• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) (خطبة)

( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/11/2025 ميلادي - 16/5/1447 هجري

الزيارات: 9606

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿وَمَنْ يُوقَ ‌شُحَّ ‌نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

 

الحمدُ للهِ خلقَ النفسَ فسوَّاها، وألْهمَها فجورَها وتقواها، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ شهادةَ موحِّدٍ يرجو ذُخْرَها وعُقباها، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلّمَ عليه وعلى آلِه وصحبِه ما بزغتْ شمسٌ بضحاها؛ أما بعدُ:

فـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

أيها المؤمنون، النفْسُ من أعجبِ خَلْقِ اللهِ، أقسمَ بها تعظيمًا لشأنِها، والعظيمُ لا يقسمُ إلا بعظيمٍ؛ ﴿‌وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾، ودعا إلى التفكرِ فيها، فقال: ﴿‌وَفِي ‌أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾، ومن مجالي التبصُّرِ النفسيِّ العائدِ بعظيمِ النفعِ على صاحبِه: التفكرُ في أدواءِ النفوسِ، وما يصلحُها مما نوَّهَ عنه الشرعُ وأكَّدَه؛ إذ ذاك هُدى خالقِها والعالِمِ بما يُصلِحُها، هذا وإنَّ من أعظمِ ما أوْلاه الشرعُ في شأنِ النفسِ عنايتَه بداءِ شُحِّها؛ بيانًا لحقيقةِ ذلك الشُّحِّ، وترهيبًا من خطرِه، وعلاجًا لمرضِه الفتَّاكِ، واحتفاءً بالسلامةِ من براثنِ شرِّه المستطيرِ.

 

فالشحُّ أشدُّ أنواعِ البخلِ وأخطرُها، فهو بخلٌ ملازمٌ حَوَى حرصًا شديدًا عمَّ المالَ والمنافعَ والمشاعرَ والعواطفَ، فصاحبُه مانعٌ لما وجبَ عليه من الحقوقِ، باخلٌ لا يكادُ يَخرجُ منه المعروفُ إنْ أمرَ به الشرعُ أوِ اقتضتْه المروءةُ، وهو على مَنْعِه الحقَّ الذي عليه أنانيٌّ شديدُ التقصِّي في استيفاءِ الحقِّ الذي له وِفْقَ ما أبانَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقولِه: "كَفَىَ ‌بِالْمَرْءِ ‌مِنَ ‌الشُّحِّ أَنْ يَقُولَ: آخُذُ حَقِّي لَا أَتْرُكُ مِنْهُ شَيْئًا"؛ رواه الحاكمُ وصحَّحَه ووافقَه الذهبيُّ.

 

يحملُه شحُّه على التطلُّعِ إلى ما في يدِ الغيرِ، ويُجرِّئِهُ على تقحُّمِ دركاتِ ظلمِ العبادِ وحسدِهم والاعتداءِ عليهم؛ إذ ظلمةُ شحِّه تُعميه عن تبصُّرِ نعمتِه، فلا يَرى إلا فِقدانَ ما حواه غيرُه، وشَرَهُ نفسِه يدعوه إلى العدوانِ على حقوقِ العبادِ، وقسوةُ قلبِه شقاءٌ قد حرمَه نداوةَ الرحمةِ، وأفقدَه الإحساسَ بقبحِ الفعلِ، وأعماه عن حسابِ يومِ الدينِ.

 

تساءلَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَمْرٍو - رضيَ اللهُ عنهما - يومًا فقَالَ: أَيُّهُمَا أَشَدُّ: الْبُخْلُ، أَوِ الشُّحُّ؟ فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: ‌الشُّحُّ ‌أَشَدُّ مِنَ الْبُخْلِ؛ الشَّحِيحُ يَشِحُّ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ فَيَحْبِسُهُ، وَيَشِحُّ عَلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ حَتَّى يَأْخُذَهُ، وَإِنَّ الْبَخِيلَ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ.

 

أيها المسلمون، إنَّ داءَ الشحِّ قد اكتنفَ من عظيمِ الشرِّ ما جعلَه مجافيًا للإيمانِ؛ فلا يمكنُ أنْ يجتمعَ إيمانٌ وشحٌّ في قلبِ امرئٍ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا ‌يَجْتَمِعُ ‌الشُّحُّ ‌وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أبدًا"؛ رواه البخاريُّ في الأدبِ المُفْرَدِ، وصحَّحَه الألبانيُّ.

 

ولَمَّا كان الشحُّ مجافيًا للإيمانِ الذي يدِّعيه صاحبُه، صارَ ذلك الشحُّ سِمَةً لأهلِ النفاقِ وشعارًا لهم حين خلتْ قلوبُهم مِن الإيمانِ، كما وصفَهمُ اللهُ بقولِه: ﴿ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ﴾ [الأحزاب: 19]، والشحُّ داءٌ مُهْلِكٌ للفردِ إنْ تَملَّكَه وأطاعَه، يقولُ النبي صلى الله عليه وسلم: "‌ثلاثٌ ‌مهلكاتٌ: شحٌّ مُطاعٌ، وهوىً مُتَّبَعٌ، وإعجابُ المرءِ بنفسِه"؛ رواه البزَّارُ وحسَّنَه المنذريُّ والألبانيُّ بمجموعِ طُرُقِه.

 

وكما أنَّ الشحَّ سببُ هلاكِ للفردِ، فهو كذلك سببٌ لهلاكِ المجتمعِ إنْ فشا في أهلِه وغلبَ عليهم، فالشحُّ من أعظمِ أسبابِ هلاكِ الأممِ؛ لما يُفضي إليه من اختلالِ الأمنِ والاعتداءِ على الأملاكِ والحُرماتِ؛ كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ‌وَاتَّقُوا ‌الشُّحَّ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ"؛ رواه مسلمٌ.

 

ولذا كان ذاك الشحُّ سببَ خوفِ النبي صلى الله عليه وسلم على أمَّتِه لعظيمِ خطرِه عليها؛ كما قال: "ما أخافُ على أُمَّتِي إلا ثلاثًا: ‌شُحٌّ ‌مُطاعٌ، وهوًى متَّبعٌ، وإمامُ ضلالٍ"؛ رواه البزَّارُ وصحَّحَه الألبانيُّ.

 

ولَمَّا كان فُشُوُّ الشُّحِّ في المجتمعِ مُفْصِحًا عن فسادِ أهلِه وقربِ هلاكِهم، كان انتشارُه مُؤْذِنًا بقربِ قيامِ الساعةِ التي لا تقومُ إلا على شرارِ الخلْقِ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى ‌الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ"، قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟ قال: "القتل، القتل"؛ رواه البخاريُّ.

 

وإذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم اعتبرَ البخلَ أدْوى الداءِ؛ إذ يقولُ - كما روى البخاريُّ في الأدبِ المفردِ وصحَّحَه الألبانيُّ -: "وَأَيُّ ‌دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ؟!"؛ فكيف بالشحِّ الذي هو أشدُّ أنواعِه والنهايةُ التي يبلغُها البخلُ؟! ولئنْ كان الشحُّ ذا خطرٍ عظيمٍ، فإنَّه أخطرُ ما يكونُ إنْ صاحَبَه جزعٌ شديدٌ، وذاك مما يَكثُرُ اقترانُه به؛ يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ ‌شُحٌّ ‌هَالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ"؛ رواه أبوداودَ وجوَّدَه العراقيُّ؛ قال ابنُ القيِّمِ: "وإذا أردتَ معرفةَ الهَلوعِ، فهو الذي إذا أصابَه الجوعُ أظهرَ الاستجاعةَ وأسرعَ بها، وإذا أصابَه الألمُ أسرعَ الشكايةَ، وإذا أصابَه القهرُ أظهرَ الاستضامةَ والاستكانةَ وباءَ بها سريعًا، وإذا أصابَه الوجعُ أسرعَ الانطراحَ على جنبِه، وأظهرَ الشكايةَ، وإذا بدا له مأخذُ طمعٍ طارَ إليه سريعًا، وإذا ظفرَ به أحلَّه من نفسِه محلَّ الرُّوحِ؛ فلا احتمالَ ولا إفضالَ، وهذا كلُّه من صِغرِ النفسِ ودناءتِها، وتَدْسِيَتِها في البدنِ وإخفائِها وتحقيرِها، واللَّهُ المستعانُ".

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ؛ أما بعدُ:

فاعلموا أنَّ أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ...

 

أيها المؤمنون، إنَّ الشُّحَّ خُلُقٌ جُبِلتْ النفوسُ عليه، فكان كالشيءِ الحاضرِ المُلازمِ لها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ﴾ [النساء: 128]، ويزيدُ من سُعارِ ذلك الشحِّ المجبولِ في النفسِ تأثيرُ النظرةِ الرَّأْسِماليَّةِ التي طغتْ في العالَمِ، وحياةُ التَّرفِ التي تجعلُ الهامشيَّ في هَرَمِ سلَّمِ الأولوياتِ التي لا تقبلُ التنازلَ أو المساومةَ.

 

هذا وإنَّ السلامةَ من داءِ الشحِّ لا تكونُ إلا بوقايةِ اللهِ وفضلِه؛ وذاك مَكْمَنُ الفلاحِ وجِماعُه، كما كرَّرَه اللهُ في كتابِه بقولِه: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]، ومن الأمورِ التي تكونُ بها الوقايةُ الربانيةُ من داءِ الشحِّ دعاءُ اللهِ بالسلامةِ والاستعاذةُ منه، وذاك ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر التعوذ منه حين كان يستعيذ بالله من البخل عامة، ومن الشحِّ الذي هو أخطرُه خاصةً؛ قال سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا تُعَلَّمُ ‌الْكِتَابَةُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ ‌الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ القبر"؛ رواه البخاريُّ.

 

وقال عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: "حَدَّثَنِي أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ ‌يَتَعَوَّذُ مِنَ ‌الشُّحِّ، وَالْجُبْنِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ"؛رواه النسائي في الكبرى وصححه الألباني لغيره، وقال أبو الهيَّاجِ الأسديُّ: كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ ‌قِنِي ‌شُحَّ ‌نَفْسِي، لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي إِذَا وُقِيتُ ‌شُحَّ ‌نَفْسِي لَمْ أَسْرِقْ، وَلَمْ أَزْنِ، وَلَمْ أَفْعَلْ شَيْئًا، وَإِذَا الرَّجُلُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ؛ (رواه الطبريُّ في تفسيرِه).

 

وأداءُ الواجباتِ الشرعيةِ - خاصةً ما يتعلَّقُ بالمالِ - من أعظمِ ما يَعْصِمُ اللهُ به العبدَ من آفةِ الشُّحِّ؛ كما قال اللهُ تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]، وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَرِيءَ ‌من ‌الشُّحِّ مَن أدَّى الزكاةَ، وقَرى الضيفَ، وأَعطى في النَّائبةِ"؛ رواه الطبرانيُّ وحسَّنَه ابنُ حَجَرٍ، وقال ابنُ زيدٍ: "مَنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا لِشَيْءٍ نَهَاهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْهُ، وَلَمْ يَدَعْهُ الشُّحُّ عَلَى أَنْ يَمْنَعَ شَيْئًا مِنْ شَيْءٍ أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، فَقَدْ وَقَاهُ اللَّهُ شُحَّ نَفْسِهِ فَهُوَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ".

 

هذا ولم يُستثنَ من مَذَمَّةِ الشحِّ إلا شحُّ المرءِ بدينِه، حين يكون شحيحًا بإيمانِه وحسناتِه من المفسداتِ أو المُنقصاتِ، ضنينًا بوقتِه الذي هو رأسُ مالِه، لا يتركُه هَدَرًا لكلِّ بطَّالٍ؛ قال ابنُ القيِّمِ: "إنَّ الإيثارَ المحمودَ الذي أثنى اللَّهُ على فاعلِه الإيثارُ بالدنيا، لا بالوقتِ والدينِ وما يعودُ بصلاحِ القلبِ؛ قال اللَّهُ تعالى: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

 

فأخبرَ تعالى أنَّ إيثارَهم إنَّما هو بالشيءِ الذي إذا وُقِي الرجلُ الشحَّ به كان من المفلحين، وهذا إنَّما هو فضولُ الدنيا، لا الأوقاتُ المصروفةُ في الطاعاتِ؛ فإنَّ الفلاحَ كلَّ الفلاحِ في الشحِّ بها، فمَن لم يكنْ شحيحًا بوقتِه تركَه الناسُ على الأرضِ عريانَ مفلسًا، فالشحُّ بالوقتِ هو عمارةُ القلبِ وحفظُ رأسِ مالِه".

ذَرِيني فإنَّ الشُّحَّ يا نفسُ فاعْلمي
لِصالحِ أخلاقِ الرِّجالِ سَروقُ
يُذِلُّ كريمَ الطبعِ مِن بعدِ ما عَلا
ويُورِثُ حقدًا في الجفاءِ عَقُوقُ
إذا حلَّ في قلبٍ تأذَّنَ هالِكًا
وصارَ هَلوعًا للهَوان طَرَوقُ
ويَمنعُ حقًّا في البَداهةِ لازمًا
ولا خيرَ في أمرٍ نافَرَتْهُ حقوقُ
فيا ربِّ سلِّمْنَا مِن الشُّحِّ رحمةً
فإنَّا ضعافٌ والخطايا لُحُوقُ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بركة المجلس القرآني (خطبة)
  • كسرة الذنب (خطبة)
  • {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} (خطبة)
  • خطبة: لذة المناجاة
  • عطاء أمي (قصيدة)
  • الاستشفاء بالقرآن (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع حديث جامع لآفات النفس (خلاصة خطبة جمعة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هضم النفس في ذات الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محاسبة النفس في ضوء الكتاب والسنة وأحكام شهر الله المحرم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • السماحة في البيع والشراء والكراء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {فأسرها يوسف في نفسه...} {نفقد صواع الملك}.. تدبرات (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة: المسلم الإيجابي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • عقوبة من أساء بين الشريعة والافتراء (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/6/1447هـ - الساعة: 13:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب