• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم   الدر الثمين   سلسلة 10 أحكام مختصرة   فوائد شرح الأربعين   كتب   صوتيات   مواد مترجمة  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح (صفوة أصول الفقه) لابن سعدي - رحمه الله - ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعليق على رسالة (ذم قسوة القلب) لابن رجب (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في: شهر الله المحرم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في الأضحية (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    10 مسائل مهمة ومختصرة في 10 ذي الحجة (PDF)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الدعاء لمن أتى بصدقة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: صدقة لم يأكل منها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    باب: (ترك استعمال آل النبي على الصدقة)
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    التعريف بالخوارج وصفاتهم
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

اللهم اجعلنا من الصالحين (خطبة)

اللهم اجعلنا من الصالحين (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/12/2019 ميلادي - 24/4/1441 هجري

الزيارات: 31363

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اللهم اجعلنا من الصالحين

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن أَجَلِّ نِعَمِ اللهِ عَلَى عَبدِهِ المُسلِمِ، أَنِ اختَارَهُ لِيَكُونَ مُسلِمًا وَهَدَاهُ لِلإِيمَانِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الحجرات: 17].


إِنَّهَا لَنِعمَةٌ وَأَيُّ نِعمَةٍ، أَن هَدَاكَ اللهُ - تَعَالى - وَاجتَبَاكَ وَجَعَلَكَ مِنَ المُسلِمِينَ، فَكَم في هَذَا العَالَمِ مِمَّن هُم أَحَدُّ مِنكَ ذَكَاءً وَأَدَقُّ فَهمًا، لَكِنَّهُم صُرِفُوا عَنِ الحَقِّ وَلم يُوَفَّقُوا إِلَيهِ، وَبَقُوا كُفَّارًا مُلحِدِينَ، لا هَمَّ لأَحَدِهِم إِلاَّ أَكلُهُ وَشُربُهُ وَلَهوُهُ وَلَعِبُهُ، وَإِمتَاعُ نَفسِهِ وَتَحصِيلُ شَهَوَاتِهَا وَتَحقِيقُ وَرَغَبَاتِهَا، يَعِيشُ كَالبَهِيمَةِ بَل هُوَ مِنهَا أَضَلُّ، ثم يَمُوتُ غَدًا وَيُلقَى في حُفرَتِهِ كَمَا تُلقَى الجِيفَةُ في المَزبَلَةِ، وَلَو كَانَ القَبرُ هُوَ المَثوَى الأَخِيرَ وَالمَوتُ هُوَ النِّهَايَةَ، لَهَانَ كُلُّ شَيءٍ وَسَهُلَ، وَلَكِنَّ المَوتَ انتِقَالٌ إِلى رَوضَةٍ مِن رِيَاضِ الجَنَّةِ أَو إِلى حُفرَةٍ مِن حُفَرِ النَّارِ، ثم يَأتي بَعدَهُ البَعثُ وَالنُّشُورُ وَالحَشرُ وَالحِسَابُ، ثم خُلُودٌ في جَنَّةٍ وَنَعِيمٍ مُقِيمٍ، أَو في نَارٍ أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ، فَالحَمدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنَا مُسلِمِينَ، وَهَدَانَا وَمَا كُنَّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَن هَدَانَا اللهُ.

 

فَيَا أَيُّهَا المُسلِمُ، كَفَاكَ شَرَفًا وَمَدحًا أَن تَكُونَ مُسلِمًا مَهدِيًّا، فَالهِدَايَةُ شَرَفٌ عَظِيمٌ، مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَى أَنبِيَائِهِ وَأَصفِيَائِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام: 83 - 87] وَبِالهِدَايَةِ امتَنَّ - تَعَالى - عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فَقَالَ: "وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى".


وَإِنَّ مِن لَوَازِمِ الهِدَايَةِ أَن يَحرِصَ المُسلِمُ عَلَى أَن يَكُونَ عَبدًا صَالِحًا، لِيَلحَقَ بِالصَّالِحِينَ وَيَنَالَ رَحمَةَ رَبِّ العَالَمِينَ، قَالَ - تَعَالى - عَن إِبرَاهِيمَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: "وَلَقَدِ اصطَفَينَاهُ في الدُّنيَا وَإِنَّهُ في الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" وَقَالَ عَن إِسحَاقَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: "وَبَشَّرنَاهُ بِإِسحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ" وَقَالَ عَن نَبِيِّه لُوطٍ - عَلَيهِ السَّلامُ -: "وَأَدخَلنَاهُ في رَحمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ" وَقَالَ عَن عِيسى - عَلَيهِ السَّلامُ -: "وَيُكَلِّمُ النَّاسَ في المَهدِ وَكَهلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ" وَقَالَ عَن عَدَدٍ مِن أَنبِيَائِهِ - عَلَيهِمُ السَّلامُ -: "وَزَكَرِيَّا وَيَحيَى وَعِيسَى وَإِليَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ" وَقَالَ: ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الأنبياء: 85، 86] وَقَالَ عَن يُونُسَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: "فَاجتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ".


وَلأَهمِيَّةِ الصَّلاحِ وَعِظَمِ أَمرِهِ، فَقَد دَعَا الأَنبِيَاءُ بِهِ لأَبنَائِهِم قَبلَ وُجُودِهِم، وَدَعَوا بِهِ لأَنفُسِهِم وَحَرِصُوا عَلَى أَن يُختَمَ لَهُم بِهِ، فَهَذَا إِبرَاهِيمُ - عَلَيهِ السَّلامُ – يَدعُو رَبَّهُ قَائِلاً: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100] وَيَقُولُ: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [الشعراء: 83] وَهَذَا يُوسُفُ - عَلَيهِ السَّلامُ – يَدعُو رَبَّهُ قَائِلاً: ﴿ تَوَفَّني مُسلِمًا وَأَلحِقْني بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ لِلصَّلاحِ فَضلاً عَلَى أَهلِهِ وَثِمَارًا يَجنُونَهَا في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنَّ لأَهلِهِ عِندَ رَبِّهِم مَنزِلَةً عَظِيمَةً وَمَكَانَةً عَالِيَةً، فَالصَّالِحُونَ مَوعُودُونَ بِوَلايَةِ اللهِ لَهُم، وَمَن تَوَلاَّهُ اللهُ فَمَا أَعظَمَ حَظَّهُ! قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [الأعراف: 196] وَلِلصَّالِحِينَ بِشَارَاتٌ وَكَرَامَاتٌ تَطمِئَنُّ بِهَا نُفُوسُهُم، وَتُثَبَّتُ بِهَا قُلُوبُهُم، وَذَلِكَ بِمَا يُكرَمُونَ بِهِ مِنَ الرُّؤَى الصَّالِحَةِ الصَّادِقَةِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "الرُّؤيَا الحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزءٌ مِن سِتَّةٍ وَأَربَعِينَ جُزءًا مِنَ النُّبُوَّةِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ.


وَالصَّالِحُونَ هُمُ المُستَحِقُّونَ لِلتَّمكِينِ في الأَرضِ، وَذَلِكَ وَعدُ اللهِ الَّذِي لا يُخلِفُ المِيعَادَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ... ﴾ [النور: 55] وِمنهُ عَلَى قَولِ بَعضِ المُفسِّرِينَ قَولَهُ - تَعَالى -: ﴿ وَلَقَد كَتَبنَا في الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء: 105] وَأَكثَرُ المُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ المُرَادَ أَرضُ الجَنَّةِ، وَهَذَا وَاللهِ أَعظَمُ وَأَكمَلُ، وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: أَعدَدتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لا عَينٌ رَأَت، وَلا أُذُنٌ سَمِعَت، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَرٍ، وَاقرَؤُوا إِن شِئتُم: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17].

 

وَالصَّلاحُ - أَيَّهُا المُسلِمُونَ - بَرَكَةٌ تَنتَقِلُ مِنَ الآبَاءِ إِلى الأَبنَاءِ، وَحَسَنَاتٌ مِنَ الأَبنَاءِ إِلى الآبَاءِ، قَالَ - تَعَالى - عَنِ الغُلامَينِ اللَّذَينِ بَنَى الخَضِرُ – عَلَيهِ السَّلامُ -جِدَارَهُمَا: "وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَينِ يَتِيمَينِ في المَدِينَةِ وَكَانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَستَخرِجَا كَنزَهُمَا رَحمَةً مِن رَبِّكَ" وَفي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِذَا مَاتَ الإِنسَانُ انقَطَعَ عَنهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِن ثَلاثَةٍ: إِلاَّ مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَو عِلمٍ يُنتَفَعُ بِهِ، أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدعُو لَهُ".


وَمِن ثِمَارِ صَلاحِ العَبدِ أَنَّهُ يُدخِلُ صَاحِبَهُ فِيمَن يُسَلِّمُ عَلَيهِم المُصَلُّونَ في كُلِّ صَلاةٍ، فَعَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّينَا مَعَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قُلنَا: السَّلامُ عَلَى اللهِ قَبلَ عِبَادِهِ، السَّلامُ عَلَى جِبرِيلَ، السَّلامُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلامُ عَلَى فُلانٍ، فَلَمَّا انصَرَفَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَقبَلَ عَلَينَا بِوَجهِهِ فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ هَوَ السَّلامُ، فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُم في الصَّلاةِ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبيُّ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَينَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ أَصَابَ كُلَّ عَبدٍ صَالِحٍ في السَّمَاءِ والأَرضِ" الحَدِيثَ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.


وَآخِرُ مَا يَنَالُهُ العَبدُ الصَّالِحُ في الدُّنيَا جَزَاءَ صَلاحِهِ، أَنَّهُ يُبَشَّرُ عِندَمَا يُوضَعُ عَلَى قَبرِهِ فَيَستَعجِلُ الدَّفنَ لِذَلِكَ، فَعِندَ النَّسَائيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ: قَدِّمُوني قَدِّمُوني، وَإِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ السُّوءُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ: يَا وَيلَهُ، أَينَ تَذهَبُونَ بي؟!".


أَيُّهَا الأَخُ المُسلِمُ، إِنَّكَ أَن تَكُونَ صَالِحًا صَلاحًا حَقِيقِيًّا، فَأَنتَ حِينَئِذٍ دَاعِيَةُ خَيرٍ وَإِن كُنتَ صَامِتًا، يَتَعَلَّمُ مِنكَ أَبنَاؤُكَ وَيَكُونُ لَهُم فِيكَ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ، وَيَقتَدِي بِكَ طُلاَّبُكَ إِن كُنتَ مُعَلِّمًا وَيَسِيرُونَ عَلَى نَهجِكَ، وَيَرَى فِيكَ جِيرَانُكَ مِثَالاً لِلأَخلاقِ الصَّالِحَةِ فَيُحِبُّونَهَا، وَيَجِدُ زُمَلاؤُكَ وَأَصدِقَاؤُكَ في شَخصِكَ مِثَالاً حَيًّا لِلأَدَبِ العَالي وَالذَّوقِ الرَّفِيعِ فَيَألَفُونَ ذَلِكَ، وَيَرتَاحُ لَكَ الجَمِيعُ لأَنَّكَ صَادِقٌ في حَدِيثِكَ فَلا يَسمَعُونَ مِنكَ إِلاَّ حَقًّا، طَاهِرُ اللِّسَانِ فَلا تَقُولُ فُحشًا، مُتَوَاضِعٌ فَلا تَستَهزِئُ وَلا تَسخَرُ، رَحِيمٌ رَفِيقٌ فَلا تَسُبُّ وَلا تَلعَنُ، حَافِظٌ أَعرَاضَ إِخوَانِكَ فَلا تَغتَابُ وَلا تَشتَغِلُ بِنَمِيمَةٍ، وَاضِحٌ في تَعَامُلِكَ فَلا يُرَى مِنكَ خِدَاعٌ وَلا غِشٌّ، وَفِيٌّ بِعَهدِكَ وَوَعدِكَ فَلا تَغدِرُ وَلا تُمَاطِلُ، تَحفَظُ الجَمِيلَ وَلا تَنسَى الفَضلَ، وَتَرُدُّ المَعرُوفَ بِمِثلِهِ أَو بِأَحسَنَ مِنهُ، وَتَغفِرُ الزَّلَّةَ وَتَرعَى حَقَّ الجِوَارِ وَالصُّحبَةِ، سَمحٌ في بَيعِكَ سَمحٌ في شِرَائِكَ، لَيِّنٌ في أَخذِكَ لَيِّنٌ في عَطَائِكَ، تُحِبُّ لإِخوَانِكَ مِنَ الخَيرِ مَا تُحِبُّهُ لِنَفسِكَ، وَلا تَحسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيرٍ أَعطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، وَلا تَحقِدُ عَلَى مُسلِمٍ أَو تَحمِلُ في نَفسِكَ لِمَوقِفٍ حَصَلَ بَينَكَ وَبَينَهُ، تَعدِلُ في حُكمِكَ وَتُنصِفُ مِن نَفسِكَ، وَتُعطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَتَمشِي عَلَى الأَرضِ هَونًا وَلا تُصَعِّرُ خَدَّكَ وَلا تَتَكَبَّرُ، عَارِفٌ قَدرَ نَفسِكَ وَقِيمَتَهَا فَلا تَفخَرُ، إِنَّكَ بِهَذَا قُرآنٌ يَمشِي عَلَى وَجهِ الأَرضِ، وَسُنَّةٌ حَيَّةٌ تَبعَثُ في النَّاسِ الحَيَاةَ، وَدَاعٍ إِلى الخَيرِ دَعوَةً عَمَلِيَّةً وَمُحَبِّبٌ لِلنَّاسِ فِيهِ، وَدَالٌّ عَلَى الهُدَى وَمُرَغِّبٌ لَهُم في الاستِقَامَةِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ مِن فَضلِ اللهِ عَلَيكَ أَن تَتَضَاعَفَ بِذَلِكَ حَسَنَاتُكَ، فَتَنَالَهَا عَلَى أَعمَالِكَ الَّتي عَمِلتَهَا، وَتَنَالُ مِثلَهَا بِكُلِّ مَن رَآكَ فَاقتَدَى بِكَ وَعَمِلَ مِثلَ مَا عَمِلتَ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَكُنْ صَالِحِينَ حَقًّا وَصِدقًا، صَلاحًا نُحَقِّقُ فِيهِ الإِخلاصَ لِرَبِّنَا، وَنَتَّبِعُ فِيهِ سُنَّةَ نَبِيِّنَا في كُلِّ شُؤونِنَا، فَقَد قَالَ رَبُّنَا – سُبحَانَهُ -: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

♦    ♦    ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَو جَاهَدَ كُلٌّ مِنَّا نَفسَهُ عَلَى تَقوَى اللهِ وَمُرَاقَبَتِهِ وَالخَوفِ مِنهُ حَيثُمَا كَانَ، وَأَتبَعَ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ وَلم يُصِرَّ عَلَى خَطَئِهِ، وَخَالَقَ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ، لَكَانَ بِهَذَا صَالِحًا صَلاحًا حَقِيقِيًّا يَنفَعُهُ اللهُ بِهِ، وَيَنفَعُ بِهِ مَن حَولَهُ، فَكَيفَ لَو أَضَافَ إِلى ذَلِكَ الدَّعوَةَ إِلى سَبِيلِ اللهِ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ، وَأَمَرَ بِالمَعرُوفِ وَنَهَى عَنِ المُنكَرِ بِحَسَبِ مَا يَستَطِيعُ، وَبَذَلَ مِن مَالِهِ وَوَقتِهِ وَجُهدِهِ في خِدمَةِ إِخوَانِهِ المُسلِمِينَ؟! إِنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ عَبدًا رَبَّانِيًّا سَابِقًا بِالخَيرَاتِ بِإِذنِ اللهِ، وَبِذَلِكَ يُخرِجُ نَفسَهُ مِن حِزبِ الخَاسِرِينَ، قَالَ - سُبحَانَه -: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّنَا عَلَى عِلمٍ بِكَثِيرٍ مِنَ الحَلالِ المُرَخَّصُ فِيهِ، وَلا يَخفَى عَلَينَا في الغَالِبِ الحَرَامُ المَمنُوعُ، وَقَلَّ مِنَّا مَن يَجهَلُ مَا يَسُوغُ وَمَا لا يَسُوغُ، وَلَكِنَّنَا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ مَاسَّةٍ، إِلى صَلاحٍ عَمَلِيٍّ في وَاقِعِنَا، يَرَاهُ الصَّغِيرُ مِنَّا في الكَبِيرِ، وَيَأخُذُهُ الابنُ عَنِ الأَبِ وَالطَّالِبُ عَنِ المُعلِمِ، وَيَثبُتُ بِهِ لِلنَّاسِ عِظَمُ هَذَا الدِّينِ وَأَثَرُ التِزَامِ أَحكَامِهِ وَأَخلاقِهِ في صَلاحِ حَيَاتِهِم وَسَعَادَةِ قُلُوبِهِم وَرَاحَةِ نُفُوسِهِم، نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - نَحنُ بِحَاجَةٍ إِلى صَالِحِينَ مُستَقِيمِينَ عَلَى الأَمرِ وَالنَّهيِ، مُتَّبِعِينَ لِلسُّنَّةِ في كُلِّ شَأنٍ مِن شُؤُونِهِم، في المَسجِدِ وَفي السُّوقِ وَفي البَيتِ، وَفي العِبَادَةِ وَالمُعَامَلَةِ وَالأَخلاقِ، وَفي القَولِ وَالعَمَلِ وَالحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَفي العُسرِ وَاليُسرِ وَالمَنشَطِ وَالمَكرَهِ، وَفِيمَا أَحَبُّوا وَفِيمَا كَرِهُوا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادخُلُوا في السِّلمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أحب الصالحين ولست منهم
  • عبادة الصالحين (خطبة)
  • الطعن في الصالحين
  • قيام الليل دأب الصالحين
  • {توفني مسلما وألحقني بالصالحين}
  • وألحقني بالصالحين (خطبة)
  • محبة الله لعباده الصالحين
  • شرح باب الصبر من كتاب رياض الصالحين
  • شرح أول باب الصدق من كتاب رياض الصالحين
  • نماذج من سير الصالحين (5) سودة رضي الله عنـها (خطبة)
  • أنس السبر في ركاب الصالحين
  • شرح باب التحذير من إيذاء الصالحين

مختارات من الشبكة

  • وقفات تربوية مع دعاء: (اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات تربوية من حديث: "اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني...." الحديث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلم النافع: صفاته وعلاماته وآثاره (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله الرازق الرزاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستشفاء بالقرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحسود لا يسود (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/4/1447هـ - الساعة: 15:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب