• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

وبدأ العام الدراسي (خطبة)

وبدأ العام الدراسي (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/8/2023 ميلادي - 4/2/1445 هجري

الزيارات: 5778

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وبدأ العام الدراسي

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَبعدَ عُطلَةٍ وَإِجَازَةٍ، يَستَقبِلُ الأَبنَاءُ عَامًا دِرَاسِيًّا جَدِيدًا، يَتَوَجَّهُونَ فِيهِ بَعدَ غَدٍ إِلى مَدَارِسِهِم، وَيَقصِدُونَ مَعَاهِدَهُم وَجَامِعَاتِهِم، وَيَنتَظِمُونَ في فُصُولِ الدِّرَاسَةِ وَقَاعَاتِ التَّعَلُّمِ، وَيَجتَمِعُونَ في مُؤَسَّسَاتٍ تَعلِيمِيَّةٍ تَربَوِيَّةٍ، وَيَتَلَقَّونَ مِن ثُلَّةٍ مِنَ التَّربَوِيِّينَ وَالمُعَلِّمِينَ، فَوَا حُسنَ حَظِّ مَن كَمُلَت لَهُ الوَسَائِلُ المُعِينَةُ وَمُهِّدَ لَهُ الطَّرِيقُ المُوصِلُ، فَرُزِقَ بِمُعَلِّمِينَ مُخلِصِينَ، وَصَاحَبَ زُمَلاءَ نَاجِحِينَ، وَآتَاهُ اللهُ عَقلًا يُمَيِّزُ بِهِ النَّافِعَ مِنَ الضَّارِّ، وَفِكرًا يُوَجِّهُهُ إِلى الأَصوَبِ وَالأَصلَحِ، وَاتَّجَهَ إِلى مَقصِدِهِ بِجِدٍّ وَاجتِهَادٍ، وَجَعَلَ غَايَتَهُ العُليَا وَهَدَفَهُ الأَسمَى نُصبَ عَينَيهِ، وَلم تَشغَلْهُ بُنَيَّاتُ الطَّرِيقِ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ، وَيَا لَسُوءِ مَا سَيُواجِهُهُ وَيَلقَاهُ مَن لم يَحظَ بِاكتِمَالِ رَكَائِزِ التَّعلِيمِ وَالتَّربِيَةِ في بِيئَتِهِ، فَكَانَت وِجهَتُهُ مَدرَسَةً أَو جَامِعَةً ضَعِيفَةَ النِّظَامِ، غَيرَ وَاضِحَةِ الأَهدَافِ وَلا دَقِيقَةَ الغَايَةِ، لا تَقَيُّدَ فِيهَا بِأَدَبِ تَعَلُّمٍ، وَلا حِفظَ لِوَقتِ مُتَعَلِّمٍ، وَلا نِيَّةَ صَالِحَةَ لاستِصلاحِ نَشءٍ وَلا تَربِيَةَ جَادَّةً!

 

إِنَّ العِلمَ نُورٌ لِلقُلُوبِ، وَضِيَاءٌ في الدُّرُوبِ، وَتَقوِيمٌ لِلأَخلاقِ، وَزَرعٌ لِلقِيَمِ وَالآدَابِ، وَضَبطٌ لِلسُّلُوكِ وَالمُمَارَسَاتِ، مَتى حَظِيَ بِهِ مُجتَمَعٌ وَنَالَ مِنهُ الحَظَّ الكَافيَ، فَقَد حَصَّل خَيرًا كَثِيرًا، وَرَبِحَ رِبحًا عَظِيمًا، وَانتَفَعَ وَارتَفَعَ، وَلَو لم يَكُنْ مُستَوَاهُ المَاليُّ وَالمَادِّيُّ عَالِيًا، وَمَتى فَقَدَهُ مُجتَمَعٌ وَلم يَنَلْ مِنهُ حَظَّهُ، فَتَرَاجَعَ المُعَلِّمُ وَانصَرَفَ الطَّالِبُ، وَضَعُفَتِ المُؤَسَّسَةُ التَّعلِيمِيَّةُ وَضَلَّت طَرِيقَهَا، فَقَد دَاخَلَتِ المُجتَمَعَ حِينَئِذٍ شُرُورٌ كَثِيرَةٌ، وَخَسِرَ وَانحَدَرَ، وَارتَكَسَ في الحَظِيظِ وَانتَكَسَ، وَلَو كَانَت مُقَوِّمَاتُ الحَيَاةِ الكَرِيمَةِ قَائِمَةً بَينَ يَدَيهِ وَالخَيرَاتُ مُنصَبَّةً عَلَيهِ.

 

طَلَبُ العِلمِ عِبَادَةٌ، وَتَعلِيمُهُ عِبَادَةٌ، وَحِفظُهُ وَمُرَاجَعَتُهُ عِبَادَةٌ، وَالتَّضَلُّعُ مِنهُ رِفعَةٌ في الدَّرَجَاتِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "فَضلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضلِي عَلَى أَدنَاكُم"، وَقَالَ: "إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ حَتَّى النَّملَةُ في جُحرِهَا وَحَتَّى الحُوتُ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيرَ"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلتَمِسُ فِيهِ عِلمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلى الجَنَّةِ، وَمَا اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَينَهُم، إِلاَّ نَزَلَت عَلَيهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتهُمُ الرَّحمَةُ، وَحَفَّتهُمُ المَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَن عِندَهُ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "الدُّنيَا مَلعُونَةٌ مَلعُونٌ مَا فِيهَا، إِلاَّ ذِكرَ اللهِ وَمَا وَالاهُ، وَعَالِمًا أَو مُتَعَلِّمًا"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ مِنَ الحَقَائِقِ الَّتي يَجِبُ أَن نَعِيَهَا، أَنَّ المَدَارِسَ وَالجَامِعَاتِ في زَمَانِنَا هَذَا، لَيسَت هِيَ وَحدَهَا الَّتي تُرَبِّي وَتُعَلِّمُ وَتُوَجِّهُ، بَل لَقَد تَعَدَّدَتِ الأَبوَابُ الَّتي يَتَلَقَّى مِنهَا النَّاسُ، وَتَنَوَّعَتِ الطُّرُقُ الَّتي يُمكِنُ أَن يُؤَثَّرَ فِيهِم بِهَا، وَكَثُرَتِ الوَسَائِلُ الَّتي بِهَا تُغَيَّرُ أَفكَارُ النَّاسِ وَتُعَادُ صِيَاغَةُ عُقُولِهِم، وَقَد يَستَغرِبُ بَعضُنَا إِذَا قِيلَ لَهُ إِنَّ مِنهَا بَل مِن أَخطَرِهَا عَلَى ضَعفِهِ وَنُعُومَتِهِ، تِلكُمُ الأَجهِزَةَ الَّتي بَينَ أَيدِي النَّاسِ وَيَحمِلُونَهَا مَعَهُم لَيلًا وَنَهَارًا، وَيَتَعَامَلُونَ مَعَهَا سِرًّا وَجِهَارًا، وَيَسِيحُونَ مِن خِلالِهَا في عَالَمٍ مُختَلِفِ الدِّيَانَاتِ مُتَنَوِّعِ الثَّقَافَاتِ، مُضطَرِبِ الأَحوَالِ مُنحَدِرِ الأَخلاقِ، وَقَد يَرَونَ فِيهَا وَيُشَاهِدُونَ بَل وَيَتَفَاعَلُونَ، مَعَ مَا يَصطَدِمُ بِمَا تَعَلَّمُوهُ في مَسَاجِدِهِم وَسَمِعُوهُ مِن خُطَبَائِهِم وَعُلَمَائِهِم، وَيَنقُضُ مَا دَرَسُوهُ في مَدَارِسِهِم وَتَلَقَّوهُ مِن مُعَلِّمِيهِم، وَمِن ثَمَّ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الجَمِيعِ التَّعَاوُنُ في صِيَاغَةِ النَّشءِ صِيَاغَةً تَتَّفِقُ وَمَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَيُحَافَظُ بِهَا عَلَى مَا تَلَقَّتهُ الأَجيَالُ عَلَى مَرِّ قُرُونِ الإِسلامِ مِن حَسَنِ الأَخلاقِ وَكَرِيمِ الفِعَالِ وَحَمِيدِ الخِصَالِ، وَهَذِهِ الصِّيَاغَةُ أَوِ التَّربِيَةُ، لَيسَت بِتَوفِيرِ المَلابِسِ وَالمَأكَلِ وَالمَشرَبِ وَبَعضِ الأَدوَاتِ، وَلا بَإِكمَالِ وَسَائِلِ الرَّاحَةِ وَتَوسِيعِ الإِنفَاقِ، وَلَكِنَّهَا مَنهَجُ حَيَاةٍ مُستَمِرَّةٍ، فِيهَا المَرئِيُّ وَالمَسمُوعُ، وَفِيهَا النَّظَرِيُّ وَالعَمَلِيُّ، وَفِيهَا القُدوَةُ الصَّالِحَةُ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ، وَفِيهَا التَّعَاوُنُ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَالتَّنَاصُحُ، وَالتَّنَاهِي عَنِ الإِثمِ وَالعُدوَانِ وَالعِصيَانِ، يَمتَثِلُ فِيهَا كُلُّ مُسلِمٍ قَولَ اللهِ تَعَالى في سُورَةِ العَصرِ الَّتي أَظهَرَت لِمَن يُرِيدُ الفَلاحَ طَرِيقَهُ وَبَيَّنَت لَهُ مَنهَجَهُ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ هَذَا هُوَ مَنهَجُ الفَلاحِ وَالنَّجَاةِ لِمَن وَفَّقَهُ اللهُ وَأَرَادَ بِهِ خَيرًا، يَبدَأُ الإِنسَانِ بِنَفسِهِ، بِالإِيمَانِ بِرَبِّهِ، وَالتَّزَوُّدِ مِن العَمَلِ الصَّالِحِ، ثم يَقُومُ بِحَقِّ غَيرِهِ عَلَيهِ، بِالأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالاتِّصَافِ بِهِ، وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ وَتَجَنُّبِهِ، وَالصَّبرِ وَالثَّبَاتِ عَلَى طَرِيقِ الحَقِّ حَتى المَمَاتِ، وَإِلاَّ فَمَا قِيمَةُ العِلمِ إِنْ لم يُعمَلْ بِهِ وَيُجعَلْ وَاقِعَ حَيَاةٍ؟! ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].

 

إِنَّهَا مُعَانَاةُ المُجَتَمَعَاتِ اليَومِ، وَالاختِبَارُ الصَّعبُ الَّذِي لم يَنجَحْ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَعَ انتِشَارِ العِلمِ وَاتِّسَاعِ الثَّقَافَةِ، وَسُهُولَةِ تَحصِيلِ المَعلُومَةِ وَتَيَسُّرِ سُبُلِ التَّعَلُّمِ وَالتَّدرِيبِ، إِلاَّ أَنَّ النَّاسَ مَا زَالُوا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلى أَن يُتبِعُوا العِلمَ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ، وَأَن يُحَوِّلُوا الثَّقَافَةَ مِنِ اتِّسَاعِ المَعلُومَاتِ إِلى سَعَةٍ في الأُفُقِ وَبُعدِ نَظَرٍ في مَآلاتِ الأُمُورِ، فَاللهَ اللهَ بِالتَّعَاوُنِ أَيُّهَا المُوَفَّقُونَ، وَلْيَجعَلْ كُلُّ فَردٍ مِنَّا نَفسَهُ مَسؤُولًا وَمُعَلِّمًا لِلخَيرِ وَمُوَجِّهًا إِلى كُلِّ بِرٍّ، وَلْيُعلَمْ أَنَّ النَّافِعَ وَالمَحمُودَ وَالمَرغُوبَ فِيهِ مِنَ المَعَارِفِ وَالأَخلاقِ، كَمَا يَنتَشِرُ بِالتَّلقِينِ وَالتَّعلِيمِ عَلَى كَرَاسِيِّ المَدَارِسِ وَمَقَاعِدِ الجَامِعَاتِ، فَهُوَ لا يَتَرَسَّخُ وَلا يَمتَدُّ وَلا يُبَارَكُ فِيهِ، إِلاَّ بِالقُدوَةِ الحَسَنَةِ وَالفِعَالِ الصَّادِقَةِ، وَالسَّيرِ عَلَى مَبَادِئَ وَاضِحَةٍ في التَّعَبُّدِ وَالتَّعَامُلِ وَالأَخذِ وَالعَطَاءِ، وَالحَذَرِ مِنَ الانزِلاقِ في مُنحَدَرَاتِ هُوَى النُّفُوسِ، وَمُنزَلَقَاتِ هَذَا العَصرِ الَّتي أَجلَبَ بِهَا الشَّيطَانُ وَأَعوَانُهُ عَلَى النَّاسِ، فَشَغَلُوهُم بِالتَّافِهِ وَالسَّاقِطِ، وَأَبعَدُوهُم عَنِ المَعَالي وَمَا يَرفَعُهُم وَيَنفَعُهُم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 20 - 25].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَاشكُرُوهُ وَاذكُرُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ ﴾ [البقرة: 223].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِنَ المُؤسِفِ المُوجِعِ أَن تَكُونَ إِجَازَةُ الأَبنَاءِ مِنَ الدِّرَاسَةِ فُرصَةً لِلخُمُولِ وَالكَسَلِ وَانقِلابِ مَوَازِينِ النَّومِ، وَمُصَادَمَةِ الفِطرَةِ بِجَعلِ اللَّيلِ نَهَارًا وَالنَّهَارِ لَيلًا، ثم لا تَتَغَيَّرَ الحَيَاةُ في أَكثَرِ البُيُوتِ إِلاَّ مَعَ بِدَايَةِ الدِّرَاسَةِ؛ إِذْ يُعلَنُ أَنَّ وَقتَ اللَّعِبِ وَالهَزلِ وَالخُمُولِ قَد وَلَّى، وَأَنَّ مَوسِمَ الجِدِّ وَالنَّشَاطِ قَد جَاءَ وَأَتى، وَيَظهَرُ الاهتِمَامُ وَتَشتَدُّ العِنَايَةُ، وَتَبذُلُ الأُسَرُ جُهُودًا لِتَنظِيمِ وَقتِ النَّومِ وَالاستِيقَاظِ، وَتَسعَى في ضَبطِ ذَلِكَ سَعيًا حَثِيثًا، لَو أُعطِيَتِ الصَّلَوَاتُ جُزءًا مِنهُ لأَصبَحَ الأَبنَاءُ مِن أَهلِ المَسَاجِدِ وَلأَفلَحُوا، وَهَذَا مِمَّا يُؤَكِّدُ لِلمُتَأَمِّلِ أَنَّ النَّاسَ يُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُم يَومًا ثَقِيلًا.

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الاهتِمَامَ بِضَبطِ الوَقتِ لِطَلَبِ الرِّزقِ أَو تَعَلُّمِ العِلمِ، أَو لِلتَّقَدُّمِ فِيمَا يُصلِحُ الشَّأنَ الدُّنيَوِيَّ الضَّرُورِيَّ أَوِ المُبَاحَ، إِنَّ ذَاكَ لأَمرٌ حَسَنٌ وَلا لَومَ عَلَى أَحَدٍ فِيهِ، وَلَكِنْ أَينَ الاهتِمَامُ بِمَا يُعِينُ النُّفُوسَ عَلَى القِيَامِ بِحُقُوقِ اللهِ؟! وَأَينَ تَربِيَةُ النَّشءِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ؟! أَينَ هَذِهِ الهِمَّةُ وَذَاكَ الحِرصُ مَعَ الأَبنَاءِ في أَمرِهِم بِالصَّلَوَاتِ وَحِفظِهِم مِنَ الشَّهَوَاتِ؟! أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَكَمَا نَحرِصُ عَلَى التِحَاقِ أَبنَائِنَا بِالمَدَارِسِ وَيُهِمُّنَا انتِظَامُهُم فِيهَا، فَعَلَينَا أَن نَحرِصَ عَلَى انتِظَامِهِم في الصَّلَوَاتِ وَحُضُورِ الجَمَاعَاتِ، وَفي نَومِهِم وَيَقَظَتِهِم وَطَاعَتِهِم لِرَبِّهِم، ثم عَلَينَا أَلاَّ نَنسَى مَا يَتَوَفَّرُ في عَدَدٍ مِنَ المَسَاجِدِ حَولَنَا وَغَيرَ بَعِيدٍ عَنَّا، مِن حَلَقَاتٍ لِتَحفِيظِ القُرآنِ وَتَحسِينِ تِلاوَتِهِ وَتَجوِيدِهِ، فَهِيَ حَلَقَاتٌ مُبَارَكَةٌ، يُدَرِّسُ فِيهَا مُعَلِّمُونَ مِن قِبَلِ جَمعِيَّاتٍ رَسمِيَّةٍ مَدعُومَةٍ مِن قِبَلِ وُلاةِ الأَمرِ وَأَهلِ الخَيرِ، وَمَجَالِسُ القُرآنِ وَحَلَقَاتُهُ كُلُّهَا خَيرٌ وَبَرَكَةٌ، وَفِيهَا تُحفَظُ أَوقَاتُ الأَبنَاءِ وَقُلُوبُهُم وَأَفكَارُهُم، وَنَحنُ مَسؤُولُونَ عَن رِعَايَةِ مَن تَحتَ أَيدِينَا، فَإِذَا رَبَطنَاهُم بِالقُرآنِ، عَلَّمَهُمُ القُرآنُ كُلَّ خَيرٍ وَنَهَاهُم عَن كُلِّ شَرٍّ، وَكَانَ ذَلِكَ بَابًا مِن أَعظَمِ أَبوَابِ حِفظِ أَمَانَاتِنَا وَعَدَمِ تَضيِيعِهَا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا استَرعَاهُ حَفِظَ ذَلِكَ أَم ضَيَّعَهُ، حَتى يَسأَلَ الرَّجُلَ عَن أَهلِ بَيتِهِ"؛ رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وبدأ العام الدراسي الجديد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تخصصي الدراسي يدمر نفسيتي(استشارة - الاستشارات)
  • نظرات في قوله تعالى: { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وبدأ رمضان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: ( الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بدأ الإبحار في عرض المحيط وبدأ الربان يشعر بالأمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من خواطر معلم لغة عربية في الفصل الدراسي الآخر من العام الدراسي 2017 / 2018م(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من خواطر معلم لغة عربية في الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي 2017 / 2018م(كتاب - حضارة الكلمة)
  • وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وبدأ دوري كرة القدم!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حول قوله تعالى: {وبدأ خلق الإنسان من طين}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/1/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب