• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له } (خطبة)

{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له } (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2023 ميلادي - 14/1/1445 هجري

الزيارات: 15668

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ [الحج: 73]

 

الحمدُ للهِ الجبارِ، مكورِ النهارِ على الليلِ ومكورِ الليلِ على النهارِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ القهارُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلمَ عليه وعلى آلهِ وصحبِه المهاجرين والأنصارِ؛ أما بعدُ:

فـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

أيها المؤمنون، أمثالُ القرآنِ من متينِ العلمِ الذي لا يَعقلُه إلا العالِمون؛ كما قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43]، وذلك لما حَوتْه تلك الأمثالُ من جزالةِ العلمِ بالحقائقِ الكبرى التي تَعْظُمُ حاجةُ الأفرادِ والأممِ والشعوبِ والدولِ إلى إدراكِها، وإبرازِها بالمثالِ المحسوسِ الذي يُجسدُ المعانيَ العظيمةَ بالواقعِ المشاهدِ؛ لأجلِ تقريبِها للأفهامِ، وتجليتِها في الأذهانِ، فيُلْحَقُ النظيرُ بالنظيرِ وإنِ اختلفتِ الصورُ والأسماءُ ما دامتِ الحقيقةُ واحدةً، وثَم مَثَلٌ قرآني فريدٌ لم يُصَدرْ مَثَلٌ في القرآنِ بمِثْلِ ما صُدرَ به هذا المَثَلُ من عمومِ النداءِ واسترعاءِ أذهانِ المخاطبين لاستماعِه، بأصح برهانٍ، وأبلغِ بيانٍ، سالمٍ من الغموضِ والنقصِ والتطويلِ، بالغٍ في الحُسنِ والفصاحةِ والإيجازِ ما لا يَتوهمُ متوهمٌ ولا يَظن ظانٌّ أنْ يكونَ أبلغَ في معناه منه، وتحتَه من المعنى الجليلِ القدْرَ العظيمِ الشرفَ البالغِ في النفعِ ما هو أجل؛ يقول اللهُ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 73، 74].

 

استهلالٌ بخطابٍ رباني للناسِ أجمعَ - مؤمنِهم وكافرِهم - ليزدادَ المؤمنُ ثباتًا وبصيرةً، ولتقومَ على الكافرِ الحجةُ ولعله يرجعُ، بأن اللهَ جل شأنُه قد جعلَ شَبَهًا حاكيًا وهاءَ حالِ المشركين، ومبينًا حقيقةَ ما يعبدونَه من دونِ اللهِ وإنْ بَدَا عظيمًا في نظرِ المشركين وأُطْلِقَ عليه من ألقابِ التفخيمِ وحِيطَ بهالةِ الإعلامِ الخالبِ وكان له من دَهْمَاءِ الأتباعِ وذَويِ المصالحِ جمعٌ غفيرٌ، وأَمَرَ العبادَ كلهم بإحضارِ قلوبِهم عند استماعِه والإنصاتِ له لمسيسِ حاجتِهم إليه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ [الحج: 73]، استماعَ إنصاتٍ وتدبرٍ وتفكُّرٍ وتفهُّمٍ في لفظِ المَثَلِ وما حواه من دلالةٍ؛ ليحصلَ بضربِه غرضُ الاعتبارِ.

 

عبادَ اللهِ، إن نداءَ اللهِ الناسَ أجمعَ، واستنصاتَهم لاستماعِ مَثَلِ الذبابِ، لَيُؤكدُ عمومَ حقيقةِ هذا المَثَلِ الذي يَصْدُقُ على كل معبودٍ من دونِ اللهِ؛ جَلَّ أو حَقُرَ، كَبُرَ أو صَغُرَ، طالَ أو قَصُرَ، من مخلوقٍ أو جمادٍ أو كيانٍ أو قِيمٍ، أو أوضاعٍ أضْفى عابدوها عليها خِلْعةَ الألوهيةِ بصرْفِ حق من حقوقِ العبادةِ الخالصِ للهِ لها؛ من دعاءٍ، أو تعلقٍ، أو توكُّلٍ، أو محبةٍ، أو تعظيمٍ، أو خوفٍ، أو تشريعٍ، أو اعتقادِ تصرفٍ في الكونِ والأقدارِ والأرزاقِ، أو علمٍ بالغيبِ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [الأعراف: 194]؛ لِيُبينَ للناسِ مقدارَ ضَعْفِها، وأنها لا تغني عنهم من اللهِ شيئًا، وذلك في تحدٍّ رباني مقدارُه الزمنُ كله حتى يَفنى الوجودُ، وميدانُه ذبابةٌ صارتْ ضرْبَ المَثَلِ في الاستقذارِ والمهانةِ والاحتقارِ حتى في مُسماها الذي يحملُ في معانيه الذب وهو الطردُ كلما أقبلَ، والمُتحَدى عالَمُ الشركِ كله بقَضه وقَضِيضِيه وكياناتِه ودولِه وعلومِه ومخترعاتِه ومختبراتِه وتكنولوجياتِه، وآلهتِه التي تُدعى من دونِ اللهِ، والتحدي معهم في موضعيْن فقطْ من شأنِ الذبابِ المُحتقَرِ، تُدُرجَ معهم بالأعلى فالأدنى، فالتحدي الأولُ في إنشاءِ خلْقِ الذبابِ، ولو ذبابةٍ واحدةٍ؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾ [الحج: 73]، وكان بعضُهم لبعضٍ ظهيرًا؛ كل مَن تَدْعون من دونِ اللهِ مِن آلهةٍ مُدعاةٍ، تَستنصرونَ بها من دونِ اللهِ، وتستعينونَ بقوتِها، وتَطلبونَ منها النصرَ والجاهَ، كلهم ﴿ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾، والذبابُ صغيرٌ حقيرٌ؛ ولكن هؤلاءِ الذين يَدعونَهم آلهةً لا يَقْدِرُونَ - ولو اجتمعوا وتساندوا - على خلْقِ هذا الذبابِ الصغيرِ الحقيرِ، وخلْقُ الذبابِ مستحيلٌ كخلْقِ الجملِ والفيلِ؛ لأن الذبابَ يحتوي على ذلك السر المُعجِزِ، الروُحِ سِر الحياةِ، فيستوي في استحالةِ خلْقِه مع الجملِ والفيلِ، ولكن الأسلوبَ القرآني المُعجِزَ يَختارُ الذبابَ الصغيرَ الحقيرَ؛ لأن العجزَ عن خلْقِه يُلقي في حِس المتدبرِ ظِل الضعْفِ أكثرَ مما يُلقيه العجزُ عن خلْقِ الجملِ والفيلِ، دونَ أنْ يُخِل هذا بالحقيقةِ في التعبيرِ، وهذا من بدائعِ الأسلوبِ القرآني العجيبِ، وقد تحدَّاهمُ اللهُ أجمعَ بخلْقِ ما هو أصغرُ من الذبابِ؛ ذَرةٍ، أو شَعِيرةٍ، أو حَبةٍ فيها مادةُ الحياةِ؛ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قال اللهُ -تَعَالَى-: وَمَنْ أظْلَمُ مِمنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ ‌فَلْيَخْلُقُوا ‌ذَرةً أوْ لِيَخْلُقُوا حَبةً، أوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً"؛ رواه البخاري ومسلمٌ.

 

وما ذاك إلا أن صفةَ الخلْقِ من أخص صفاتِ الربوبيةِ، فلا يَستحِق العبادةَ إلا مَن هو قادرٌ على الخلْقِ، ومن هنا اشتد الوعيدُ على المصورينَ الذين يَرسمونَ ذواتِ الأرواحِ ويَنْحِتُونَها حين كان فيها مشابهةٌ لخلْقِ اللهِ؛ قالت عائشةُ رضيَ اللهُ عنها: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ (أيْ: ثوبٍ يُتخذُ سُترةً) لِي عَلَى سَهْوَةٍ (أيْ: رف) لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَما رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَتَكَهُ (أيْ: قَطَعَهُ)، وَقَالَ: "أَشَد الناسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الذِينَ ‌يُضَاهُونَ بِخَلْقِ الله"؛ رواه البخاري ومسلمٌ.

 

عبادَ اللهِ، لَما استبانَ عجزُ أهلِ الإشراكِ عن خلْقِ ذبابةٍ واحدةٍ انتقلَ معهمُ القرآنُ في تحدِّيه لهم في شأنٍ أقل من هذا بكثيرٍ؛ لِيخطوَ خطوةً أوسعَ في إبرازِ الضعْفِ المُزْرِي، وذلك في وصفِ عجزِهم حين يَهجمُ الذبابُ عليهم، فينالُ منهم شيئًا ضئيلًا مما يَعْلَقُ بقوائمِه أو جناحِه أو خرطومِه أو قَرْصِه، فلا يستطيعونَ تخليصَه منه واستنقاذَه ولو اجتمعوا عليه، وابتكروا من المخترعاتِ ما ابتكروه، ﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ﴾ [الحج: 73]، قَالَ ابْنُ عَباسٍ رضي الله عنهما: "كَانُوا يَطْلُونَ أَصْنَامَهُمْ بِالزعْفَرَانِ، فَتَجِف، فَيَأْتِي (أي: الذبابُ)، فَيَخْتَلِسُهُ"، وَقَالَ السدي: "كَانُوا يَجْعَلُونَ لِلْأَصْنَامِ طَعَامًا، فَيَقَعُ عَلَيْهِ الذبَابُ فَيَأْكُلُهُ"، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: "كَانُوا يُحَلونَ الْأَصْنَامَ بِالْيَوَاقِيتِ وَاللآلِئِ وَأَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ، وَيُطَيبُونَهَا بِأَلْوَانِ الطيب فربما يسقط مِنْهَا وَاحِدَةٌ، فَيَأْخُذُهَا طَائِرٌ أَوْ ذُبَابٌ فَلَا تَقْدِرُ الْآلِهَةُ عَلَى اسْتِرْدَادِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ ‌الذبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْه ﴾".

 

هكذا يُسْفِرُ المَثَلُ بِجَلاءٍ عن ضَعفِ كل معبودٍ سوى اللهِ كائنًا مَن كانَ، وأنه لا يُغني عن عابديه شيئًا؛ إذ كان لا يملكُ خلْقَ ذبابةٍ أو استنقاذَ ما سلبَتْهُ من طعامِه ومتاعِه، وهكذا يُجَلي ذاك المَثَلُ سُخْفَ عقولِ المشركين حين ساووا مع اللهِ غيرَه، وجعلوه نِدًّا يُعْبَدُ من دونِ اللهِ، فاشتركَ أهلُ الشركِ - عابدُهم ومعبودُهم - في سِمَةِ الضعْفِ التي لا يَنفك منها مخلوقٌ؛ إذ عجزوا عن خلْقِ ذبابةٍ أو استخلاصِ سَلْبِها، فضَعُفَ الطالِبُ المشرِكُ، وضَعُفَ مَطْلُوبُه الذي يَعبدُه كما ضَعُفَ الذبابُ؛ قال بعضُ السلفِ: "خلقَ اللهُ تَعَالَى الذبَاب ‌لِيذل ‌بِهِ ‌الْجَبَابِرَةَ".

وأعْجزَهم ذبابٌ في نشوءٍ
وباؤوا بالخسارِ وبالتَّبابِ
وهاءُ الشركِ أضحى في جلاءٍ
برد هَباءةٍ من فِي ذُبَابِ

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، أما بعدُ، فاعلموا أن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ...

 

أيها المؤمنون، إن عقْلَ مَثَل الذبابِ واستحضارَه وإذاعتَه في الآفاقِ، من ألزمِ ما يجبُ العنايةُ والاشتغالُ به؛ إذ به تكونُ تصفيةُ التوحيدِ وحَسْمُ وسائلِ الشركِ، واجْتثاثُ أصلِه من القلبِ، ولا سيما في ظل طُغيانِ المادةِ والعلمِ والآلةِ ورُهابِ التقنيةِ وسُعارِ ثروةِ المالِ والرأسماليةِ، وانتشارِ الخُرافةِ والتعلقِ بالمحسوساتِ وضَعْفِ اليقينِ والتزهيدِ في شأنِ التوحيدِ وتعلمِه؛ قال ابنُ القيمِ: "حَقِيقٌ عَلَى كُل عَبْدٍ أَنْ ‌يَسْتَمِعَ ‌قَلْبُهُ لِهَذَا الْمَثَلِ، وَيَتَدَبرَهُ حَقَّ تَدَبرِهِ، فَإِنهُ يَقْطَعُ مَوَاد الشرْكِ مِنْ قَلْبِهِ".

 

وبعقْلِ العبدِ هذا المثلَ العظيمَ يكونُ إقدارُه ربه حق قدْرِه، وتعظيمُه حق التعظيمِ، وإخلاصُ العملِ له وحدَه؛ كما عقبَ اللهُ ذلك المَثَلَ بقولِه: ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 74]، وذلك بيقينِ العبدِ عينَ اليقينِ استحقاقَ مولاه جل وعلا العبوديةَ وانفرادَه بالألوهيةِ، وأن ما يُعبد مِن دونِه دُونٌ ضعيفٌ بالغُ الضعفِ لا يَملكُ من الحوْلِ ما يَخلقُ به ذبابةً أو يَستنقذُ ما سلبتْهُ منه!

 

عبادَ اللهِ، إن استحضارَ مشهدِ اجتماعِ أممِ الشركِ ودولِه على مَر العصورِ محشودةً على صعيدٍ واحدٍ، وقد جَلبوا ما قدِروا عليه من آلةٍ ونظمٍ ومالٍ وإعلامٍ وجندٍ وأعوانٍ، وأتوا صفًا واحدًا وهم يُحاولونَ استنقاذَ هباءةٍ من ذبابةٍ مُحتقرَةٍ، فأعياهمُ ذلك الاستنقاذُ، وكان نصيبُهم من ذلك الخيبةَ والعجزَ، وعادوا بأذيالِ الهزيمةِ.

 

إن دوامِ استحضارِ ذلك المشهدِ يحمِلُ المرءَ على الحياءِ مِن أنْ يُعلقَ قلبَه على عَجَزَةٍ مهازيلَ، أو يكونَ لهم من عبادتِه نصيبٌ، أو يُؤثِرَ رضاهم على رضا خالقِه، وهذا حالُهم مع ذبابةٍ سلبتْهم هَباءةً وهم مجتمعون، فكيف بعظائمِ الأمورِ، وتفريجِ الكروبِ، وهم منفردون؟!

تحدَّى الربُّ مَن حادُوا وضلُّوا
وعن دربِ التقى والحق زَلُّوا
بأضعفِ خلْقِه أنْ يخلقوه
وإنْ جمَعوا لذلك واستدلُّوا
ذُبابًا أتقنَ الرحمنُ صُنْعًا
فإنْ يَسْلبْهُموا شيئًا أُذِلُّوا
تبارك ربنا مَلِكُ البرايا
وذَل الشركُ والفُجارُ ذَلوا




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له
  • تفسير: (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا)
  • ضرب مثل فاستمعوا له (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • المداراة مع الناس وقول النبي عليه الصلاة والسلام شر الناس من تركه الناس اتقاء شره(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير آية: { ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله ...}(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أكل أموال الناس بالباطل مهنة يمتهنها كثير من الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • ازهد مما في أيدي الناس تكن أغنى الناس(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 14:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب