• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حديث: سألنا ابن عمر عن رجل قدم بعمرة فطاف بالبيت ولم يطف ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حديث: إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    قيمة العمر في الإسلام
    الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر
  •  
    هو الله الواحد القهار (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    ونزعنا ما في صدورهم من غل
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    المحافظة على المال العام: أهميته، أدلته، جزاء المعتدي عليه ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح العقيدة الطحاوية - الدرس ( 5 ) الجزء (1)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    آداب النكاح والزفاف (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    شرح أخصر المختصرات في الفقه (34)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    المحافظة على المال العام (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    كذبت قوم لوط بالنذر
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    حديث: إني خشيت أن يكتب عليكم الوتر
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    أهمية الاستشارة في حياتنا
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    حديث: أيما امرأة خرجت من بيتها متطيبة تريد المسجد لم يقبل ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    دليل الطالب (92)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سألتك (قصيدة)
    أ. محمود مفلح
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ.د.عبدالله بن مبارك آل سيف / طلاب الجامعة / منهج المستوى الرابع
علامة باركود

باب الوكالة

باب الوكالة
أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/1/2013 ميلادي - 18/2/1434 هجري
زيارة: 34462

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

باب الوكالة

منهج المستوى الرابع كلية الشريعة

المشبع

في شرح الحاشية للروض المربع

 

الوكالة جائزة بالكتاب، والسنة، والإجماع، قال تعالى ﴿ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ﴾ وقال﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ ﴾وقال ﴿ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾ ووكل صلى الله عليه وسلم عروة بن الجعد في شراء الشاة، وأبا رافع في تزويج ميمونة، وعمرو بن أمية في تزوج أم حبيبة، وكان يبعث عماله في قبض الزكاة ويأمر بإقامة الحدود، وغير ذلك، وحكى الموفق وغيره إجماع الأمة على جوازها في الجملة، ولدعاء الحاجة إليها، إذ لا يمكن كل أحد فعل ما يحتاج إليه بنفسه.

 

(بفتح الواو وكسرها: التفويض ) والفتح أشهر، اسم مصدر بمعنى التوكيل، وهي لغة: التفويض والحفظ.

 

(تقول: وكلت أمري إلى الله. أي فوضته إليه) أي تقول: وكلت أمري، ووكلت الأمر إليه. اكتفيت به، وتطلق ويراد بها الحفظ، ومنه ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴾ أي حفيظ.

 

(واصطلاحاً: استنابة جائز التصرف مثله، فيما تدخله النيابة). أي والوكالة اصطلاحاً وشرعا: استنابة جائز التصرف، فيما وكل فيه "مثله" أي جائز التصرف وهو الحر، المكلف، الرشيد، سواء كان الموكل والوكيل ذكرين، أو أنثيين، أو مختلفين «فيما تدخله النيابة» من حقوق الله تعالى، وحقوق الآدميين، على ما يأتي تفصيله، ويستثنى من ذلك من يتصرف بالإذن، كالعبد، والوكيل، والمضارب، والمحجور عليه لسفه، إلا لما لهم فعله، ويمكن أن يكون المراد هنا بجائز التصرف من يصح منه فعل ما وكل فيه، وأركانها: الموكل، والوكيل، والموكل فيه.

 

([تصح] الوكالة [بكل قول يدل على الإذن]) أي إيجاب الوكالة بكل قول يدل على الإذن في التصرف بلا خلاف.

 

(كـ "افعل كذا" أو أذنت لك في فعله، ونحوه ) أي تصح بنحو، بع عبدي، أو أعتقه، أو أذنت لك في كذا ونحو ذلك، كأقمتك مقامي، أو فوضت إليك في كذا، أو جعلتك نائباً عني، لأنه لفظ دال على الأذن فصح، كلفظها الصريح، وفي الفروع: دل كلام القاضي على انعقادها بفعل دال كبيع، وهو ظاهر كلام الشيخ فيمن دفع ثوبه إلى قصار، أو خياط، وهو أظهر، كالقبول وتنعقد بالخط، والكتابة الدالة على الوكالة، إذ هي فعل دال على المعنى.

 

(وتصح مؤقتة، ومعلقة بشرط) أي وتصح الوكالة مؤقتة، كأنت وكيلي شهرا؛ ونحوه، قال في الإنصاف بلا نزاع. وتصح معلقة بشرط، كإذا تمت مدة الإجارة في داري فبعها، ونحوه، على الصحيح، وهو مذهب أبي حنيفة.

 

(كوصية وإباحة أكل، وولاية قضاء، وإمارة ) أي يصح تعليق الوكالة، وتوقيتها، كما يصح تعليق هذه المذكورات وتوقيتها بشرط، كقوله: إذا قدم الحاج فبع هذا. أو: إذا دخل رمضان فافعل كذا. أو إذا طلب أهلي منك شيئاً فادفعه لهم. ونحوه مما يصح معلقا، ومؤقتا بشرط، وعند الشافعي إن تصرف صح لوجود الإذن، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال «أميركم زيد، فإن قتل فجعفر، فإن قتل فابن رواحة» ولأنه لو قال: وكلتك في شراء كذا، في وقت كذا. صح بلا خلاف، وقال ابن القيم رحمه الله: يصح تعليق الوكالة بالشرط، كما يصح تعليق الولاية بالشرط، كما صحت به السنة، بل تعليق الوكالة أولى بالجواز، فإن الولي وكيل وكالة عامة، فإنه إنما يتصرف نيابة عن المولي له فوكالته أعم من وكالة الوكيل في الشيء المعين، فإذا صح تعليقها، فتعليق الوكالة الخاصة أولى بالصحة. قال: وقد شرع الله لعباده التعليق بالشروط، في كل موضع يحتاج إليه العبد، حتى بينه وبين ربه، وتعليق العقود، والفسوخ، والتبرعات والالتزامات، وغيرها، بالشروط، أمر قد تدعو إليه الضرورة، أو الحاجة أو المصلحة فلا يستغني عنه المكلف، وقد علق النبي صلى الله عليه وسلم ولاية الإمارة بالشروط، وهذا تنبيه على تعليق الحكم في كل ولاية، وعلى تعليق الوكالة الخاصة والعامة.

( [ويصح القبول على الفور والتراخي]) أي ويصح قبول الوكالة على الفور من غير تراخ، ويصح على التراخي، وهذا مذهب الشافعي وغيره.

 

(بأن يوكله في بيع شيء، فيبيعه بعد سنة ) أو يأمره بفعل شيء فيفعله بعد مدة طويلة، أو بلغه أن زيدا وكله في بيع شيء، فباعه من غير قبول صح.

 

(أو يبلغه أنه وكله بعد شهر، فيقول: قبلت ) أي فيصح القبول.

 

([بكل قول أو فعل دال عليه] أي على القبول ) يعني من الوكيل، قال في الإنصاف: بلا نزاع. ويتخرج انعقادها بالخط، والكتابة الدالة على ذلك، قال ابن نصر الله: ولم يتعرض له الأصحاب، ولعله داخل في قوله: أو فعل. لأن الكتابة فعل دال على المعنى.

 

(لأن قبول وكلائه عليه السلام كان بفعلهم ) كما هو مستفيض من غير وجه، كقبض الزكاة، وإقامة الحدود، وغير ذلك.

 

( وكان متراخياً عن توكيله إياهم، قاله في المبدع ) وقاله الموفق وغيره، ولأنه إذن في التصرف، والإذن قائم، ما لم يرجع عنه، أشبه الإباحة، وكذا سائر العقود الجائزة، كالشركة، والمضاربة، والمساقاة، والمزارعة، يصح القبول فيها بالفعل فورا، ومتراخيا.

 

(ويعتبر تعيين الوكيل ) كأن يقول: وكلت فلانا في كذا. فلا يصح: وكلت أحد هذين. وكذا من لا يعرفه، أو لم يعرف موكله، للجهالة، لا علمه بالوكالة.

 

([ومن له التصرف في شيء] لنفسه [فله التوكيل] فيه [والتوكل فيه] ).لأن النائب فرع عن المستنيب.

 

( أي جاز أن يستنيب غيره )أي من له التصرف في شيء لنفسه، جاز أن يستنيب غيره في ذلك الشيء، وإلا فلا، سوى توكيل أعمى ونحوه في عقد ما يحتاج إلى رؤية، لأن منعه لعجزه عن العلم بالمبيع، لا لمعنى فيه.

 

(وأن ينوب عن غيره، لانتفاء المفسدة ) أي وجاز لمن له التوكل في شيء أن ينوب عن غيره في ذلك الشيء، لانتفاء المفسدة في تلك النيابة.

 

(والمراد فيما تدخله النيابة ويأتي )أي قريباً موضحاً، مستثنى منه ما لا تدخله النيابة.

 

( ومن لا يصح تصرفه بنفسه فنائبه أولى )أي من لا يصح تصرفه، فحيث انتفى الأصل انتفى الفرع.

 

( فلو وكله في بيع ما سيملكه ).لم يصح التوكيل، لأن الموكل لا يملكه حين التوكيل، وهذا تفريع على قوله: ومن لا يصح تصرفه لنفسه فنائبه أولى، ونقل الصحة فيما سيملكه تبعا لمملوك، كبع هذا وما يحدث منه.

 

(أو طلاق من يتزوجها لم يصح )أي التوكيل، وكذا إن قال: إن تزوجت فلانة، فقد وكلتك في طلاقها. بخلاف: إن اشتريت فلاناً فقد وكلتك في عتقه، لصحة تعليق العتق على الملك.

 

(ويصح توكيل امرأة في طلاق نفسها وغيرها ) هذا استثناء مما تقدم، فيصح توكيل امرأة في طلاق نفسها، قولا واحدا كما يأتي، ويصح في طلاق غيرها، من ضرة أو غيرها، لأنها لما ملكت طلاق نفسها بجعله إليها، ملكت طلاق غيرها.

 

(وأن يتوكل واجد الطول، في قبول نكاح أمة لمن تباح له ) أي ويصح أن يتوكل واجد الطول، أو غير خائف العنت، في قبول نكاح أمة لمن تباح له الأمة، من عبد، أو حر عادم الطول، خائف العنت.

 

(وغني لفقير في قبول زكاة ) أي ويصح أن يتوكل غني لفقير في قبول زكاة، أو كفارة، أو نذر، لأن المنع في هذه لنفسه للتنزيه، لا لمعنى فيه يقتضي منع التوكيل.

 

( وفي قبول نكاح أخته ونحوها لأجنبي ) أي ويصح التوكيل في قبول نكاح أخته ونحوها – كعمته، وخالته، وحماته – لأجنبي لا تحل له، لكن يشترط لعقد النكاح تسمية الموكل، ولو نوى أنه قبله لموكله، ولم يذكره لم يصح، ولا يصح توكيل العبد، والسفيه في غير ما لهما فعله، وتصح وكالة المميز بإذن وليه فيما لا يعتبر له البلوغ.

 

( [ويصح التوكيل في كل حق آدمي من العقود]).بالإجماع، لما تقدم من الآيات والأخبار، وما يأتي، سواء كانت متعلقة بالمال، أو ما يجري مجراه، وسواء كان الموكل حاضراً أو غائباً.

 

(لأنه عليه السلام وكل عروة بن الجعد في الشراء ) قال: أعطاني دينارا فقال "اشتر لنا شاة" فاشتريت شاتين بدينار، وبعت إحداهما بدينار، فأتيته بشاة ودينار. الحديث، ووكل في قبول النكاح وغيره، مما ينيف على ثلاثين حديثاً، تدل دلالة واضحة على صحة الوكالة في العقود وغيرها، وهو إجماع.

 

(وسائر العقود، كالإجارة، والقرض، والمضاربة، والإبراء، ونحوها، في معناه ) أي سائر العقود مما ذكر ونحوها، كصلح، وهبة وإقرار، وضمان، وكفالة، وحوالة، وشركة، ووديعة، وجعالة، ومساقاة، وصدقة، ووصية، ونحو ذلك، في معنى التوكيل، لأن الحاجة تدعو إليها، كدعائها إلى التوكيل، فيثبت فيها حكمه، وقال الموفق وغيره: لا نعلم فيه خلافاً، وكذا الكتابة، والتدبير، والإنفاق، والقسمة، والحكومة، والوكالة في الوقف، وحكاه في الإنصاف في الجميع إجماعاً، وقال أبو حنيفة: للخصم أن يمتنع من محاكمة الوكيل إذا كان الموكل حاضرا. والجمهور على خلافه، لإجماع الصحابة، فإن عليا وكل عقيلا عند أبي بكر، وقال: ما قضى له فلي، وما قضي عليه فعلي، ووكل عبد الله بن جعفر عند عثمان، ولدعاء الحاجة إلى ذلك، فقد لا يحسن، أو لا يحب أن يتولاها بنفسه، لأن للخصومة قحما.

 

([والفسوخ] كالخلع، والإقالة، [والعتق، والطلاق]) أي أنه يصح التوكيل فيها، وهو كذلك بلا خلاف.

 

(لأنه يجوز التوكيل في الإنشاء، فجاز في الإزالة بطريق الأولى ) ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك، فأشبه البيع.

 

( [والرجعة ) أي ويصح التوكيل في الرجعة، لأنه يملك بالتوكيل الأقوى، وهو إنشاء النكاح، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، فتلافيه بالرجعة أولى، وظاهره أن التوكيل في الرجعة للمرأة صحيح، سواء كان لها في رجعة نفسها أو غيرها.

(وتملك المباحات من الصيد، والحشيش، ونحوه] كإحياء الموات ) والاحتطاب، واستقاء الماء، فيصح التوكيل في ذلك، بلا خلاف.

 

(لأنها تملك مال بسبب لا يتعين عليه، فجاز كالابتياع ) وكالاتهاب فيصح التوكيل فيه.

 

([لا الظهار] لأنه قول منكر وزور ) ومحرم، فلا يجوز فعله، ولا الاستنابة فيه، أشبه بقية المعاصي.

 

([واللعان والأَيمان] والنذور والقسامة ) وكذا الإيلاء، لأنها تتعلق بعين الحالف والناذر، فأشبهت العبادات البدنية، والحدود، فلا يصح الاستنابة فيها.

 

(والقسم بين الزوجات ) أي لا تصح الاستنابة فيه، لأنه يتعلق ببدن الزوج، لأمر يختص به، ولا يوجد في غيره.

 

( والشهادة والرضاع ) أي لا تصح استنابة في الشهادة، بأن يقول: اشهد عني. لتعلقها بعين الشاهد، لأنها خبر عما رآه أو سمعه، ولا يتحقق ذلك في نائبه، فإن فعل كان شاهدا على شهادته، ولا في الرضاع، كأن تقول امرأة لامرأة: أرضعي عني لأنه يختص بالمرضعة، والمرتضع، لأمر يختص بإنبات لحم المرتضع، وانشاز عظمه من لبنها.

 

( والالتقاط، والاغتنام ).أي ولا يصح التوكيل في الالتقاط، فإذا فعل ذلك فالتقط، كان أحق من الآمر، ولأن المغلب فيه الائتمان، ولا يصح في الاغتنام، لأنه مستحق بالحضور، فلا طلب للغائب به.

 

(والغصب، والجناية، فلا تدخلها النيابة ) أي ولا يصح التوكيل في الغصب، والجناية، لأن ذلك محرم، وكذلك كل محرم، لأنه لا يحل له فعله بنفسه، فلم تجز النيابة فيه، وقوله «فلا تدخلها النيابة» يعني الظهار، وما عطف عليه، فلا تصح الوكالة فيه، لعدم قبوله النيابة.

 

([و] تصح الوكالة أيضاً [في كل حق لله تدخله النيابة من العبادات]) يعني المتعلقة بالمال.

 

(كتفرقة صدقة، وزكاة، ونذر، وكفارة )قال في الإنصاف: بلا نزاع أعلمه. ويجوز للمخرج التوكيل في إخراجها، ودفعها إلى مستحقها، ولا يأخذ لنفسه من الصدقة، ولا لأجل العمل، لأن لفظ الموكل ينصرف إلى دفعه إلى غيره، ويجوز لولده، ووالده، إذا كان من أهل الصدقة، ويجوز أن يقول لغيره: أخرج زكاة مالي من مالك. لأنه اقتراض من مال وكيل، وتوكيل له في إخراجه.

 

(لأنه عليه السلام كان يبعث عماله لقبض الصدقات، وتفريقها )كما هو مستفيض من غير وجه، ومنه ما في الصحيحين: أنه بعث عمر على الصدقة. وقال لمعاذ: «صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم» وكذا خلفاؤه، وولاة المسلمين.

 

( وكذا حج، وعمرة، على ما سبق ) أي في كتاب المناسك، سواء كان نفلاً مطلقاً، أو فرضاً، من نحو معضوب، وتقدم بأدلته.

 

(وأما العبادات البدنية المحضة ) يعني الخالصة، وهي ما لا تتعلق بالمال.

 

(كالصلاة، والصوم، والطهارة، من الحدث، فلا يجوز التوكيل فيها ) قولا واحد، وكذا الاعتكاف، وتجديد الوضوء، ونحوه مما يتعلق بالبدن فحسب.

 

(لأنها تتعلق ببدن من هي عليه )أي فلا يقوم غيره مقامه، ولأن الثواب عليه لأمر يخصه، فلا تدخله النيابة، إلا أن الصيام المنذور يفعل عن الميت، أداء لما وجب عليه، وليس بتوكيل وتصح طهارة الخبث لأنها من التروك، وتجوز الاستنابة في صب الماء، وإيصاله إلى الأعضاء.

 

(لكن ركعتا الطواف تتبع الحج ) وإن كانت الصلاة لا تدخلها النيابة، لكن دخلت تبعا، وهذا استدراك من قوله «وأما العبادات البدنية» الخ فالحقوق ثلاثة أنواع، نوع تصح الوكالة فيه مطلقاً، وهو ما تدخله النيابة من حقوق الله، وحقوق الآدمي، ونوع لا تصح الوكالة فيه مطلقاً، كالصلاة، والظهار، ونوع تصح فيه مع العجز دون القدرة، كحج فرض، وعمرته.

 

([و] تصح في [الحدود في إثباتها، واستيفائها]) أي وتصح الوكالة في إثبات الحدود، كحد زنا، وسرقة، واستيفائها ممن وجبت عليه، ويقوم الوكيل مقام الموكل، في درئها بالشبهات.

 

(لقوله عليه السلام «واغد يا أُنيس إلى امرأَة هذا، فإن اعترفت فارجمها» فاعترفت، فأمر بها فرجمت، متفق عليه ) فدل الحديث على صحة التوكيل في إثبات الحدود، واستيفائها، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم ماعز فرجموه، ووكل عثمان عليا في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة، ولأن الحاجة تدعو إليه، لأن الإمام لا يمكنه تولي ذلك بنفسه، وقال ابن رجب: بناء على أن القاضي ليس بنائب للإمام، بل هو ناظر للمسلمين، لا عن ولاية، ولهذا لا ينعزل بموته، ولا بعزله، فيكون حكمه في ولايته حكم الإمام، ولأنه يضيق عليه تولي جميع الأحكام بنفسه، ويؤدي ذلك إلى تعطيل مصالح الناس العامة، فأشبه من وكل فيما لا تمكن مباشرته عادة لكثرته.

 

(ويجوز الاستيفاء في حضرة الموكل، وغيبته) وهو قول مالك، واستثنى بعضهم القصاص، وحد القذف، لاحتمال أن يعفو الموكل في حال غيبته فيسقط، والأول المذهب، لأن ما جاز استيفاؤه في حضرة الموكل، جاز في غيبته، كالحدود وسائر الحقوق، واحتمال العفو بعيد، ولأن قضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يحكمون في البلاد، ويقيمون الحدود التي تدرأ بالشبهات، والأولى الاستيفاء بحضوره فيهما، لاحتمال عفوه.

 

([وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه] إذا كان يتولاه مثله، ولم يعجزه ) في قوله «ليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه» أحوال ثلاثة «أحدها» إذا كان يتولاه مثله، ولم يعجزه عمله، فليس له أن يوكل فيما وكل فيه، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي.

 

(لأنه لم يأذن له في التوكيل، ولا تضمنه إذنه، لكونه يتولى مثله ).فلم يجز له التوكيل، كما لو نهاه، ولأنه استؤمن فيما يمكنه النهوض فيه، فلا يوليه غيره، كالوديعة، فإن كان لا يتولاه مثله، كالأعمال الدنية في حق أشراف الناس، المترفعين عن فعلها في العادة، أو يعجز عن عمله ككثرته، أو لكونه لا يحسنه، أو غير ذلك، فله التوكيل فيه، وحكي أنه لا نزاع فيه.

 

([إلا أن يجعل إليه] بأَن يأْذن له في التوكيل ) أي فيجوز له التوكيل، لأنه عقد أذن فيه، فكان له فعله، كالتصرف المأذون فيه، قال الموفق وغيره: لا نعلم فيه خلافاً، وهذا «الحال الثاني».

 

(أو يقول: اصنع ما شئت ) أي أو يقول: وكلتك فاصنع ما شئت أو: تصرف كيف شئت، فله أن يوكل، لأن لفظ: اصنع ما شئت. عام، فيدخل في عمومه التوكيل، «والحال الثالث» أن ينهى الموكل وكيله عن التوكيل، فلا يجوز له التوكيل، بغير خلاف، لأن ما نهاه عنه غير داخل في إذنه، فلم يجز له، كما لو لم يوكله، وكل وكيل جاز له التوكيل، فليس له أن يوكل إلا أمينا، لأنه لا نظر للموكل في توكيل من ليس بأمين، فإن تغير فعليه عزله، فإن لم يعلم بالتغير فلا ضمان عليه، وإن عينه الموكل جاز وإن لم يكن أمينا، لأنه قطع نظره بتعيينه، ولا ينعزل الوكيل الثاني بموته ونحوه، ولا يملك عزله، ولو قال: وكل فلانا عني في بيع كذا، فقال الشيخ: لا يحتاج إلى تبيين أنه وكيله، أو وكيل فلان.

 

(ويصح توكيل عبد بإذن سيده ) لأن المنع لحق السيد، فجاز بإذنه، ولا يجوز بغير إذنه، لأنه لا يجوز له التصرف بغير إذن سيده، سوى ما يملكه وحده، فيجوز توكيله في الطلاق من غير إذن.

 

([والوكالة عقد جائز]).أي من الطرفين، وكذا الشركة، والمضاربة، والمساقاة، والمزارعة، والوديعة، والجعالة، والمسابقة، والعارية، على ما يأتي تفصيله.

 

(لأنها من جهة الموكل إذن ) أي في التصرف، فكان لكل واحد منهما إبطاله، كالإذن في أكل طعامه.

 

(ومن جهة الوكيل بذل نفع ) أي للموكل، لكل منهما إبطاله.

 

(وكلاهما غير لازم ) أي من الطرفين، لا الإذن في الوكالة، ولا بذل النفع بها للموكل.

 

(فلكل واحد منهما فسخها ) أي الوكالة أي وقت شاء بلا نزاع، لعدم لزومها، وكذا الشركة، ونحوها مما تقدم.

 

( [وتبطل بفسخ أحدهما، وموته]) أي وتبطل الوكالة بفسخ الموكل أو الوكيل لها، وتبطل بموت الموكل أو الوكيل، وبموتهما معا بغير خلاف، إذا علم الحال، ومتى تصرف بعد فسخ الموكل أو موته فهو باطل إذا علم ذلك.

 

( وجنونه المطبق ) أي وتبطل الوكالة بجنون أحدهما المطبق بفتح الباء، قال في الإنصاف وغيره: بلا خلاف نعلمه إذا علم الحال. لزوال أهلية التصرف، وكذا كل عقد جائز كالشركة، ولا تبطل بالإغماء قولا واحداً.

 

(لأن الوكالة تعتمد الحياة والعقل، فإذا انتفيا انتفت صحتها ).أي لانتفاء ما تعتمد عليه، وهو أهلية التصرف، لكن لو وكل ولي اليتيم، وناظر الوقف أو عقدا، أو غيرهما عقدا جائزا، كالمشاركة، والمضاربة، لم تنفسخ بموته، لأنه متصرف على غيره، اقتصر عليه في الإنصاف، وقطع به في الإقناع، وذكره ابن رجب وغيره.

 

(وإذا وكل في طلاق الزوجة ثم وطئها ) بطلت الوكالة، لأنه دليل رجوعه، ورغبته فيها، واختيار إمساكها، لا بقبلتها، على الصحيح من المذهب، كما لا تصح الرجعة بها.

 

(أو في عتق العبد ثم كاتبه، أو دبَّره بطلت ) أي الوكالة في العتق، للدلالة على رجوع الموكل فيه بالكتابة أو التدبير، وهذا الصحيح من المذهب.

 

([و] تبطل أيضاً بـ[عزل الوكيل]) لأن له عزله أي وقت شاء بلا نزاع، وإن تصرف بعد علمه فتصرفه باطل.

 

(ولو قبل علمه، لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضى صاحبه، فصح بغير علمه، كالطلاق ) أي فيضمن ما تصرف فيه، وعنه: لا ينعزل قبل علمه. نص عليه، وهو مذهب الشافعي وغيره، واختاره الشيخ، وقال: هو الصواب، لما في ذلك من الضرر، لأنه قد يتصرف تصرفات فتقع باطلة، وربما باع الجارية فيطؤها المشتري، أو الطعام فيأكله، أو غير ذلك، فيتصرف فيه المشتري ويجب ضمانه، فيتضرر المشتري. والوكيل، وعليه: متى تصرف قبل علمه صح تصرفه. وهذا قول أبي حنيفة، حتى أنه لا يعزل نفسه إلا بحضرة الموكل، ولا ينعزل الشريك، والمضارب، حتى يعلم رب المال والشريك، لأنه ذريعة إلى عامة الأضرار، وهو تعطيل المال عن الفوائد والأرباح، حسن في اعتبار المقاصد، وسد الذرائع، قال في الإنصاف: وهو الأليق بالمذهب. وقال الشيخ: لا يضمن مطلقاً. وصوبه في الإنصاف، لأنه لم يفرط، وقال أيضاً: وعلى القول بالعزل قبل العلم، فتصرفاته صحيحة.

 

(ولو باع أَو تصرف فادعى أنه عزله قبله لم يقبل إلا ببينة ) أي ولو باع وكيل، أو تصرف، فادعى موكله، أنه عزله قبل البيع أو التصرف، لم يقبل إلا ببينة تشهد بالعزل قبل، لأن الأصل بقاء الوكالة والشركة ونحوهما، وبراءة ذمة الوكيل، والشريك، ونحوه من ضمان ما أذن له فيه، بعد الوقت الذي ادعى الموكل عزله فيه، واختار الشيخ: لا يضمن. وقال: لو باع، أو تصرف، فادعى أنه عزله قبله لم يقبل، فلو أقام به بينة ببلد آخر، وحكم به حاكم، فإن لم ينعزل قبل العلم صح تصرفه، وإلا كان حاكماً على الغائب، ولو حكم قبل هذا الحكم بالصحة حاكم لا يرى عزله قبل العلم، فإن كان قد بلغه ذلك نفذ، والحكم الناقض له مردود، وإلا وجوده كعدمه، والحاكم الثاني إذا لم يعلم بأن العزل قبل العلم، أو علم ولم يره، أو رآه ولم ير نقض الحكم المتقدم، فحكمه كعدمه، وقبض الثمن من وكيله دليل بقاء وكالته، وأنه قول أكثر العلماء. ا.هـ. إلا الطلاق فيقبل بلا بينة.

 

([و] تبطل أيضاً [بحجر السفيه]) أي وتبطل الوكالة أيضاً بحجر السفيه في تصرف مالي، وكيلا كان أو موكلا، حيث اعتبر رشده.

 

(لزوال أَهلية التصرف ) أي فلا يملكه غيره من جهته كالمجنون، والمراد فيما ينافيه، بخلاف ما لا ينافيه كالطلاق.

 

(لا بالحجر لفلس ) أي فالوكالة بحالها في شراء شيء في ذمته، أو في ضمان، أو اقتراض، أو خصومة، أو طلاق، أو خلع، أو قصاص، ونحو ذلك.

 

(لأنه لم يخرج عن أهلية التصرف ) يعني بالفلس، فصحت وكالته، لعدم ما ينافيها.

 

(لكن إن حجر على الموكل، وكانت في أَعيان ماله بطلت ) أي الوكالة فيما حجر عليه فيه من أعيان ماله، كأن يقول لوكيله: بع داري أو غلامي، أو نحوه.

 

( لانقطاع تصرفه فيها ) بالحجر عليه فيها، بخلاف ما لو كانت الوكالة في ذمته، كأن يقول: اشتر لي كذا وكذا.

 

([ومن وكل في بيع أو شراء، لم يبع ولم يشتر من نفسه]) أي من وكل في بيع شيء لم يجز أن يبيعه لنفسه، ومن وكل في شراء شيء لم يجز أن يشتري من نفسه، وهذا مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي.

 

(لأَن العرف في البيع بيع الرجل من غيره، فحملت الوكالة عليه ) يعني كما لو صرح به، ولأن العرف في الشراء من غيره، فشراؤه من نفسه لموكله خلاف العرف، فكما لو صرح فقال: اشتره من غيرك.

 

(ولأنه تلحقه تهمة ).أي في بيعه من نفسه لنفسه، وشرائه من نفسه لنفسه، وعليه الجمهور، وعنه: يجوز إذا زاد على مبلغ ثمنه في النداء، أو وكل من يبيع وكان هو أحد المشترين. وفي الكافي: لأنه امتثل أمره، وحصل غرضه، فصح كما لو باع أجنبياً، وإنما يصح بشرط أن يزيد على مبلغ ثمنه في النداء، ويتولى النداء غيره، لتنتفي التهمة، وذكر في الإنصاف احتمالا: لا يعتبران. لأن دينه، وأمانته تحمله على عمل الحق، وربما زاد خيراً، ومحل الخلاف ما لم يأذن له، فإن أذن له في الشراء لنفسه جاز، وكذا في شرائه من نفسه، إلا في وجه عند الشافعية، وهو قد وكله في التصرف لنفسه فجاز، ويتولى طرفي العقد في ذلك، كتوكيله في بيعه، وتوكيل آخر في شرائه، ولا يجوز للدلال أن يكون شريكاً فيمن يزيد من غير علم البائع، لأنه يحب أن لا يزيد أحد عليه، فلا ينصح، وإذا تواطأ جماعة على ذلك استحقوا التعزير، ومنه: أن يمنعوا من المناداة.

 

( [و] لا من [ولده] ووالده، وزوجته، ومكاتبه، وسائر من لا تقبل شهادته له ) كابن بنته، وأبي أمه، فلا يجوز للوكيل البيع لأحدهم، ولا الشراء منه مع الإطلاق، وعلى القول بالصحة فهنا أولى.

 

( لأنه متهم في حقهم، ويميل إلى ترك الاستقصاء عليهم في الثمن، كتهمته في حق نفسه ) وفي الإنصاف: بناه بعضهم على ما تقدم، وقالوا: بخلاف أخيه وعمه فيصح. وقال في الإنصاف: وحيث حصل تهمة في ذلك لم يصح.

 

( وكذا حاكم، وأمينه ) أي وكالوكيل – فيما تقدم من البيع ونحوه لنفسه أو أقاربه – حاكم وأمينه، واستثناه بعضهم، لأن ولايته عامة.

 

(وناظر وقف ) فلا يبيع من مال الوقف، ولا يشتري منه لنفسه، ولا لوالده، وولده، وزوجته، ونحوهم، ولا يؤجر إلا أن يكون الوقف على نفس الناظر، فإجارته لولده صحيحة بلا نزاع، وإن كان على غيره صحت عند بعضهم بأجرة المثل.

 

(ووصي، ومضارب، وشريك عنان، ووجوه ) وكذا عامل بيت المال ونحوه، لا يبيع ولا يشتري من نفسه، ولا ولده، ونحوه على ما تقدم.

 

([ولا يبيع] الوكيل [بعرض، ولا نساء، ولا بغير نقد البلد]).أي ولا يبيع الوكيل «بعرض» كثوب، وفلوس، «ولا نساء» أي بثمن مؤجل، ولا يبيع بغير نقد البلد، فإن فعل لم يصح.

 

(لأن عقد الوكالة لم يقتضه ) وإنما الأصل في البيع تحصيل الثمن، والحلول، وإطلاق النقد ينصرف إلى نقد البلد، فلو باع وأطلق، انصرف إلى الحلول، ونقد البلد، فلم يصح إلا حالا بنقد البلد، وهذا مذهب الشافعي.

 

( فإن كان في البلد نقدان باع بأغلبهما رواجاً ) وكذا إن كان فيه نقود، باع بالأغلب رواجا.

 

( فإن تساويا خير ) أي في أن يبيع بأيهما شاء، وقال غير واحد: بالأصلح. لأنه الذي ينصرف إليه الإطلاق، والمراد ما لم يعين الموكل نقداً، فإن عينه تعين، لأنه إنما يتصرف بإذن الموكل.

 

([وإن باع بدون ثمن المثل] إن لم يقدر له ثمن ) صح البيع، وضمن النقص، وهذا مذهب الشافعي وغيره، فيما لا يتغابن الناس بمثله، وأما ما يتغابن الناس بمثله في الغالب، كأن يبيع ما يساوي عشرة بتسعة، فيصح ولا ضمان عليه.

 

([أو] باع بـ[دون ما قدره له] الموكل صح ) أي البيع، وضمن النقص، ولو كان مما يتغابن به عادة، لأنه ليس له أن يبيع بدون ما قدر له.

 

([أو اشترى له بأكثر من ثمن المثل] وكان لم يقدر له ثمناً ) صح الشراء، وضمن الزائد عن ثمن المثل، إذا كان مما لا يتغابن به عادة، لأنه يمكن التحرز منه.

 

([أو مما قدره صح] الشراء ) أي أو اشترى بأكثر مما قدر له، صح الشراء، وضمن الزائد عن ثمن المثل، ولو كان مما يتغابن به عادة، لأنه غير مأذون فيه.

 

(لأَن من صح منه ذلك بثمن مثله صح بغيره ) أي غير ثمن المثل كالمريض.

 

( [وضمن النقص] في مسألة البيع ) أي بدون ثمن المثل، مما لا يتغابن بمثله عادة، وأما ما يتغابن بمثله، كالدرهم في العشرة، فمعفو عنه إذا لم يكن الموكل قدر الثمن، وإذا حضر من يزيد على ثمن المثل، وباعه بثمن المثل، صح وضمن الزيادة، لأن عليه طلب الحظ لموكله.

([و] ضمن [الزيادة] في مسألة الشراء لأَنه مفرط ) أي بترك الاحتياط، وطلب الحظ، ما لم يكن مما يتغابن بمثله عادة، كدرهم في عشرة، فلا، لعسر التحرز منه، ما لم يقدر له ثمن فيضمن، واختار الشيخ أنه لا يضمن ما لم يفرط، وصوبه في الإنصاف وغيره.

 

(والوصي، وناظر الوقف، كالوكيل في ذلك، ذكره الشيخ تقي الدين ).قدس الله روحه، قال: وكذلك الشريك، والوصي، والناظر على الوقف، وبيت المال، ونحو ذلك. وقال: هذا ظاهر فيما إذا فرط، وأما إذا احتاط في البيع والشراء، ثم ظهر غبن، أو عيب لم يقصر فيه، فهذا معذور، يشبه خطأ الإمام أو الحاكم، ويشبه تصرفه قبل علمه بعزله، وأبين من هذا الناظر، والوصي، والإمام، والقاضي، إذا باع، أو أجر، أو زارع، أو ضارب، ثم تبين أنه بدون القيمة بعد الاجتهاد، أو تصرف تصرفا، ثم تبين الخطأ فيه، مثل أن يأمر بعمارة، أو غرس، ونحو ذلك، ثم تبين أن المصلحة كانت في خلافه، وهذا باب واسع، وكذلك المضارب، والشريك، فإن عامة من يتصرف لغيره بوكالة أو ولاية، قد يجتهد ثم يظهر فوات المصلحة، أو حصول المفسدة، فلا لوم عليه فيهما، وتضمين مثل هذا فيه نظر، وهو شبيه بما إذا قتل في دار الحرب من يظنه حربياً فبان مسلما، فإن جماع هذا أنه مجتهد، مأمور بعمل اجتهد فيه، وكيف يجتمع عليه الأمر والضمان، هذا الضرب هو خطأ في الاعتقاد والقصد، لا في العمل، وأصول المذهب تشهد له بروايتين.

 

(وإن قال: بعه بدرهم. فباعه بدينار صح، لأَنه زاده خيراً ) ولأن من رضي بدرهم رضي مكانه ديناراً.

 

([وإن باع] الوكيل [بأَزيد] مما قدره له الموكل صح ) أي البيع، كأن وكله في بيع شيء بمقدر فباعه بأكثر منه، سواء كانت الزيادة من جنس الثمن المأمور به أو لا، أو أطلق فباعه بأكثر من ثمن المثل، لأنه باع بالمأذون فيه، وزاد زيادة تنفعه ولا تضره، وأشبه ما لو شراه بدون ثمن المثل أو دون ما قدر له، كما لو قال: اشتر شاة بدينار فاشترى شاتين، لخبر عروة بن الجعد، لا إن قال: بعه بدرهم فباعه بثوب يساوي دينارا، لمخالفته موكله، وأما ما حصل للوكيل فقال الشيخ – فيمن دفع إلى رجل ثوبا يبيعه، فباعه وأخذ الثمن، فوهبه المشتري ثوباً أو منديلاً – ينبغي أن يكون لصاحب الثوب، ولو نقص المشتري من الثمن درهما، فإن الضمان على الذي باع الثوب، فقد نص أحمد على أن ما حصل للوكيل من زيادة فهي للبائع، وما نقص فهو عليه، ولم يفرق بين أن يكون النقص قبل لزوم العقد أو بعده، وينبغي أن يفصل إذا لم يلزمه.

 

( [أو قال] الموكل: [بع بكذا مؤجلاً، فباع] الوكيل [به حالاً] صح ) أي البيع، لأنه زاده خيراً، حيث باع بثمن حال ما أمر ببيعه مؤجلا.

 

([أو] قال الموكل: [اشتر بكذا حالاً. فاشتري به مؤجلاً ) ومثاله إن قال: اشتره بمائة حالا. فاشتراه بها مؤجلا، صح البيع، لأنه زاده خيرا بتأجيل الثمن، والعادة الزيادة في مقابلة الأجل فيهما.

 

(ولا ضرر فيهما] أي فيما إذا باع بالمؤجل حالاً، أو اشتري بالحال مؤجلاً [صح]) أي البيع، ومفهومه: إن تضرر لم يصح.

 

(لأنه زاده خيراً ) أي ببيع المؤجل حالا، والشراء بالحال مؤجلا، وكان مأذونا فيه عرفا.

 

(فهو كما لو وكله في بيعه بعشرة، فباعه بأكثر منها ) لأنه زاده خيرا ينفعه ولا يضره، فكذا بيعه المؤجل حالا، وشراؤه بالحال مؤجلا.

 

( [وإلا فلا] أي وإن لم يبع أو يشتر بمثل ما قدره له بلا ضرر، بأن قال: بعه بعشرة مؤجلة. فباعه بتسعة حالة ) لم يصح، لمخالفته موكله، وحصول ضرره.

 

(أو: باعه بعشرة حالة؛ وعلى الموكل ضرر، بحفظ الثمن في الحال أو: بعه بعشرة حالة. فباعه بأحد عشر مؤجلة )لم يصح البيع.

 

(أو قال: اشتره بعشرة حالة. فاشتراه بأحد عشر مؤجلة، أو بعشرة مؤجلة مع ضرر، لم ينفذ تصرفه، لمخالفته موكله ).وحصول ضرره فيهما، وقال الموفق: ويحتمل أن ينظر فيه، فإن لم يكن له غرض في النسيئة صح، وإن كان فيها غرض – نحو أن يكون الثمن مما يستضر بحفظه في الحال، أو يخاف عليه من التلف أو المتغلبين، أو يتغير عن حاله إلى وقت الحلول – فهو كمن لم يؤذن له، لأن حكم الحلول لا يتناول المسكوت عنه إلا إذا علم أنه في المصلحة كالمنطوق، أو أكثر، فيكون الحكم فيه ثابتا بطريق التنبيه أو المماثلة، ومتى كان في المنطوق به غرض مختص به، لم يجز تفويته، ولا ثبوت الحكم في غيره وقال الشارح: الأولى أن ينظر له فيه. ثم ذكر نحوه، وفي الإنصاف: إن حصل ضرر لم يصح. وصوبه، وإن أمره ببيعه في سوق بثمن، فباعه به في آخر صح، إن لم ينهه عنه، ولم يكن له فيه غرض، بلا نزاع.

 

(وقدم في الفروع أَن الضرر لا يمنع الصحة )أي مطلقا، وعبارته، وإن أمره بشراء بكذا حالا، أو ببيع بكذا نساء. فخالف في حلول وتأجيل، صح في الأصح.

 

(وتبعه في المنتهى والتنقيح، في مسألة البيع ) وعبارة المنتهى وشرحه: وكذا لو قال: بعه بألف نساء. فباعه به حالا صح، ولو مع ضرر يلحق الموكل بحفظ الثمن، لأنه زاده خيرا، ما لم ينهه عن بيعه حالا، فإن نهاه لم يصح.

 

(وهو ظاهر المنتهى أيضاً في مسألة الشراء )وعبارته وشرحه: ومن قال لوكيله عن شيء: اشتره بكذا. أي بثمن قدره له حالا، فاشتراه الوكيل أي بالثمن الذي قدره له موكله مؤجلا صح، وقيل: إن لم يتضرر. انتهى، فظاهره ما ذكره الشارح، وفي شرحه له: ولو تضرر، ما لم ينهه، على قياس ما سبق. وفي الإقناع: ولو استضر بقبض الثمن في الحال، ما لم ينهه. أي عن البيع حالا، فإن نهاه لم يصح.

 

(وقد سبق لك أن بيع الوكيل، بأَنقص مما قدر له، وشراءه بأكثر منه، صحيح ويضمن )فيقتضي أن البيع والشراء فيما ذكر صحيحان، ويضمن الوكيل النقص في مسألة البيع، والزيادة في مسألة الشراء، فدل كلامه أنه يرى الصحة ولو مع الضرر.

 

فصل في بيان ما يلزم الموكل والوكيل

(فصل ) أي في بيان ما يلزم الموكل والوكيل، من نحو رد مبيع بعيب، وتسليم ثمن، وإشهاد، وما يملك فعله، وغير ذلك.

 

( [وإن اشترى] الوكيل [ما يعلم عيبه لزمه] أي لزم الشراء الوكيل )ولم يلزم الموكل، حيث اشترى له ما لم يأذن فيه، لأن إطلاق البيع يقتضي السلامة من العيوب، ولا نزاع أنه ليس للوكيل شراء معيب.

 

(فليس له رده، لدخوله على بصيرة ) أي فليس للوكيل رد المبيع المعيب، لدخوله على بصيرة، وتفريطه، وعدم احترازه.

 

([إن لم يرض] به [موكله]) أي ولزم الشراء الوكيل إن لم يرض بالعيب موكله، لأن الحق له.

 

(فإن رضيه كان له، لنيته بالشراء ).أي فإن رضي الموكل بعيب المبيع، كان المبيع المعيب له، لأن الوكيل نوى العقد له بالشراء، فلزمه إذا لم يكن الشراء له بعين ماله.

 

( وإن اشتراه بعين المال لم يصح ) أي وإن اشترى المعيب بعين مال الموكل، لم يصح الشراء، لأنه اشترى له ما لم يأذن له فيه، فخالف مقتضى الوكالة.

 

([فإن جهل] عيبه [رده]) أي وإن جهل وكيل عيب ما اشتراه حال عقد صح، وكان كشراء موكل بنفسه، لمشقة التحرز من ذلك، وله رده على بائعه، جزم به في الإقناع، والمنتهى، وصححه في الإنصاف، والمقنع، والمحرر، والعسكري، والحجاوي، وغيرهم.

 

(لأنه قائم مقام الموكل )أي لأن الوكيل قائم مقام الموكل في الرد بالعيب، فله رده، ومثل ذلك خيار غبن أو تدليس.

 

(وله أيضاً رده، لأنه ملكه ) أي وللموكل أيضاً رد المعيب إن لم يرضه، لأنه ملكه، وحقوق العقد متعلقة به، ولو أسقط الوكيل خياره، وإن أنكر بائع أن الشراء وقع لموكل، حلف ولزم الوكيل، لرضاه بالعيب.

 

(فإن حضر قبل رد الوكيل، ورضي بالعيب، لم يكن للوكيل رده، لأن الحق له ) أي فإن حضر الموكل قبل رد الوكيل المبيع المعيب، ورضى الموكل بالعيب، لم يكن للوكيل رده، لأن الحق للموكل وحده، وقد أسقطه.

 

(بخلاف المضارب، لأن له حقاً، فلا يسقط رضى غيره ) يعني فله الرد من أجل حصته من الربح، وإن رضي رب المال بالعيب، ولم يرض هو به.

 

(فإن طلب البائع الإمهال حتى يحضر الموكل، لم يلزم الوكيل ذلك ) لأنه لا يأمن فوات الرد بهرب البائع، وفوات الثمن بتلفه، وإن أخره بناء على هذا القول فلم يرض به الموكل، فله الرد وإلا سقط، وإن قال البائع: قد رضي موكلك بالعيب، فالقول قول الوكيل بيمينه: أنه لا يعلم ذلك.

 

( وحقوق العقد - كتسليم الثمن ) أي تتعلق بالموكل، لانتقال الملك من البائع للموكل، وهذا مذهب الشافعي، فيطالب بثمن ما اشتراه وكيله له، وظاهره: مطلقاً. سواء كان الثمن معينا أو في الذمة، وفي المبدع وغيره: أنه يطالب الوكيل إذا كان الثمن في الذمة، وأما إن كان معينا فالمطالب الموكل، وقال الموفق وغيره: أما ثمن ما اشتراه إذا كان في الذمة فإنه يثبت في ذمة الموكل أصلاً، وفي ذمة الوكيل تبعا، كالضامن.

 

(وقبض المبيع، والرد بالعيب ) أي يتعلقان بالموكل، كتعلق الثمن، فلو أبرأ الوكيل، لم يبرأ الموكل، كالضامن والمضمون عنه سواء.

 

(وضمان الدرك – تتعلق بالموكل ).جزم به الموفق وغيره. والدرك التبعة. وقال الشيخ – فيمن وكل في بيع، أو شراء، أو استئجار – إن لم يسم موكله في العقد فضامن، وإلا فالروايتان. وظاهر المذهب تضمينه، ومن مملوكه يتصرف له تصرف الوكيل وهو يعلم، ثم فعل شيئا، فقال: ليس وكيلي. لم يقبل إنكاره، حتى لو قدر أنه لم يوكله، فتفريطه وتسليطه عدوان منه، يوجب الضمان.

 

( [ووكيل البيع يسلمه] أي يسلم المبيع ) لمشتريه بلا نزاع.

 

(لأن إطلاق الوكالة في البيع يقتضيه لأنه من تمامه ) أي التسليم، ولا يملك الإبراء من الثمن، لأنه ليس من المبيع، ولا من تتمته، وهذا مذهب الشافعي.

 

([ولا يقبض] الوكيل في البيع [الثمن] بغير إذن الموكل ) قطع به غير واحد، وكذا الوكيل في النكاح، لا يملك قبض المهر فيه، وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، وهو المفتى به.

 

( لأنه قد يوكل في البيع من لا يأمنه على قبض الثمن ) فلم يملكه بغير إذن الموكل، وإن تعذر قبض الثمن من المشتري، لم يلزم الوكيل شيء، لأنه ليس بمفرط، كما لو ظهر المبيع مستحقاً، أو معيباً.

 

( [بغير قرينة]).أي تدل على قبض الثمن، أو يأذن الموكل في قبضه.

 

(فإن دلت القرينة على قبضه مثل توكيله في بيع شيء في سوق غائباً عن الموكل ) كان ذلك إذنا في قبضه، فإن تركه عُدَّ مفرطا.

 

(أو موضع يضيع الثمن بترك قبض الوكيل له ) أي للثمن، وكذا لو أفضى عدم القبض إلى ربا، كبيع ربوي بآخر ولم يحضر الموكل.

(كان إذناً في قبضه ) لدلالة القرينة، فكان القبض حينئذ من مقتضى العقد.

 

(فإن تركه ضمنه، لأنه يعد مفرطاً ) لكونه يملك قبضه، قال الموفق وغيره: لأن ظاهر حال الموكل أنه إنما أمره بالبيع لتحصيل ثمنه، فلا يرضى بتضييعه، ولهذا من فعل ذلك يعد مفرطا.

 

(هذا المذهب عند الشيخين ) الموفق والمجد، وصوبه في الإنصاف، وعليه الفتوى، وقطع به في الإقناع، وإن لم تدل قرينة على ذلك لم يكن له قبضه.

 

(وقدم في التنقيح – وتبعه في المنتهى ) وقال في الإنصاف: إنه المذهب؛ وقدمه في الفروع، واختاره القاضي وغيره.

 

(– لا يقبضه إلا بإذن. فإن تعذر لم يلزم الوكيل شيء، لأنه ليس بمفرط، لكونه لا يملك قبضه ) والوجه الثالث: يملكه مطلقاً، فإن تركه ضمن، وقال ابن عبدوس: له قبض الثمن إن فقدت قرينة المنع، وحيث جاز القبض لم يسلم المبيع قبل قبض ثمنه، أو حضور الموكل، وإلا ضمن.

 

([ويسلم وكيل الشراء الثمن]) أي للبائع بلا نزاع.

(لأنه من تتمته وحقوقه، كتسليم المبيع ) أي فحكمه حكم تسليم البائع المبيع، قال الموفق وغيره: والحكم في قبض المبيع كالحكم في قبض الثمن في البيع.

 

([فلو أَخره] أي أخر تسليم الثمن [بلا عذر وتلف] الثمن [ضمنه] لتعديه بالتأْخير ) وتفريطه في إمساكه، وإن كان له عذر، مثل أن امتنع بائع من قبضه، أو ذهب لينقده، ونحو ذلك، فلا ضمان عليه، لأنه لم يتعد ولم يفرط، ووكيل في شراء أو قبض مبيع، لا يسلم الثمن حتى يتسلم المبيع.

 

( وليس لوكيل في بيع تقليبه على مشتر إلا بحضرته، وإلا ضمن ) أي وليس لوكيل في بيع إعطاؤه لمشتر، ليقلبه بما يغيب به عن الوكيل، وإنما يقلبه بحضرة الوكيل، وذلك أن يقول: أريد أن أريه فلانا. فإن غاب به عن الوكيل وتلف، ضمنه الوكيل، لتعديه بدفعه له، وإن حضر الموكل جاز، لدلالة الحال على رضاه به.

 

( [وإن وكله في بيع فاسد] لم يصح ولم يملكه ) أي وإن وكله في بيع فاسد لم يصح، كشرطه على وكيل أن لا يسلم المبيع "ولم يملكه" يعني البيع الفاسد.

 

(لأن الله تعالى لم يأذن فيه ) أي في البيع الفاسد، وتقدم بيانه بأدلته.

 

(ولأن الموكل لا يملكه ).أي فالوكيل أولى أن لا يملكه.

 

([فـ] لو [باع] الوكيل إذاً بيعاً [صحيحاً] لم يصح، لأَنه لم يوكل فيه ).أي في البيع الصحيح لأنه إنما أذن له وقت كونه وكله في بيع محرم، فلم يملك الحلال بالإذن في الفاسد، كما لو أذن في شراء خمر وخنزير، لم يملك شراء الخيل والغنم.

 

( [أَو وكله في كل قليل وكثير] لم يصح ) ذكره الآزجي اتفاق الأصحاب، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وكذا لو قال: وكلتك في كل شيء. أو في كل تصرف يجوز لي، أو كل مالي لم يصح التصرف فيه.

 

( لأنه يدخل فيه كل شيءٍ من هبة ماله، وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه، فيعظم الغرر والضرر ) ولأنه لا يصح التوكيل إلا في تصرف معلوم.

( [أو] وكله في [شراء ما شاء ) لم يصح، لأنه قد يشتري ما لا يقدر على ثمنه.

(أو عيناً بما شاء، ولم يعين] نوعاً وثمناً [لم يصح]).حتى يذكر النوع كبر، والثمن كدرهم، وفي الإنصاف: حتى يذكر النوع، وقدر الثمن. ثم قال: وعنه ما يدل على أنه يصح. وهو ظاهر ما اختاره في المغني والشرح. وقال ابن أبي موسى: إذا أطلق وكالته، جاز تصرفه في سائر حقوقه، وقيل: يكفي ذكر النوع فقط. اختاره القاضي، وقطع به ابن عقيل، وإن قدر له أكثر الثمن وأقله صح، لأنه يقل الغرر.

 

(لأنه يكثر فيه الغرر ) لكثرة ما يمكن شراؤه. وعنه: ما يدل على أنه يصح، وهو ظاهر ما اختاره في المغني، وقال أحمد – في رجلين قال كل واحد منهما لصاحبه: ما اشتريت من شيء فهو بيني وبينك -: إنه جائز.

 

(وإن وكله في بيع ماله كله، أو ما شاء منه صح ) لأنه يعرف ماله، فيعرف أقصى ما يبيع، فيقل الغرر، وما جاز التوكيل في جميعه جاز في بعضه، وكذا لو وكله في قبض ديونه، أو الإبراء منها، أو ما شاء منها صح.

 

(قال في المبدع: وظاهر كلامهم في: –بع من مالي ما شئت – له بيع ماله كله ) أي ظاهر ما ذكره الأصحاب تعريجا، وتكون "من" بيانية لا تبعيضة.

 

( [والوكيل في الخصومة لا يقبض] )وهذا مذهب الشافعي، ولا يقبل إقراره على الموكل بقبض الحق، ولا غيره وهذا مذهب مالك، والشافعي، لأن الإقرار يقطع الخصومة وينافيها، فلم يملك الوكيل الإقرار فيها، كالإبراء أو المصالحة على الحق بلا خلاف.

 

( لأن الإذن لم يتناوله نطقاً ولا عرفاً ) لأن معنى الوكالة في الخصومة الوكالة في إثبات الحق، لا في قبضه.

 

(لأنه قد يرضى للخصومة من لا يرضاه للقبض ).وفي الإنصاف: الذي ينبغي أن يكون وكيلا إن دلت قرينة، كما اختاره الموفق وغيره فيما إذا وكله في بيع شيء: أنه لا يملك قبض ثمنه إلا بقرينة، وفي الفنون: لا يصح ممن علم ظلم موكله في الخصومة. قال في الإنصاف: هذا مما لا شك فيه. وإن ظن ظلمه توجه المنع، وصوبه. وفي قوله ﴿ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً ﴾ دليل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم عن غيره في إثبات حق، أو نفيه، وهو غير عالم بحقيقة أمره.

 

([والعكس بالعكس] فالوكيل في القبض له الخصومة ) ولا تلزمه، علم رب الحق ببذل الغريم ما عليه، أو جحده، أو مطله، وسواء وكل في قبض دين أو عين، أو في قسم شيء، أو بيعه.

 

(لأنه لا يتوصل إليه إلا بها ) أي بالخصومة، فملكها لتثبيت ما وكل فيه.

 

(فهو إذن فيها عرفاً ) لأن القبض لا يتم إلا بها، وكما أنه لو وكل في شراء شيء ملك تسليم ثمنه.

 

( [و] إن قال الموكل [اقبض حقي من زيد] ملكه من وكيله ) لاقتضاء العرف أن له قبضه من وكيله، وإن كان مقتضى اللفظ قبضه من زيد.

 

( لأنه قائم مقامه ) أي لأن وكيله قائم عرفا مقام زيد، فيجرى مجرى تسليمه.

 

(و[لا يقبض من ورثته] لأنه لم يؤمر بذلك، ولا يقتضيه العرف ) أي لا يقتضي العرف القبض من الورثة، إذا قال: اقبض حقي من زيد. لأن الوارث غير قائم مقام الموروث في ذلك، لأن الحق انتقل إليه، واستحقت المطالبة عليه، لا بطريق النيابة، ولأنه قد يرى بقاء الحق عندهم دونه.

 

([إلا أن يقول] الموكل للوكيل: اقبض حقي [الذي قبله] أو عليه ) أي الذي من جهة زيد، أو على زيد مثلا.

 

(فله القبض من وارثه، لأن الوكالة اقتضت قبض حقه مطلقاً ).أي من زيد، ومن وكيله، ومن وارثه، لأنه من حقه، لإتيانه بلفظ يشمل ذلك، بخلاف ما قبله.

 

(وإن قال: اقبضه اليوم. لم يملكه غداً ) لتقييد الوكالة بزمن معين، لأنه قد يختص غرضه في زمن حاجته إليه دون غيره.

 

( [ولا يضمن وكيل] في [الإيداع إذا] أودع و[لم يشهد] وأَنكر المودع، لعدم الفائدة في الإِشهاد) أي على الوديع، ولعل المراد ما لم ينكر الورثة.

 

( لأَن المودع يقبل قوله في الرد والتلف )أي فلا فائدة للموكل في الاستيثاق عليه، ولا يعد مفرطا، فإن أنكر الوديع دفع الوكيل الوديعة، فقول وكيل بيمينه.

 

(وأَما الوكيل في قضاء الدين إذا كان بغير حضور الموكل، ولم يشهد ضمن )إذا لم يؤذن له في القضاء بغير إشهاد، وإن قضاه بحضرة الموكل لم يضمن، لأن حضوره قرينة رضاه بالدفع بغير بينة، وإن لم يعلم هل هو دين أو وديعة؟ فأنكر المدفوع إليه لم يضمن.

 

(إذا أَنكر رب الدين )سواء صدقه الموكل في القضاء أو كذبه، لأنه إنما أذن في قضاء مبرئ ولم يوجد.

 

(وتقدم في "الضمان").سبقة قلم، بل تقدم في الكلام على قضاء العدل، في «باب الرهن» في الفصل الذي بعد الباب.

 

فصل فيما يلزم الوكيل ضمانه، وما لا يلزمه،

وما يقبل قوله فيه، وغير ذلك

(فصل ) أي فيما يلزم الوكيل ضمانه، وما لا يلزمه، وما يقبل قوله فيه، وغير ذلك.

 

([والوكيل أمين، لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط] )ولا تعد منه في ذلك، سواء كان ثمنا، أو مثمنا، أو غيرهما، قال الشيخ: ولو عزل قبل علمه بالعزل، وقلنا: ينعزل. لعدم تفريطه.

 

(لأَنه نائب المالك في اليد والتصرف ) وقائم مقامه في حفظه، والتكسب فيه، وغير ذلك.

 

(فالهلاك في يده كالهلاك في يد المالك ) وكالمودع، والوصي، وأمين الحاكم، والشريك، والمضارب، والمرتهن ونحوهم، لأنه لو كلف الضمان مع تعذره لامتنع الناس من الدخول في الأمانات مع دعاء الحاجة إليها، وذلك ضرر.

 

(ولو بجعل ) أي ولو كان الوكيل المدعي للتلف ونحوه بجعل، فلا يقال: إنه كالرد؛ وإن وكله في تحصيل أمواله، والتصرف فيها بالعشر، أو وكله مطلقاً على الوجه المعتاد، الذي يقتضي العرف أن له العشر، فله ذلك، فإنه يستحق العشر بشرط لفظي أو عرفي، واستيفاء المال بجزء شائع منه جائز في أظهر قولي العلماء.

 

(فإن فرط أَو تعدى ).أي فإن فرط الوكيل في حفظ ما وكل فيه، أو تعدى عليه، كأن حمَّل الدابة ما لا تطيق، ضمن قولا واحداً، وكذا سائر الأمناء، وإن أعطى الدلال قماشا يبيعه، فأودعه عند شخص أمين، عادتهم أن يودعوا عنده، فعدم منه شيء، فلا شيء على الدلال، وإن كان الدلال فرط، فتصرف بما لم يؤذن له فيه، لا لفظا ولا عرفا، ضمن.

 

(أو طلب منه المال فامتنع من دفعه لغير عذر ضمن ) أي ما امتنع من دفعه لغير عذر، فإن كان ثم عذر، بأن لم يمكنه الرد حينئذ، لحبس ونحوه، فلا ضمان عليه.

 

([ويقبل قوله] أي الوكيل [في نفيه] أي نفي التفريط ونحوه ) كنفي التعدي، كما لو ادعى الموكل أن الوكيل لبس الثوب، أو حمل على الدابة لنفسه، أو فرط في حفظها.

 

([و] في [الهلاك مع يمينه]) أي ويقبل قول الوكيل – في دعوى الهلاك لنحو عين مبيع، أو ثمنه – مع يمينه.

(لأن الأصل براءة ذمته ).فلا يكلف بينة، لأنه مما تتعذر إقامة البينة عليه، ولئلا يمتنع الناس من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها، ويلتحق بالوكيل كل من بيده شيء لغيره، كالأب، والوصي، وأمين الحاكم، والشريك، والمضارب، والمرتهن، والمستأجر والمودع، في أنه يقبل قولهم في التلف ونحوه، وقال الشيخ: والوكيل في الضبط والمعرفة، مثل من وكل رجلا في كتابة ما له وما عليه، كأهل الديوان، فقوله أولى بالقبول من وكيل التصرف، لأنه مؤتمن على نفس الإخبار بما له وما عليه، وهذه مسألة نافعة، ونظيرها إقرار كُتّاب الأمراء، وأهل ديوانهم، بما عليهم من الحقوق بعد موتهم، وإقرار كتّاب السلطان وبيت المال، وسائر أهل الديوان بما على جهاتهم من الحقوق، ومن ناظر الوقف، وعامل الصدقة، بما على الخراج ونحو ذلك، فإن هؤلاء لا يخرجون عن ولاية، أو وكالة.

 

(لكن إن ادعى التلف بأَمر ظاهر، كحريق عام ) كلف إقامة البينة على وجود الحريق، وهذا استدراك من قول الماتن: قبل قوله.

 

(ونهب جيش، كلف إقامة البينة عليه ) أي على نهب الجيش في تلك الناحية، لأن وجود الأمر الظاهر مما لا يخفى، فلا يتعذر إقامة البينة عليه، جزم به القاضي وغيره، وهو مذهب الشافعي وغيره.

 

(ثم يقبل قوله فيه ) أي في أن العين تلفت بذلك الأمر الظاهر، الذي أقام به بينة، لا على تلفها، لتعذر إقامة البينة عليه، كما لو تلفت بسبب خفي.

 

(وإن وكله في شراء شيءٍ، واشتراه، واختلفا في قدر ثمنه، قبل قول الوكيل ) لأنه أمين، وأدرى بما عقد عليه.

 

(وإن اختلفا في رد العين، أَو ثمنها إلى الموكل، فقول وكيل متطوع ) أي متبرع، مع يمينه، لأن الوكيل المتطوع قبضها لنفع مالكها، فقبل قوله فيه، كالوصي، والمودع المتبرعين، ولأنه لو لم يقبل قولهم لامتنع الناس من قبول هذه الأمانة، فيلحق الناس الضرر، هذا المذهب.

 

(وإن كان بجعل فقول موكل ).لأن الوكيل قبضها لحظ نفسه، فلم يقبل قوله، كالمستعير، ولأن القول قول المنكر مع يمينه، لخبر «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» وما في معناه، وهذه قاعدة عظيمة، وكلمة جامعة، من جوامع الكلم، والوكيل قد أقر بوصول المال، ثم ادعى وصوله إلى صاحبه، وإذا أنكر الموكل، فالقول قوله بيمينه، لأن الأصل عدم الوصول، حتى تقوم البينة بذلك، وظاهر الخبر أنه لا فرق بين متطوع أو بجعل، قال ابن رجب: لو ادعى الأمين رد الأمانة على من ائتمنه، فالأكثرون على أن قوله مقبول، وقال الأوزاعي: لا يقبل قوله، لأنه مدع. وقال مالك، وأحمد في رواية: إن ثبت قبضه للأمانة ببينة، لم يقبل قوله في الرد بدون البينة، وقال: قد اختلف الفقهاء في هذا الباب على قولين «أحدهما» أن البينة على المدعي أبدا، واليمين على المدعى عليه أبدا، وهو قول أبي حنيفة، ووافقه طائفة من الفقهاء والمحدثين كالبخاري «الثاني» أنه يرجح جانب أقوى المتداعيين، وتجعل اليمين في جانبه، وهذا مذهب مالك، وذكر القاضي أبو يعلى في خلافه أنه مذهب أحمد. قال عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: القول قول المالك، على الراجح عند متأخري الحنابلة، وكذا الوكيل بجعل، والذي نفهم من كلامهم صوابه، ولا نعلم شيئاً يرده من الكتاب والسنة، وذلك أن الدليل دل على أن القول قول المنكر بيمينه، والبنية على المدعي. قال: وهذا قاعدة عظيمة شملت المتطوع وغيره.

 

(وإذا قبض الوكيل الثمن حيث جاز ) وذلك بأن أذن له الموكل، أو دلت قرينة على الإذن.

 

(فهو أَمانة في يده )له حكم الأمانات.

 

(لا يلزم تسليمه قبل طلبه )كالوديعة.

 

( ولا يضمنه بتأخيره )لأنه رضي بكونه في يده، فإن أخر رده بعد طلبه مع إمكان الرد، فتلف ضمنه لتعديه بإمساكه بعد الطلب، وتمكنه منه، وإن تلف قبل ذلك من غير تعد، أو استُحِق المبيع، رجع المشتري بالثمن على الموكل، وإن طالب الموكل الوكيل بثمن ما باعه، فقال: لم أقبضه. وأقام المشتري بينة عليه بقبضه، لزم الوكيل، ولا يقبل قوله في رد، ولا تلف، لأنه صار خائناً بجحده.

 

(ويقبل قول الوكيل فيما وكل فيه ) أي ويقبل قول الوكيل - ولو بجعل -فيما وكل فيه، من بيع، وإجارة، وصداق، وغيرها: أنه قبض الثمن من مشتر وتلف بيده، وفي قدره، لكن لا يصدق فيما لا يشتبه من قليل ثمن ادعى أنه باع به، أو كثير أنه اشترى به، وكذا الوكيل في الضبط – وهو كاتب ما له وما عليه، أولى بالقبول من وكيل التصرف كما تقدم، لأنه مؤتمن على نفس الإخبار بما له وما عليه – ويقبل إقراره في ذلك، ولا يقبل إقراره على موكله، قال الوزير: اتفقوا على أن إقرار الوكيل على موكله في غير مجلس الحاكم لا يقبل بحال، وكذا في مجلسه، إلا أبا حنيفة، فيصح عنده في مجلس القاضي، إلا أن يشترط عليه أن لا يقر عليه، واتفقوا على أن إقراره عليه بالحدود والقصاص غير مقبول، في مجلس الحاكم أو غيره.

 

([ومن ادعى وكالة زيد في قبض حقه من عمرو] بلا بينة [لم يلزمه] أي عمراً [دفعه إن صدقه]) أي صدق من عليه الحق مدعي الوكالة، لم يلزمه دفع إليه، وهذا مذهب الشافعي وغيره، وكذا لو ادعى أنه وصي أو أنه أحيل عليه.

 

(لجواز أن ينكر زيد الوكالة، فيستحق الرجوع عليه )أي على عمرو، لأن تسليمه لا يبرئه إلا أن تقوم به بينة، فيلزمه التسليم لزوال التبعة.

 

([ولا] يلزمه [اليمين إن كذبه]) أي ولا يلزم عمراً اليمين إن كذب مدعي الوكالة من زيد، في قبض ما قبله من دين أو غيره، بلا نزاع.

 

(لأنه لا يقضى عليه بالنكول، فلا فائدة في لزوم تحليفه ) أي تحليف عمرو، إذ لا يلزمه الدفع، ولو صدقه إلا ببينة، سواء كان الحق دينا، أو وديعة، أو غيرهما.

 

([فإن دفعه] عمرو [فأنكر زيد الوكالة حلف]) أي زيد منكر الوكالة، أنه لم يوكله في قبض حقه ونحوه من عمرو، لأن الأصل عدمه.

 

(لاحتمال صدق الوكيل فيها ) أي في تلك الوكالة المدعاة على عمرو.

 

([وضمنه عمرو]) أي وضمن عمرو ذلك الحق لزيد.

 

(فيرجع عليه زيد، لبقاء حقه في ذمته )أي لعمرو، ولكونه لم يبرأ بتسليمه إلى غير زيد أو وكيله.

 

(ويرجع عمرو على الوكيل، مع بقاء ما قبضه ) صدقه أو لا، فرط أو لم يفرط.

 

(أو تعديه ) أي ويرجع عمرو على الوكيل ببدل حقه مع تعديه أو تفريطه في التلف، لأنه بمنزلة الغاصب.

 

(لا إن صدقه، وتلف بيده بلا تفريط )أي صدق عمرو مدعي الوكالة، لأنه مقر أنه أمين، حيث صدقه في دعواه الوكالة، ولأنه يدعي أن ما أخذه المالك ظلم، ويقر أنه لم يوجد من صاحبه تعد، فلا يرجع على صاحبه بظلم غيره، وإن كان دفع بغير تصديق رجع مطلقا، سواء كان ديناً أو عينا، بقي أو تلف، بتعد أو غيره، لأنه لم يقر بوكالته، ولم تثبت ببينة، قال الشيخ: ومجرد التسليم ليس تصديقاً.

 

([وإن كان المدفوع] لمدعي الوكالة بغير بينة [وديعة أَخذها] حيث وجدها ).أي وجد العين ربها، بيد القابض أو غيره، وكذا عارية، ومغصوب، ونحو ذلك.

 

(لأنها عين حقه )أي عين حق زيد، دفعه عمرو إلى غير مستحقه.

 

[فإن تلفت ضَمَّن أَيهما شاءَ] عمرا أو مدعي الوكالة.

(لأن الدافع ضمنها بالدفع ) أي لأن الدافع للوديعة ونحوه – وهو عمرو - دفعها بغير إذن شرعي.

 

(والقابض قبض ما لا يستحقه ) أي ولأن القابض وهو مدعي الوكالة قبض ما لا يستحقه من وديعة أو غيرها، فتوجه الضمان على كل منهما.

 

(فإن ضمَّن الدافع لم يرجع على القابض إن صدقه ) أي لم يرجع الدافع على القابض إن صدقه الدافع، ما لم يتعد، أو يفرط فيها، فيرجع، وكذا من غير تصديق كما تقدم، وذكره الشيخ اتفاقاً.

 

(وإن ضمَّن القابض لم يرجع على الدافع ) أي وإن ضمن زيد القابض من عمرو، لم يرجع زيد على عمرو، لاعتراف الوكيل ببراءته، وأن رب الحق ظلمه، فلا يرجع بظلمه على غير من ظلمه، لكن إن كان الوكيل تعدى في الوديعة أو نحوها، أو فرط، استقر الضمان عليه، ولو صدقه الدافع.

 

(وكدعوى الوكالة دعـوى الحوالة، والـوصية ).فإذا ادعى بكر أن زيداً أحاله على عمرو أو أوصى له بما عند عمرو، فإن صدقه لم يلزمه الدفع إليه، وإن أنكر لم يستحلف، لكن إذا أنكر رب الحق الحوالة، رجع على غريمه، وهو على القابض مطلقاً صدقه أو لا، تلف في يده أو لا، لأنه قبضه على أنه مضمون عليه.

 

(وإن ادعى أنه مات وأنا وارثه. لزمه الدفع إليه مع التصديق ) أي تصديقه لمدعي الإرث، قال الموفق: بغير خلاف نعلمه. لأنه مقر له بالحق، وأنه يبرأ بهذا الدفع، فلزمه، كما لو جاء صاحب الحق.

 

(واليمين - مع الإنكار - على نفي العلم ).أي ويلزم يمين من عليه الحق مع إنكاره موت رب الحق، أو إنكاره أن المطالب وارثه، وصفتها: أنه لا يعلم صحة ما قال، لأن اليمين هنا على نفي فعل الغير، فكانت على نفي العلم، وإنما لزمته ههنا، لأن من لزمه الدفع مع الإقرار، لزمته اليمين مع الإنكار، كسائر الحقوق المالية، وفي الإنصاف: إن ادعى أنه مات، وأنا وارثه، لزمه الدفع إليه مع التصديق، واليمين مع الإنكار، وهذا بلا نزاع، وسواء كان دينا، أو عينا، أو وديعة، أو غيرها.




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • كتاب الوكالة
  • من شروط الوكالة
  • الوكالة بالبيع والشراء
  • عزل الوكيل
  • بطلان الوكالة
  • إقرار الوكيل عن موكله وحدود الوكالة المطلقة
  • أحكام الوكالة والشركة والمساقاة
  • الوكالة وأحكامها في الفقه الإسلامي
  • الوكالة وبعض أحكامها
  • أحوال بطلان عقد الوكالة
  • ضابط: حقوق العقد تتعلق بالموكل

مختارات من الشبكة

  • شرح عمدة الطالب لنيل المآرب: باب الوكالة وأول باب الشركة(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • إقرار الوكيل عن موكله حال حضوره وسكوته، ومحل الوكالة، وحدود الوكالة المطلقة على الخصومة (PDF)(كتاب - موقع معالي فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • حكم الوكالة الدورية(مقالة - موقع أ.د.عبدالله بن مبارك آل سيف)
  • حقوق الأسرة في الفقه الإسلامي (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوكالة في الشريعة الإسلامية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • جواز الوكالة في الخلع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طرق انقضاء الوكالة على الخصومة في الفقه الإسلامي ونظام المحاماة (PDF)(كتاب - موقع معالي فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • انعقاد الإيجاب في الوكالة بالفعل(مقالة - موقع أ.د.عبدالله بن مبارك آل سيف)
  • الوكالة على الخصومة وأحكامها المهنية في الفقه الإسلامي ونظام المحاماة السعودي (PDF)(كتاب - موقع معالي فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • شرح حديث: من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


ترتيب التعليقات

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون جدد ومشروعات دعوية بقرى رواندا وبنين
  • مؤسسات إسلامية تعتزم إهداء 10000 نسخة من القرآن بالنرويج
  • استمرار زيادة أعداد المسلمين في منطقة نالرجو شمال غانا
  • دورة شرعية للمسلمين الجدد بمدينة كييف
  • مشروعات دعوية بتوجو وبنين
  • حملة رحمة للعالمين تجوب مدن أوكرانيا
  • رسميا افتتاح أول جامعة إسلامية دولية في إندونيسيا ديسمبر 2020
  • 5966 يشهرون إسلامهم إثر 32 قافلة دعوية في بوروندي

  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1441هـ / 2019م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/4/1441هـ - الساعة: 15:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب