" فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.


بَلْ لَمْ تَنْطَفِئْ هَذِهِ الاِبْتِسَامَةُ عَنْ مُحَيَّاهُ الشَّرِيفِ، وَثَغْرِهِ الطَّاهِرِ حَتَّى فِي آخِرِ لَحَظَاتِ حَيَاتِهِ، وَهُوَ يُوَدِّعُ الدُّنْيا؛ يَقُولُ أَنَسٌ -كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ-: "بَيْنَمَا المُسْلِمُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ!"، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ عَجِيبًا أَنْ يَمْلِكَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ، وزَوجَاتِهِ، وَمَنْ لَقِيَهُ مِنَ النَّاسِ!


قَيَّلَ لِسَعِيدِ بْنُ الْخُمُسِ: مَا أَبَشَّكَ! قَالَ: "إِنَّه يَقُومُ عَلَيَّ بِرَخِيصٍ"؛ يَعْنِي: أَنَّ الْبَشاشَةَ رَخِيصَةٌ لَا تُكَلِّفُهُ مَالًا وَلَا جُهْدًا، وَإِنَّهَا غالِيَةٌ وَقَيِّمَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَجْذِبُ الْقُلُوبَ، وَتَقْتَلِعُ أَسْبَابَ الْبَغْضاءِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

أَخُو الْبِشْرِ مَحْبُوبٌ عَلَى حُسْنِ بِشْرِهِ *** وَلَنْ يَعْدِمَ الْبَغْضاءَ مَنْ كَانَ عَابِسَا


وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: "أُخْبِرْتُ أَنَّه مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ: لِتَكُنْ كَلِمَتُكَ طَيِّبَةً، وَليَكُنْ وَجْهُكَ بَسْطًا، تَكُنْ أَحَبَّ إِلَى النَّاسِ مِمَّنْ يُعْطِيهِمُ الْعَطَاءَ" رواه ابنُ أبي شَيبَةَ وابنُ أبي الدُّنيَا وغيرُهُم.


يَقُولُ أحَدُ عُلَمَاءِ الْبَسمَةِ وَالتَّأْثِيرِ عَلَى الآخَرينَ: إِنَّ قَسَمَاتِ الْوَجْهِ خَيْرُ مُعَبِّرٍ عَنْ مَشَاعِرِ صَاحِبِهِ، فَالْوَجْهُ الصَّبُوحُ ذُو الاِبْتِسَامَةِ الطَّبِيعِيَّةِ الصَّادِقَةِ، خَيْرُ وَسِيلَةٍ لِكَسْبِ الصَّدَاقَةِ وَالتَّعَاوُنِ مَعَ الآخَرينَ، إِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ مِنْحَةٍ يُقَدِّمُهَا الرَّجُلُ، وَمِنْ أَرْطالٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْمَسَاحِيقِ عَلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ، فَهِي رَمْزُ الْمَحَبَّةِ الْخَالِصَةِ وَالْوِدَادِ الصَّافِي.


وَقَدْ تَوَصَّلَتْ دِرَاسَةٌ قَامَ بِهَا عَدَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ النَّفْسِ وَالْاِجْتِمَاعِ الْأَمْرِيكِيِّينَ إِلَى أَنَّ الْاِبْتِسَامَةَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ النّجاحِ وَالسَّعَادَةِ؛ وَالاِسْتِقْرارِ النَّفْسِيِّ؛ حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّخْصَ الَّذِي يَبْتَسِمُ دَائِمًا هُوَ أَكْثَرُ الْأَشْخَاصِ جَاذِبيَّةً وقُدرَةً عَلَى إقْنَاعِ النَّاسِ، وَهُوَ أَكْثَرُهُمْ ثِقةً بِنَفْسِهِ، وَتُبَيِّنُ أيضاً أَنَّ التَّبَسُّمَ يُسَاعِدُ -بِإِذْنِ اللهِ- عَلَى التَّغَلُّبِ عَلَى تَيَّارَاتِ الضُّغُوطِ الْيَوْمِيَّةِ الَّتِي تَجْلِبُ الْكَثِيرَ مِنَ الْأَمْرَاضِ: كَالْسُّكَّرِيِّ وَالضَّغْطِ وَالتَّوَتُّرِ وَالْقَلَقِ وَالأَزَمَاتِ الْقَلْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا.


وَلَا يَظُنُّ أحَدٌ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- أَنَّ التَّبَسُّمَ فِيه إِنْزالٌ مِنْ مَكَانَتِهِ، وَنَقْصٌ مِنْ هَيْبَتِهِ أَمَامَ الآخَرينَ، فَهَؤُلَاءِ واهِمُونَ يُنَفِّرُونَ أَكْثَرَ مِمَّا هُمْ يُقَرِّبُونَ، فَإِنَّ الْعَابِسَ لَا يُؤذِي إلّا نَفْسَه، وَهُوَ -بِعبُوسِهِ- يَحْرِمُهَا مِنَ الاِسْتِمْتاعِ بِهَذِهِ الْحَيَاةِ.


اللَّهُمَّ أَدْخِلِ السَّكِينَةَ إِلَى قُلُوبِنَا، وَالْمَحَبَّةَ فِي نُفُوسِنَا، وَالْاِبْتِسَامَةَ فِي وُجُوهِنَا، وَالسَّعَادَةَ فِي بُيُوتِنَا، إِنَّكَ سَمِيعٌ مجُيبٌ.

بَارَكَ اللهُ لي ولكمْ..


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلاَةُ وَالسّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعْدُ:

فَمِمَّا يُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ الْإمَامِ مُوَفَّقِ الدِّينِ ابْنِ قُدَامَةَ، أَنَّه كَانَ فِي مُنَاظَرَاتِهِ مَعَ الآخَرينَ، وَالَّتِي قَدْ تَسْتَلْزِمُ أَوْ تَجْعَلُ الْإِنْسانَ غَاضِبًا مُكْفَهِرًّا غَضُوبًا إلّا أَنَّه لَمْ يَكُنْ يُنَاظِرُ أحَدًا إلّا وَهُوَ مُبْتَسِمٌ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: هَذَا الشَّيْخُ يَقْتُلُ خَصْمَهُ بِتَبَسُّمِهِ. يَقُولُ الْإمَامُ الذَّهَبِيُّ مُعلِّقاً: "فَهَذَا هُوَ خُلُقُ الْإِسْلامِ -يَعْنِي التَّبَسُّمُ-، فَأَعْلَى الْمَقَامَاتِ مَنْ كَانَ بَكَّاءً بِاللَّيْلِ، بَسَّامًا بِالنَّهَارِ".


أَخِي الْكَرِيمُ: لَا تَبْخَلْ بِإشاعَةِ أَجْوَاءِ الْأَمَلِ وَالسُّرُورِ، مِنْ خِلاَلِ تِلْكَ الْاِبْتِسَامَةِ الصَّافِيَةِ، الْمُفْعَمَةِ بِالْحُبِّ وَالْعَطْفِ وَالْفَرَحِ، الَّتِي تُطِلُّ بِهَا عَلَى النَّاسِ؛ فَإِنَّه لَا يَنبغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يَبْخَلَ بِهَا على زَوْجَتِهِ، وَالزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَالْأَوْلاَدِ عَلَى أهْلِهِمْ، وَالْأهْلِ عَلَى أَوْلاَدِهِمْ، وَالتَّاجِرِ عَلَى زَبَائِنِهِ، وَالْمُدِيرِ عَلَى مُوَظَّفِيهِ، وَالْمُدَرِّسِ عَلَى طُلّابِهِ، وَالطَّبِيبِ عَلَى مَرْضَاهُ.


إِخْوَةَ الْإيمَانِ: لِنَبْدَأْ رَحْلَةً جَدِيدَةً فِي أُسْلُوبِ حَيَاتِنَا، وَشِعَارُنَا فِيهَا الْبَسمَةُ وَالأُنْسُ، وَإدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى أَنْفُسِنَا وَمَنْ حَوْلَنَا، حادِينَا إِلَى ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحُبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ" رواه أَبو الشَّيخِ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ.


جعلنا الله وإياكم ممن يُدخلونَ السّرورَ على قلوبِ الآخرينَ، حبّاً وإسعاداً لهم، وتخفيفاً لمعاناتهمْ، وبعثاً للحيويّةِ لديهمْ، إنّهُ مجيبُ الدّعاءِ.


اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأخْلاقِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإيمَانِ، وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ للذينَ آمنُوا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الابتسامة حياة
  • فن الابتسامة
  • الابتسامة الصفراء
  • سر الابتسامة
  • أثر الابتسامة والكلمة الطيبة
  • الابتسامة من شعب الإيمان
  • المبتسم
  • خطبة عن: الابتسامة

مختارات من الشبكة

  • ثمرات قوة الإيمان بقوله سبحانه (والله على كل شيء قدير) والأسباب الجالبة له(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل كلمة «لا حول ولا قوة إلا بالله»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالكبار.. (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حين يصنع الصمت عظيم الأثر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العفو في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأثره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: كيف تقود نفسك للنجاح في الدنيا والآخرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أثر قواعد اللغة العربية في القرارات الإدارية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • وحدة الصف (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الحديث الخامس: خطورة الرياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (3)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/5/1447هـ - الساعة: 14:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب