• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

وجاهدوا في الله حق جهاده

وجاهدوا في الله حق جهاده
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/1/2014 ميلادي - 26/3/1435 هجري

الزيارات: 12124

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وجاهدوا في الله حق جهاده


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الدُّنيَا دَارُ ابتِلاءٍ وَمَيدَانُ امتِحَانٍ، وَمِن أَشَدِّ البَلاءِ فِيهَا لأَولِيَاءِ اللهِ، تَعَدُّدُ أَعدَائِهِم في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، قَرِيبًا وَبَعِيدًا وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا، في الدَّاخِلِ وَالخَارِجِ وَفي السِّرِّ وَالعَلَنِ، وَمِن ثَمَّ فَقَد شُرِعَ الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ وَجُعِلَ ذِروَةَ سَنَامِ الإِسلامِ، وَأُمِرَ المُسلِمُونَ بِبَذلِ الجُهدِ في قِتَالِ الكُفَّارِ بِاليَدِ وَاللِّسَانِ وَالقَلبِ وَالمَالِ، وَمُجَاهَدَةِ النُّفُوسِ بِتَعَلُّمِ أُمُورِ الدِّينِ وَالعَمَلِ بها وَتَعلِيمِهَا وَالصَّبرِ عَلى ذَلِكَ، وَمُجَاهَدَةِ الشَّيطَانِ وَالفُسَّاقِ وَالمُنَافِقِينَ بِدَفعِ مَا يَقذِفُونَهُ مِن شُبُهَاتٍ وَمَا يُزَيِّنُونَهُ مِن شَهَوَاتٍ. قَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة: 73] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 52] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 123] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الصف: 10، 11] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ﴾ [فاطر: 6] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69] وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "جَاهِدُوا المُشرِكِينَ بِأَموَالِكُم وَأَنفُسِكُم وَأَلسِنَتِكُم" رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَسُئِلَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: أَيُّ النَّاسِ أَفضَلُ؟ قَالَ: "مُؤمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ في سَبِيلِ اللهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَعِندَ الطَّبَرَانيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ: "وَأَفضَلُ الجِهَادِ مَن جَاهَدَ نَفسَهُ في ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ".

 

وَقَد مَضَت سُنَّةُ المُسلِمِينَ مُنذُ فُرِضَ الجِهَادُ عَلَى عَقدِ أَلوِيَتِهِ وَرَفعِ رَايَاتِهِ، وَانَطَلَقَت جُيُوشُهُم تُجَلجِلُ بِالتَّكبِيرِ شَرقًا وَغَربًا، وَرَاحُوا يَفتَحُونَ البِلادَ وَيُحَرِّرُونَ العِبَادَ، وَمَضَتِ القُرُونُ وَتَوَالَتِ السُّنُونَ، لا يُذكَرُ الجِهَادُ في نَاحِيَةٍ أَو يَدعُو دَاعِيهِ أَو يُنَادِي مُنَادِيهِ، إِلاَّ اشرَأبتِ الأَعنَاقُ عِزَّةً وَفَخرًا، وَارتَفَعَتِ الرُّؤُوسُ عُلُوًّا وَشَرَفًا، وَطَارَتِ القُلُوبُ شَوقًا إِلى الشَّهَادَةِ وَحُبًّا لِلِقَاءِ اللهِ، وَتَراءَت لِلأَعيُنِ أَروَاحُ الشُّهَدَاءِ في أَجوَافِ طَيرٍ خُضرٍ تَعلُقُ مِن ثِمَارِ الجَنَّةِ، أَحيَاءً عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ، فَأُرخِصَتِ الأَروَاحُ وَلُبِّيَ النِّدَاءُ، وَتَسَابَقَتِ الأَقدَامُ إِلى مَيَادِينِ التَّضحِيَةِ وَالفِدَاءِ، وَمُدَّتِ الأَكُفُّ لِلبَذلِ وَالإِنفَاقِ وَالعَطَاءِ، وَقَد كَانَ مِن ذَلِكَ عَلَى مَرِّ العُصُورِ مَا كَانَ، يَومَ كَانَ وُلاةُ الأَمرِ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالعُلَمَاءِ في طَلائِعِ الجُيُوشِ وَمُقَدَّمِ الصُّفُوفِ، قُوَّادًا وَمُرشِدِينَ وَمُفتِينَ وَمُوَجِّهِينَ، فَلَمَّا تَفَرَّقَتِ الكَلِمَةُ وَأُنهِكَ جَسَدُ الأُمَّةِ، وَتَبَايَعَ النَّاسُ بِالعِينَةِ وَتَبِعُوا أَذنَابَ البَقَرِ، وَرَضُوا بِالزَّرعِ وَتَرَكُوا الجِهَادَ أَو كَادُوا، سَلَّطَ اللهُ عَلَيهِم أَعدَاءَهُم فَاجتَمَعُوا عَلَى حَربِهِم وَاستَرهَبُوهُم، وَاحتَلُّوا دِيَارَهُم وَاستَضعَفُوهُم وَفَرَّقُوهُم، وَمَسَخُوا مُجتَمَعَاتِهِم وَسَلَبُوا ثَرَوَاتِهِم وَنَهَبُوا خَيرَاتِهِم، وَمَا زَالَ بِهِمُ الكِبرُ وَالصَّلَفُ حَتى تَدَخَّلُوا في كُلِّ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ مِن شَأنِهِم، لَكِنَّ ذَلِكَ نَبَّهَ أَعيُنًا لم يَرُقْ لَهَا النَّومُ، وَأَوقَظَ قُلُوبًا لم تَحتَمِلِ الضَّيمَ، فَخَاضَت فِئَامٌ مِنَ المُسلِمِينَ غِمَارَ الجِهَادِ بِجُهُودٍ فَردِيَّةٍ، وَانضَمُّوا تَحتَ رَايَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَسَارُوا خَلفَ قِيَادَاتٍ مُتَبَايَنَةٍ، فَكَرُّوا وَفَرُّوا، وَأَقدَمُوا وَأَحجَمُوا، وَأَصَابُوا وَأُصِيبُوا، وَكَسَرُوا وَكُسِرُوا، وَغَنِمُوا وَغُنِمَ مِنهُم، وَالحَقُّ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتِ مُحَاوَلاتٍ لم تَخلُ مِن بَعضِ النَّقصِ، وَاجتِهَادَاتٍ شَابَهَا مَا شَابَهَا لِغِيَابِ كَثِيرٍ مِن أَهلِ الحَلِّ وَالعَقدِ مِنَ الوُلاةِ وَالعُلَمَاءِ عَنهَا، إِلاَّ أَنَّهَا أَعَادَت لِنُفُوسِ المُسلِمِينَ شَيئًا مِنَ الأَمَلِ، وَأَلبَسَتهُم أَثوَابًا مِنَ العِزَّةِ وَأَقَرَّت أَعيُنَهُم، وَشَفَت صُدُورَ قَومٍ مُؤمِنِينَ وَأَذهَبَت غَيظَ قُلُوبِهِمْ، وَعُذِّبَ بها فَسَقةٌ وَمُنَافِقُونَ، وَأُخزِيَ كُفَّارٌ ومُشرِكُونَ. أَلا فَمَا أَحرَى الأُمَّةَ اليَومَ وَهِيَ في مُعتَرَكٍ قَد تَكَالَبَ عَلَيهَا فِيهِ الأَعدَاءُ، أَن تَتَّقِيَ رَبَّهَا وَتَعتَنيَ بما جَعَلَ اللهُ فِيهِ عِزَّتَهَا، وَتُصَحِّحَ المَسَارَ بِاجتِمَاعٍ بَعدَ فُرقَةٍ وَائتِلافٍ بَعدَ اختِلافٍ، وَتُوَحِّدَ الجُهُودَ وَتَضُمَّ الرَّايَاتِ إِلى بَعضِهَا، بَدَلاً مِن رُجُوِع بَعضِهِم على بَعضٍ بِالتُّهَمِ، وَالتَّرَاشُقِ بِالتَّكفِيرِ وَالتَّضلِيلِ، وَتَبَادُلِ التَّفسِيقِ وِالتَّبدِيعِ، دُونَ ظَاهِرٍ مِن دَلِيلٍ أَو ثَابِتٍ مِن وَاقِعٍ؛ فَإِنَّهُ لا بُدَّ مِن جِهَادِ الأَعدَاءِ، وَلا مَنَاصَ قَبلَهُ مِن إِعدَادِ العُدَّةَ، لِتَأخُذَ الأُمَّةُ مَكَانَهَا بَينَ الأُمَمِ في الصَّدَارَةِ، وَتَفُوزَ بِالرِّيَادَةِ وَالقِيَادَةِ، وَإِلاَّ بَقِيَت في مُؤَخَّرَةِ الرَّكبِ وَارتَكَسَتِ في الذِّلَّةِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60]. نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ يَجِبُ عَلَى المُسلِمِينَ الإِعدَادُ بِكُلِّ مَعَانِيهِ، وَأَن يَسُدَّ كُلٌّ مِنهُم في ذَلِكَ مَا قِبَلَهُ مِنَ الثُّغُورِ، العُلَمَاءُ بِإِظهَارِ الحَقِّ عَمَلاً بِالمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ اللهُ عَلَيهِم بِالبَيَانِ وَعَدَمِ الكِتمَانِ، وَالعَامَّةُ بِرَدِّ مُهِمَّاتِ الأُمُورِ إِلى أَهلِهَا امتِثَالاً لأَمرِ رَبِّهِمُ القَائِلِ: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43] وَالقَائِلِ جَلَّ شَأنُهُ: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 83] ثم إنَّ الجَمِيعَ مُطَالَبُونَ قَبلَ ذَلِكَ أَن يُجَاهِدُوا نُفُوسَهُم، إِذْ إِنَّ جِهَادَ الأَنفُسِ هُوَ الأَصلُ وَالأَسَاسُ وَالعُمدَةُ، وَمَا لم يُفلِحُوا في جِهَادِ أَعدَائِهِمُ الدَّاخِلِيِّينَ، فَلَن يُفلِحُوا في جِهَادِ أَعدَائِهِمُ الخَارِجِيِّينَ، قَالَ الإِمَامُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: وَلَمَّا كَانَ جِهَادُ أَعدَاءِ اللهِ في الخَارِجِ فَرعًا عَلَى جِهَادِ العَبدِ نَفسَهُ في ذَاتِ اللهِ، كَمَا قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " المُجَاهِدُ مَن جَاهَدَ نَفسَهُ في طَاعَةِ اللهِ، وَالمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنهُ " كَانَ جِهَادُ النَّفسِ مُقَدَّمًا عَلَى جِهَادِ العَدُوِّ في الخَارِجِ وَأَصلاً لَهُ، فَإِنَّهُ مَا لم يُجَاهِدْ نَفسَهُ أَوَّلاً لِتَفعَلَ مَا أُمِرَت بِهِ وَتَترُكَ مَا نُهِيَت عَنهُ وَيُحَارِبْهَا في اللهِ، لم يُمكِنْهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ في الخَارِجِ، فَكَيفَ يُمكِنُهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ وَالانتِصَافُ مِنهُ وَعَدُوُّهُ الَّذِي بَينَ جَنبَيهِ قَاهِرٌ لَهُ مُتَسَلِّطٌ عَلَيهِ لم يُجَاهِدْهُ وَلم يُحَارِبْهُ في اللهِ، بَل لا يُمكِنُهُ الخُرُوجُ إِلى عَدُوِّهِ حتى يُجَاهِدَ نَفسَهُ عَلَى الخُرُوجِ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد: 4 - 11].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَاحذَرُوا أَسبَابَ سَخَطِ رَبِّكُم جَلَّ وَعَلا فَإِنَّ أَجسَامَكُم عَلَى النَّارِ لا تَقوَى.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لا يَشُكُّ مُسلِمٌ في فَضلِ الجِهَادِ وَكَونِهِ ذِروَةَ سَنَامِ الإِسلامِ، وَلَيسَ مُؤمِنٌ يَعرِفُ فَضلَ الشَّهَادَةِ وَمَنزِلَةَ الشُّهَدَاءِ عِندَ رَبِّهِم، وَيُدرِكُ خَطَرَ تَركِ الجِهَادِ عَلَى الأُمَّةِ أَفرَادًا وَمُجتَمَعاتٍ، إِلاَّ تَمَنَّى العَيشَ غَازِيًا وَالمَوتَ شَهِيدًا، كَيفَ لا وَقَد قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَا أَحَدٌ يَدخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَن يَرجِعَ إِلى الدُّنيَا وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الأَرضِ مِن شَيءٍ إِلاَّ الشَّهِيدَ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَن يَرجِعَ إِلى الدُّنيَا فَيُقتَلَ عَشرَ مَرَّاتٍ، لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وَقَالَ: "وَالَّذِي نَفسُ محمدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدتُ أَن أَغزُوَ في سَبِيلِ اللهِ فَأُقتَلَ ثم أَغزُوَ فَأُقتَلَ ثم أَغزُوَ فَأُقتَلَ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ: "مَن مَاتَ وَلم يَغزُ وَلم يُحَدِّثْ بِهِ نَفسَهُ، مَاتَ عَلَى شُعبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. وَقَالَ: "مَن لم يَغزُ أَو يُجَهِّزْ غَازِيًا أَو يَخلِفْ غَازِيًا في أَهلِهِ بِخَيرٍ، أَصَابَهُ اللهُ بِقَارِعَةٍ قَبلَ يَومِ القِيَامَةِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ المُسلِمُونَ وَلْيَتَفَاءَلُوا وَلْيَستَبشِرُوا، فَإِنَّ الجِهَادَ مَاضٍ بِإِذنِ اللهِ وَإِن ضَاقَت بِهِ صُدُورٌ أَو شَرِقَت بِهِ حُلُوقٌ ﴿ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 32، 33] وَلَكِنَّهَا قَد تَمُرُّ بِالأُمَّةِ فَتَرَاتٌ يَحبِسُهَا أَو يَحبِسُ بَعضَ أَفرَادِهَا عَنِ الجِهَادِ حَابِسٌ، أَو يَرَى المُسلِمُ بِعَينِهِ في بَعضِ السَّاحَاتِ خِلافَاتٍ وَمُشكِلاتٍ، أَو قِتَالاً تَحتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ أَو صِرَاعًا عَلَى زَعَامَةٍ، أَوِ استِهَانَةً بِالدِّمَاءِ المُحَرَّمَةِ وَاستِخفَافًا بِالأَنفُسِ المَعصُومَةِ، وَحِينَئِذٍ فَإِنَّ لَهُ مَندُوحَةً عَنِ الزَّجِّ بِنَفسِهِ في مَوَاقِعِ الشُّبُهَاتِ، وَيَسَعُهُ مَا وَسِعَ سَلَفَ الأُمَّةِ مِمَّنِ اعتَزَلُوا الفِتَنَ وَاجتَنَبُوهَا، وَإِذَا عَلِمَ رَبُّهُ مِنهُ صِدقَ النِّيَّةِ وَخُلُوصَ المَقصِدِ وَإِرَادَةَ الخَيرِ، بَلَّغَهُ مُرَادَهُ وَإِن مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَن سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدقٍ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِن مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. وَقَالَ: "مَن جَهَّزَ غَازِيًا في سَبِيلِ اللهِ فَقَد غَزَا، وَمَن خَلَفَ غَازِيًا في أَهلِهِ بِخَيرٍ فَقَد غَزَا" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. اللَّهُمَّ ارزُقْنَا الفِقهَ في دِينِكَ وَعَلِّمْنَا مَا يَنفَعُنَا، وَانفَعْنَا بما عَلَّمتَنَا وَزِدْنَا عِلمًا، سُبحَانَكَ لا عِلمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمتَنَا إِنَّكَ أَنتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهر للجهاد بالقرآن
  • الصيام وجهاد النفس
  • ﴿ وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ﴾

مختارات من الشبكة

  • خطبة وجاهدوا في الله حق جهاده(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 14:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب