• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

أثبت وجودك ( خطبة )

أثبت وجودك ( خطبة )
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/4/2014 ميلادي - 28/6/1435 هجري

الزيارات: 29949

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اثبت وجودك


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَل ﴿ َّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَختَلِفُ اثنَانِ عَلَى قَدرٍ صَغِيرٍ مِن أَرضٍ كَبِيرَةٍ، أَو يَحصُلُ مِن فَردٍ عَلَى آخَرَ خَطَأٌ غَيرُ مَقصُودٍ، في طَرِيقٍ أَو شَارِعٍ أَو مَوقِفٍ أَو سُوقٍ، فَيَتَحَامَقُ أَحَدُهُمَا وَيَركَبُ رَأسَهُ، وَيَتَعَاظَمُ الآخَرُ وَيَرَى نَفسَهُ، وَيَأبى كُلُّ وَاحِدٍ أَن يَتَنَازَلَ عَمَّا في خَاطِرِهِ، ظَانًّا أَنَّ هَذَا نَقصٌ في قَدرِهِ، وَيَزدَادُ الكَلامُ وَيَكثُرُ الجِدَالُ، وَتَتَّسِعُ الفَجوَةُ وَيَطُولُ الخِلافُ، وَقَد يَؤُزُّ الشَّيطَانُ أَحَدَهُمَا فَيَمَدُّ يَدَهُ أَو يَرفَعُ سِلاحَهُ، لِيَضرِبَ أَو يَقتُلَ، ثم تَبلُغُ الأُمُورُ مَبلَغًا لم يَكُنْ في الحِسبَانِ، وَتَطَالُ القَضِيَّةُ أَقَارِبَ الاثنَينِ وَتَنَالُ أُسرَتَيهِمَا، وَقَد تُهَانُ لِذَلِكَ رُؤُوسٌ وَتُخضَعُ أَعنَاقٌ، أَو تُدفَعُ أَموَالٌ وَتُرَاقُ مِيَاهُ وُجُوهٍ، وَقَد يُقتَصُّ لِلمُعتَدَى عَلَيهِ بِجَلدِ المُعتَدِي أَو سَجنِهِ أَو قَتلِهِ، وَتَحصُلُ أُمُورٌ شَائِكَةٌ وَقَضَايَا مُتَدَاخِلَةٌ، كَانَ التَّسَامُحُ في بِدَايَةِ الأَمرِ وَالتَّنَاسِي المُبَاشِرِ، كَفِيلاً بِإِرَاحَةِ النُّفُوسِ مِن كَثِيرٍ مِن آثَارِهَا السَّيِّئَةِ، وَتَخلِيصِهَا مِن نَتَائِجِهَا الوَخِيمَةِ، لَكِنَّ إِبَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ إِلاَّ أَن يُثبِتَ وُجُودَهُ وَيُبرِزَ ذَاتَهُ، وَظَنَّهُ أَنَّ في التَّنَازُلِ مِنَ البِدَايَةِ إِهَانَةً لِشَخصِهِ وَضَعفًا أَمَامَ خَصمِهِ، هُوَ الَّذِي صَنَعَ بِهِمَا مَا صَنَعَ، وَإِلاَّ فَمَا مِن أَحَدٍ يَقرَأُ التَّأرِيخَ فَيَعقِلُ وَيَعتَبِرُ، إِلاَّ عَلِمَ أَنَّهُ مَا اعتَدَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ وَاستَضعَفَهُ وَاستَصغَرَهُ، إِلاَّ وَجَدَ مِن ذَلِكَ المُستَضعَفِ عِندَ نَفَادِ صَبرِهِ أَسَدًا هَصُورًا وَلَيثًا كَاسِرًا، يَبِيعُ نَفسَهُ وَيَستَجمِعُ قُوَّتَهُ؛ لِيُخضِعَ ذَلِكَ الأَنفَ الَّذِي اشمَخَرَّ عَلَيهِ يَومًا وَيُرغِمَهُ، وَحَتى وَإِنْ هُوَ ضَعُفَ في البِدَايَةِ أَو تَأَخَّرَ، فَإِنَّمَا هِيَ استِرَاحَةٌ لإِحكَامِ الخُطَّةِ لِلانقِضَاضِ، وَانتِظَارٌ لِلفُرصَةِ المُنَاسِبَةِ لِلتَّنفِيذِ، لِيَأخُذَ بِثَأرِهِ وَيَنتَصِرَ لِنَفسِهِ. أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ إِثبَاتَ الوُجُودِ عِندَ أَيِّ خِلافٍ، هَدَفٌ شَيطَانِيٌّ وَغَايَةٌ إِبلِيسِيَّةٌ، غَرَسَهَا العَدُوُّ الأَوَّلُ لِلإِنسَانِ في كَثِيرٍ مِنَ النُّفُوسِ، وَمَلأَ بها جَوَانِحَ فِئَامٍ مِنَ النَّاسِ، حَتى غَدَا كَثِيرٌ مِنهُم يَسِيرُ بَينَ النَّاسِ مُنتَفِخَ الصَّدرِ مُرتَفِعَ الهَامَةِ، يَتَبَختَرُ في مِشيَتِهِ، وَيَتَعَاظَمُ في هَيئَتِهِ، وَيَلتَفِتُ إِلى مَن حَولَهُ التِفَاتَ المُعَظِّمِ لِنَفسِهِ، وَيَنظُرُ إِلَيهِم شَزْرًا وَكَأَنَّهُ الوَحِيدُ في عَالَمِهِ، وَمَا عَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنَّ وُجُودَهُ في هَذِهِ الدُّنيَا وُجُودٌ نَاقِصٌ، سَبَقَهُ عَدَمٌ وَيَلحَقُهُ فَنَاءٌ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴾ [مريم: 67] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ﴾ [عبس: 17 - 22] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27] إِنَّهُ لَوِ اجتَمَعَ كُلُّ مَن في الأَرضِ، مَا مَلَؤُوا رُكنًا مِن أَركَانِهَا، بَينَمَا لا يُوجَدُ في السَّمَاءِ مَوضِعُ قَدَمٍ أَو أَربَعَةِ أَصَابِعَ، إِلاَّ وَفِيهِ مَلَكُ يَعبُدُ اللهَ لا يَعصِيهِ، عَن أَبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ " هَل أَتى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهرِ " حَتى خَتَمَهَا ثم قَالَ: " إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَونَ وَأَسمَعُ مَا لا تَسمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لها أَن تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوضِعُ قَدَمٍ إِلاَّ مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبهَتَهُ سَاجِدًا للهِ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ الحَاكِمُ وَغَيرُهُ وحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. إِنَّهَ لَو كَانَ وُجُودُ الإِنسَانِ في هَذِهِ الحَيَاةِ دَائِمًا، لَكَانَ مِنَ الأَولى بِهِ أَن يَحرِصَ عَلَى بِنَاءِ عِلاقَاتٍ حَسَنَةٍ مَعَ مَن حَولَهُ؛ لِيَكسِبَ وُدَّهُم وَيَملِكَ قُلُوبَهُم، فَكَيفَ وَهُوَ الرَّاحِلُ عَمَّا قَرِيبٍ، المُحتَاجُ إِلى الحَسَنَةِ الَّتي تَلحَقُهُ بَعدَ مَوتِهِ.

 

وَقَد كَانَ النَّاسُ في الجَاهِلِيَّةِ يَحرِصُونَ عَلَى بَقَاءِ الذِّكرِ الحَسَنِ بَعدَهُم؛ لِيُمدَحُوا كُلَّمَا ذُكِرُوا، وَيُرفَعَ شَأنُهُم وَيُطرَوا، وَلَكِنَّ لِلمُسلِمِ مَعَ هَذَا الأَمرِ شَأنًا آخَرَ، فَهُوَ وَلا شَكَّ يَحرِصُ عَلَى حِمَايَةِ عِرضِهِ مِنَ الذَّمِّ وَبَقَاءِ ذِكرِهِ الحَسَنِ، لا لِيُمدَحَ وَيُثنَى عَلَيهِ وَيُشَادَ بِهِ فَحَسبُ، وَلَكِنْ لِيُدعَى لَهُ بَعدَ مَوتِهِ، فَيَكسِبَ حَسَنَةً لَعَلَّهَا أَن تُنجِيَهُ، لا لِيُدعَى عَلَيهِ وَتُطرَحَ عَلَيهِ سَيِّئَةٌ فَتُردِيَهُ.

 

إِنَّ الوُجُودَ الحَقِيقِيَّ لِلمَرءِ، لَيسَ في كَونِهِ حَيًّا يَأكُلُ وَيَشرَبُ وَيَنكَحُ، أَو يَجمَعُ الدُّنيَا وَيَتَّجِرُ وَيَربَحُ، أَو يَغلِبُ مَن سِوَاهُ وَيَستَبِدُّ وَيَشِحُّ، وَلَكِنَّ الوُجُودَ الحَقِيقِيَّ لَهُ، هُوَ وُجُودُهُ في القُلُوبِ، فَكَم مِمَّن هُوَ بَينَ النَّاسِ بِجِسمِهِ، بَعِيدٌ عَنِ القُلُوبِ في مَنأًى عَنِ الأَفئِدَةِ! وَكَم مِن آخَرَ قَد مَاتَ وَمَرَّتِ السَّنَوَاتُ عَلَى فَقدِ العُيُونِ لَهُ، وَلَكِنَّ القُلُوبَ مَا زَالَت تَرَاهُ وَلا تَمَلُّ مِن ذِكرَاهُ! إِنَّهَا مَحَبَّةُ اللهِ لِعَبدٍ مِن عِبَادِهِ، تَجعَلُ القُلُوبَ تَمِيلُ إِلَيهِ وَتُحِبُّهُ، وَبُغضُهُ تَعَالى لآخَرَ، يَجعَلُ الصُّدُورَ لا تَنشَرِحُ لَهُ وَلا تَرتَاحُ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبرِيلُ، ثم يُنَادِي في السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهلُ السَّمَاءِ، ثم يُوضَعُ لَهُ القَبولُ في الأَرضِ. وَإِذَا أَبغَضَ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَيَقُولُ: إِنِّي أُبغِضُ فُلانًا فَأَبغِضْهُ، فَيُبغِضُهُ جِبرِيلُ، ثم يُنَادِي في أَهلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُبغِضُ فُلانًا فَأَبغِضُوهُ. قَالَ: فَيُبغِضُونَهُ، ثم يُوضَعُ لَهُ البَغضَاءُ في الأَرضِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. نَعَم أَخِي المُسلِمَ إِذَا أَحَبَّكَ اللهُ، فَأَنتَ مَوجُودٌ وَلَو كُنتَ بَعِيدًا، وَإِذَا أَبغَضَ اللهُ البَعِيدَ، فَهُوَ مَفُقودٌ وَلَو كَانَ قَرِيبًا، وَلَكِنَّ لِتِلكَ المَحَبَّةِ أَسبَابًا تُوجِبُهَا وَتَجلِبُهَا، وَهِيَ تَعُودُ كُلُّهَا إِلى أَصلَينِ عَظِيمَينِ، أَوصَى بِهِمَا النَّاصِحُ الحَبِيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَن سَأَلَهُ وَاستَوصَاهُ، فَعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلتُهُ أَحَبَّنِيَ اللهُ وَأَحَبَّني النَّاسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " اِزهَدْ في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ، وَازهَدْ فِيمَا في أَيدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَاحرِصُوا عَلَى مَا تَنَالُونَ بِهِ مَحَبَّةَ رَبِّكُم لِيُحَبِّبَكُم إِلى عِبَادِهِ، وَأَعطُوا تُعطَوا، وَأَحسِنُوا يُحسَنْ إِلَيكُم.

 

أَحسِنْ إِلى النَّاسِ تَستَعبِدْ قُلُوبَهُمُ
فَطَالَمَا استَعبَدَ الإِنسَانَ إِحسَانُ



الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ:

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، حِينَمَا يَظُنُّ امرُؤٌ أَنَّهُ يَستَطِيعُ رَسمَ حُدُودٍ لِوُجُودِهِ، فَلْيَعلَمْ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسعَى في فَتلِ قُيُودِهِ، فَإِثبَاتُ الوُجُودِ بَينَ النَّاسِ، لَيسَ حِكَايَةً تُحكَى في مَجلِسٍ فَتَنتَهِي، أَو مَوقِفًا يُروَى لأَصحَابٍ فَيَنقَضِي، وَلَكِنَّهُ رِوَايَةٌ طَوِيلَةٌ وَقِصَّةُ حَيَاةٍ مُمتَدَّةٍ، حَيَاةِ إِنسَانٍ حَسَنِ الأَخلاقِ كَرِيمِ السَّجَايَا، مُمتَدِّ اليَدِ بِالهِبَاتِ وَالعَطَايَا، قَاصِرِ اللِّسَانِ عَنِ البَذَاءَةِ مُتَرَفِّعٍ عَنِ الدَّنَايَا، وَفِيٍّ حَيِيٍّ حَلِيمٍ، صَدُوقٍ رَؤُوفٍ رَحِيمٍ، جَوَادٍ سَمحٍ كَرِيمٍ، ثَابِتٍ في مَبَادِئِهِ، مُتَمَسِّكٍ بِقِيَمِهِ، كَاظِمٍ لِغَيظِهِ عَافٍ عَمَّن أَسَاءَ إِلَيهِ، عَفِيفٍ لَطِيفٍ رَفِيقٍ رَقِيقٍ، غَيرِ هَلُوعٍ وَلا جَزُوعٍ، وَلا مُجَادِلٍ ولا لَجُوجٍ، حَازِمٍ في غَيرِ قَسوَةٍ، لَيِّنٍ في غَيرِ ضَعفٍ، شِعَارُهُ اللِّينُ وَالتَّوَاضُعُ، وَدِثَارُهُ العَفوُ وَالتَّسَامُحُ، لا يَعرِفُ حُبُّ الانتِقَامِ إِلى قَلبِهِ سَبِيلاً، بَل يَصِلُ مَن قَطَعَهُ، وَيُعطِي مَن حَرَمَهُ، وَيَعفُو عَمَّن ظَلَمَهُ، يَتَغَافَلُ وَيَستَرُ العُيُوبَ، وَيَتَغَاضَى لِيَكسَبَ القُلُوبَ، يَبدَأُ مَن لَقِيَهُ بِالسَّلامِ، وَيَدعُو النَّاسَ بِأَحَبِّ أَسمَائِهِم. وَمِثلُ هَذَا، هُوَ المَوجُودُ المَعدُودُ، المُقَدَّرُ المَودُودُ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعرِفُوا لأَنفُسِكُم أَقدَارَهَا، وَتَوَاضَعُوا وَتَطَامَنُوا، وَخُذُوا الأُمُورَ بِالمُلايَنَةِ وَالمُيَاسَرَةِ، فَإِنَّ مَن تَوَاضَعَ للهِ رَفَعَهُ اللهُ، وَ" إِنَّمَا تَحرُمُ النَّارُ عَلَى كُلِّ هَينٍ لَينٍ قَرِيبٍ سَهلٍ "





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لماذا أنا موجود ؟
  • هو الموت ( خطبة )

مختارات من الشبكة

  • خطبة: تهديد الآباء للأبناء بالعقاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ماذا بعد الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الستر فريضة لا فضيحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • إزالة الغفلة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العدل ضمان والخير أمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 14:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب