• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام الإسلام يسيجها النقل الصحيح ويسددها العقل الصريح
    د. محمد ويلالي
  •  
    مختارات تاريخية
    د. محمد العبدة
  •  
    أعلام في خدمة التراث الأندلسي: الأستاذ محمد مفتاح العمراني ...
    المودن موسى
  •  
    لماذا يقدس المصريون الخبز
    أحمد حسن الزيات
  •  
    عرض كتاب: الترجمة الشخصية، لشوقي ضيف
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    كتاب الزهرة في رد غلو البردة للعلامة عبد الرحمن النتيفي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    خطورة تشويه التاريخ الإسلامي
    د. مصطفى حجاب
  •  
    مع الرافعي في "إعجاز القرآن والبلاغة النبوية"
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    الانتقاد على المنار وتفسيره
    الشيخ أحمد محمد شاكر
  •  
    أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    ابن الأثير
    الشيخ عبدالقادر الأرناؤوط
  •  
    أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    تأملات في واقع شبكات التواصل الاجتماعي: الواتساب نموذجا
    د. محمد ويلالي
  •  
    وقفات مع علم النفس في التصور الإسلامي
    يزن الغانم
  •  
    عائشة القرطبية
    أ. د. محمد رضوان الداية
  •  
    عرض كتاب: البهاء زهير، للدكتور عبد الفتاح شلبي
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

علماء بيت المقدس في القرن الحادي عشر الهجري (17م)

أ. د. عماد عبدالسلام رؤوف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/3/2014 ميلادي - 14/5/1435 هجري
زيارة: 17741

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علماء بيت المقدس في القرن الحادي عشر الهجري (17م)

(التكوين الاجتماعي - النشاط الثقافي)


اتسمت الحياة الثقافية في مدينة القدس إبان العهدين الأيوبي والمملوكي، بنشاط ظاهر لم تشهده المدينة من قبل. فقد أثار احتلال الفرنجة لها واحتفاظهم بها هدفاً معنوياً مؤثراً في مجرى الحرب، اهتمام المسلمين عامة بهذه المدينة، مما دفعهم إلى إعادة اكتشافهم لها، بالبحث في تاريخها ومنزلتها الخاصة بين مدن العالم، وهو ما أثمر تلك السلسلة القيمة من كتب فضائل القدس، التي شجعت بدورها عدداً من العلماء لاتخاذها موطناً لهم، تقديراً منهم لأهمية تلك "الفضائل" وطلباً للبركة التي يضفيها المكان على ساكنيه[1].

 

ومن ناحية أخرى فقد عُنى السلاطين والأمراء من الأيوبيين والمماليك، بتعويض المدينة عما عانته خلال سِني الاحتلال، بتوزيع الهبات السخيّة، وانشاء المؤسسات الوقفية، من دينية وثقافية وصحية، وهي مؤسسات لا تنكر أهميتها في رعاية الحركة الثقافية بما قدمته من أماكن مخصصة للتعليم، ورواتب ثابتة، ومخصصات عينية، ورعاية صحية، تموّل ذاتياً عن طريق الأوقاف الضخمة المرصدة لذلك[2]، فلم يكن غريباً اذاً أن تحفل كتب التراجم الخاصة بالعلماء، من أهل القرون الثلاثة التي تلت تحرير المدينة من الاحتلال الفرنجي، بالعدد الكبير من العلماء المقادسة الذين استوطنوها وانتظموا في سلك مدارسها الكثيرة، وشرعوا يبثون - من خلالها- العلم بين الطلبة والوافدين.

 

ولقد استعادت المدينة خلال وقت قصير نسبياً أهميتها كمركز إشعاع ثقافي، وتدلنا تراجم أولئك العلماء على سعة اهتماماتهم العلمية، وتفرغ أكثرهم للبحث والتأليف، فضلاً عن التدريس، متخذين من المسجد الأقصى نفسه والمدارس المنبثقة عنه، مجالاً لممارسة دورهم الثقافي[3]. وفي الواقع فإن الأوقاف الكثيرة المُرصدة للإنفاق على العلماء كانت تكفي لجعلهم مستقلين - مادياً في الأقل- عن السلطة القائمة، ومن هنا لم تتأثر الحركة الثقافية في المدينة، شأنها في ذلك شأن مدن المنطقة الأخرى، بالتبدلات السياسية والإدارية العديدة التي حدثت في تلك الحقبة، لا سيما في أواخر عهد المماليك. فمن تلك المنشآت الوقفية نذكر من المدارس:

المدرسة النصرية (نحو سنة 450هـ/1058م)، والمدرسة الختنية (587هـ/1191م)، والمدرسة الصلاحية (588هـ/1192م)، والمدرسة الأفضلية (نحو 590هـ/1193م)، والمدرسة النحوية (604هـ/1207م)، والمدرسة الطشتمرية (784هـ/1382م)، والمدرسة الجاولية (707هـ/1207م)، وغيرها.

 

ومن الرُّبط: رباط البصير (666هـ/1267م)، والرباط المنصوري (6811هـ/1282م)، ورباط الكُرد (693هـ/1293م) ورباط المارديني (763هـ/1361م) والرباط الزمني (881هـ/1476م).

 

ومن المستشفيات: البيمارستان الصلاحي (583هـ/1187م) وغير ذلك كثير مما حفلت به القدس عهد ذاك[4].

 

ونتيجة للاستقرار الاجتماعي - الثقافي، فقد برزت إلى الوجود أسر تخصص أفرادها بالعلم، أو بضرب منه، فورَّثوه لأبنائهم أجيالاً عدة، فأنمت هذه الظاهرة تقاليد الحياة الثقافية، ونقلت الخبرة اللازمة للبحث من جيل لآخر، وفي أقل تقدير فإنها أثمرت إنشاء خزائن كتب توسعت بما أضافه الأبناء إلى ميراث آبائهم، ووقفها بعضهم على المدارس والمساجد، وبخاصة المسجد الأقصى، فعمم بذلك فوائدها وصيّرها مورداً لطالبي العلم من غير تلك الأسر.

 

في مثل تلك الظروف فتح العثمانيون بلاد الشام، فلم يؤثر تغير الدولة، وتبدل مؤسساتها الإدارية، من وضع المدينة الثقافي، فلبثت الأسر العلمية ترفد الحياة الثقافية بعدد من أبنائها النابهين، وظلت المدينة تستقبل بين حين وآخر بعض العلماء الذين كان يطيب لهم مجاورة مسجدها الأقصى المبارك، فيلقون المحاضرات ويجيزون الطلبة.

 

ومع أن العصر العثماني لم يشهد إنشاء مدارس مهمة في القدس[5]، وإن شهد أعمالاً خدمية عدة ذات نفع عام،[6]، إلاّ أن من المؤكد أن أكثر مدارس العهدين الأيوبي والمملوكي لبثت تؤدى إبان هذا العصر، المهام التي أوكلها إليها الواقفون الأوائل، وظلت أوقافها تدرّ ما يكفي مدرسيها وطلبتها على حد سواء. وكانت الأوقاف تشمل مزارع وحقول وقرى كاملة في مناطق شتى من بلاد الشام، وفي غيرها أيضاً. هذا فضلاً عن هبات السلاطين والأمراء التي كان يجري توزيعها على أهل العلم خاصة. وعلى هذا فقد بلغ عدد حجرات المدارس الكائنة في الساحة الكبيرة المحيطة بالأجزاء المنخفضة للحرم إبان أواخر القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) مائتا حجرة، أما المدارس والزوايا في القدس فإن عددها بلغ 360 مدرسة وزاوية، من صغيرة وكبيرة[7]، وظلت أسماء المدارس الشهيرة كالصلاحية والنحوية والعثمانية والنصرية والتنكرية وغيرها تتردد في هذا العصر، من خلال تراجم علمائه ومدرسيه.

 

وإذا كانت حركة التعليم، والحياة الثقافية بعامة، قد أصابها شيء من الفتور في هذه الحقبة، فليس ذلك لأسباب تتعلق بموقف رسمي أملته سياسة الدولة مباشرة، وانما لأن الركود الذي أصابها كان جزءً من ركود ثقافي عام شمل الأقاليم التي دخلت في نطاق سيطرة الدولة ولم يقتصر على منطقة أو مدينة بذاتها، وهو ركود يمكن أن نجد أسبابه في عوامل عدة اقتصادية وسياسية واجتماعية، قبل أن نجده في عوامل ثقافية بحتة. صحيح أن بعض موارد الأوقاف قد أخذ بالنضوب مما أثر على مصير هذه المؤسسة وتلك، ولكن ذلك النضوب لم يكن نتيجة لمصادرة أو الغاء بقدر ما كان يعود لاضطراب الأحوال الأمنية في الريف[8] واضطرار القرويين إلى هجر قراهم وترك أراضيهم الزراعية لتبور، وفيها ما هو موقوف على مثل تلك المنشآت.

 

ولا شك في أن ظاهرة تناقص القرى، التي برزت في هذه الحقبة، مسؤولة - إلى حدٍ كبير- عن اضطراب الإنفاق من موارد الأراضي الموقوفة، وهو الأمر الذي شجع عدداً من الواقفين على وقف العقارات المدنية، كالأسواق والحوانيت والحمامات والخانات والدور والأفران وغيرها بوصفها أكثر ضماناً لمصالح الوقف، وربما لجأ بعض متولي الوقف إلى استبدال المزارع والحقول خارج المدن، بمثل تلك العقارات خدمة لمصالح المؤسسة الوقفية ولتحقيق زيادة في مواردها المالية.

 

ولقد برز خلال الحقبة الممتدة من دخول العثمانيين مدينة القدس في أوائل القرن العاشر للهجرة (السادس عشر للميلاد) وحتى نهاية القرن التالي عدد من الأسر العلمية، بعضها كان امتدادا للأسر التي ظهرت في الحقبة السابقة، بينما عرف البعض الآخر في العهد العثماني. وفي وسعنا أن نلاحظ تعدد أجيال الأسرة الواحدة من تلك الأسر، وقدرتها على توريث اهتماماتها العلمية إلى أبنائها عبر قرون من الزمن، وبمكن أن نعزي هذه الظاهرة إلى عدة عوامل، لعل أبرزها أن تلك الأسر كانت تحصل على مصادر دخلها من الأوقاف المُرصدة على المؤسسات الدينية والعلمية التي تتولى وظائفها الشرعية من إمامة وخطابة ووعظ وتدريس وإفتاء، ولما لم يكن ممكناً الحصول على تلك الدخول إلاّ بشغل الوظائف المذكورة، تحقيقاً لشروط الواقفين، فإن تأهيل الأسرة أبناءها للعمل في مجالات العلم والتعليم يصبح ضرورة تفرضها تلك الشروط نفسها. ومن ناحية أخرى فإن تولي عدة أجيال من الأسرة وظائف محددة ذات قيمة روحية واجتماعية عالية، من شأنه أن يُضفي على الأسرة مقاماً اجتماعياً رفيعاً في مدينتها، بل أن يحدد مستواها الاجتماعي بسبب نوع ما تشغله من وظائف، وبالطبع فإنه ليس بالإمكان الحفاظ على ذلك المستوى إلاّ بسَيْر الأبناء على هدى خطى الآباء. ومن ناحية ثالثة فإن رتابة الحياة السياسية والاجتماعية، وضعف تأثرها بأية تيارات ثقافية جديدة خلال تلك الحقبة التي اتسمت بالركود عامة، أدت إلى استمرار أبناء الأسر العلمية في تولي مراكز آبائهم، واهتماماتهم أيضاً، فلم يكن ثمة مبرر يقضي بإحداث أي تغيير في نظام اجتماعي ثابت، عَرَف كل عضو فيه موقعه منه. ولا نشك في أن استمرار هذا التواصل العلمي لمدة طويلة، قد عزز من قوة التقاليد العامة للحياة الثقافية، فلم نقرأ عن استثناءات تذكر في طبيعة تلك الحياة، سواء ما يتعلق منها بالعلم والتعليم ووسائله، أو الاتجاهات الفكرية العامة، المتمثلة بمناهج البحث وأهدافه ومجالاته.

 

ولنا أن نلاحظ أن أكثر الأسر العلمية التي برزت في عهد المماليك السابق، ظلت موجودة في هذا العهد أيضاً، إلاّ أنها تعرضت -لأسباب مختلفة- إلى منافسة أسر جديدة وفدت إلى القدس في حقبة متأخرة، ومنها ما كان وفوده في أواخر عهد المماليك، وليس من الواضح السبب الذي دفع بهذه الأسر الجديدة إلى تبوء مكان الصدارة في الحياة الثقافية للمدينة، على الرغم من وجود أسر أقدم منها، وذات إرث ثقافي كبير، أمثال بني القلقشندي وبني جماعة وبني الديري وبني قدامة وبني غانم، ونرى أن سبب ذلك اجتماعي بالدرجة الأولى، يتعلق بتناقص عدد رجال تلك الأسر عهد آنذاك لتعرضهم لتأثير الأوبئة العديدة التي وفدت إلى المدينة في أواخر عهد المماليك أو لأسباب وراثية معينة[9]، وهي ظاهرة لا نعدم أن نجد لها أمثلة أخرى في مجتمعات عاشت ظروفاً مشابهة.

 

ومن المؤكد أن شغرُ أي منصب في المؤسسات الشرعية والعلمية، بسبب وفاة صاحبه وعدم وجود مرشح مؤهل من أسرته، يعني تقديم فرصة لأسرة علمية أخرى لأن تدفع بأحد أبنائها لشغل ذلك المنصب، وهكذا فقد وجدت أسر حديثة العهد بالمدينة المجال لتثبيت أقدامها في مجتمعها فاتحة المجال لأجيال أخرى من تلك الأسر لأن تسلك السبيل نفسه، فتدفع بأبنائها لتولي المناصب الشرعية والعلمية، وتبوئها - من ثم- منزلة اجتماعية رفيعة. وعلى أية حال فقد تمكنت هذه الأسر، من الهيمنة على معظم النشاط الثقافي في مجتمعها، وهي ظاهرة وإن لمسناها في العهد السابق، فإنها بدت أكثر بروزاً في هذا العهد. وليس أدل على ذلك من أن المحبّي أورد في (خلاصة الأثر) نحو خمسين ترجمة لعلماء مقادسة عاشوا في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) فكان نصفهم تقريباً ينتمي إلى خمس أسر علمية فحسب، هذا بينما يكشف كتاب (الكواكب السائرة) للغزي عن تنوع الشديد لأصول علماء القدس في القرن العاشر للهجرة (السادس عشر الميلادي) فبينهم دمشقيون وحلبيون ومصريون وبغداديون وموصليون ومغاربة وحجازيون.. الخ، جمع بينهم العلم، وليس الانحدار من مَحتد محدد او أسرة معينة.. وأبرز الأسر المقدسية التي اشتغلت بالعلم، إبان القرن الحادي عشر للهجرة (السابع عشر للميلاد) هي:

1- بنو أبي اللطف:

تنسب هذه الأسرة إلى أول من استقر من أسلافها في مدينة القدس، وهو الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن منصور بن زين العرب الحَصْكَفي، المُكنّى بأبي اللطف (ولد سنة 815 وتوفي سنة 859هـ/ 1416- 1455م) وكان عالماً مشهوراً له تآليف عدة، ويكشف لقبه فضلاً عن ترجمته[10]، كونه من أهل حصن كيفا من مدن أعالي الجزيرة، وتشير المصادر إلى أنه كان يعرف هناك بابن الحمصي، مما يدل على أن أباه لم يكن من أهل حصن كيفا، وإنما انتقل إليها من حمص. وقد تزوج من ابنة أحد كبار علماء القدس، وهو شيخ الإسلام تقي الدين القرقشندي المصري، فولد له محمد الذي سرعان ما لاحت دلائل نبوغه فنال شهرة عريضة حتى عرف بشيخ الإسلام، واستقر محمد ابو اللطيف في القدس حيث ولد له أبناء لم يقل عددهم عن ستة، وكان لجميعهم ذرية، فبلغ عدد من عرفتهم مصادر القرنين السابع عشر والثامن عشر نحو 16 رجلاً برز جميعهم في مجال العلوم والتعليم، منهم:

• محمد بن ابي اللطف: ولد سنة 859هـ/1454م، وأخذ علومه الأولى على أيدي علماء القدس، ثم واصل دراسته في القاهرة حيث تتلمذ على يد العلامة محمد بن عبدالمنعم الجوجري (821-889هـ/1418-1484م) وسمع الحديث وقرأه على جماعة، وأذن له بالإفتاء والتدريس "وصار من أعيان العلماء والأخيار الموصوفين بالعلم والدين والتواضع". وتوفي سنة 928هـ/1521م[11].

 

• عمر بن محمد أبي اللطف: تولى إفتاء الحنفية بالقدس سنة 990هـ/1582م، والتدريس بالمدرسة العثمانية (المفتتحة سنة 840هـ/1436م) حيث تقاسم راتب هذه الوظيفة مع أحد علماء بني جماعة من الأسر العلمية القديمة[12].

 

• جار الله بن أبي بكر محمد أبي اللطف: واصل دراسته في مصر حيث أخذ العربية والفقه، وبعد وفاة عمه عمر اضطر للسفر إلى الدولة العثمانية ليَرث وظائفه الشرعية فتولى الإفتاء والتدريس في المدرسة المذكورة، وتوفي سنة 1028هـ/1618م[13].

 

• إسحاق بن عمر بن أبي اللطف: نبغ في الفرائض والحساب، وتولى التدريس في المدرسة العثمانية اسوة بابيه، ثم انتقل للتدريس في المدرسة الصلاحية، أشهر مدارس القدس، وهي "مشروطة لأعلم العلماء الشافعية في ديار العرب وعلوفتها[14] كل يوم مثقال من الذهب"، وتولى إفتاء الشافعية، ولم يُعرف تاريخ وفاته[15].

 

• يوسف بن محمد أبي اللطف: تقاسم مع ابن عمه إسحاق تدريس المدرسة الصلاحية "لكن التصرف في الغالب إنما هو لإسحاق[16].

 

• محمد بن يوسف بن محمد أبي اللطف: دَرَس العربية على ابن عم ابيه عمر بن محمد وتفقه على والده يوسف، وعين نائباً للقضاء في القدس ثم كاتباً لقاضيها، ووضع شرحاً لمنظومة أبيه في الفقه، وتوفي سنة 1028هـ/1618[17].

 

• محمد بن عبدالحق بن محمد ابي اللطف: رحل إلى القاهرة وأقام فيها سنين عديدة ودرس على يد علمائها، ثم سافر إلى الدولة العثمانية ليتولى تدريس المدرسة العثمانية فتولاها، وكان شاعراً مطبوعا. توفي سنة 1033هـ/1623[18].

 

• أبو اللطف بن اسحاق بن محمد محمد ابي اللطف: كان فقيها شاعراً، ولي افتاء الشافعية وتدريس المدرسة الصلاحية، وتوفي سنة 1071هـ/1660م[19].

 

• عبدالرحيم بن أبي اللطف: أخذ العلم في مدينته، ثم واصل دراسته في مصر، وتولى إفتاء الحنفية بالقدس وتدريس المدرسة العثمانية، وتوفي 1104هـ/1692م[20].

 

• محمد بن عبدالرحيم (السابق) تولى إفتاء الحنفية في القدس، وكان أفقه الحنفية في وقته، وله فتاوى، ولم يعلم تاريخ وفاته[21].

 

• علي بن جار الله بن ابي بكر: ولي افتاء الحنفية في القدس وخطابة المسجد الأقصى، توفي سنة 1070هـ/1659م[22].

 

• علي بن حبيب الله بن محمد بن نور الدين بن أبي اللطف: انتقل إلى مصر حيث مكث في الأزهر خمس عشرة سنة، وسافر إلى القسطنطينية حيث درس البخاري مدة خمس وعشرين سنة. تولى تدريس المدرسة الصلاحية، وكانت قبله لابن عمه محمد جار الله، والمدرسة الحنفية وإفتاء الشافعية والمدرسة المأمونية ومشيخة المدرسة الملكية، ونزل في المدرسة الحسنية، ودرس في باب الأقصى، ثم في المدرسة الفنازية، وتوفي سنة 1144هـ/1731م[23].

 

2- بنو العلمي:

نزحت هذه الأسرة من منطقة هكاري في كردستان[24]، وعرفت باسمها هذا نسبة إلى أحد أجدادها وهو علم الدين بن ربيع بن سليمان بن المهذب بن قاسم بن علي بن حسن بن احمد الهكاري، ويؤكد قدم إقامة الأسرة في مدينة القدس أن إحدى حاراتها عرفت بحارة العلم، نسبة إلى مؤسسها. واشتهر أبناؤه بالدين والمَيل إلى التصوف حتى عُرف حفيده المباشر موسى بالولاية وإتيان الكرامات، ويظهر أنه كان للزيادة المطردة في عدد أبناء الأسرة دور أساس في توطيد مكانتها فضلاً عن صفاتهم المحببة الأخرى، وقد نال موسى نفسه لقب أمير، وذلك لتوليه بعض المناصب الإدارية الرفيعة[25]، إلا أن الأجيال التالية لم تعرف إلا بالولاية والصلاح[26]. ويذكر المحبي أنهم بيت الولاية والصلاح لهم الرتبة العلية في القدس، وخرج منهم علماء وصلحاء كثيرون[27]. ولم يؤثر على أكثرهم إشغال الوظائف التدريسية في مدارس القدس الموقوفة إلا أن قسماً منهم تولى منصب الخطابة في المسجد الأقصى والإمامة في الصخرة المشرفة، وكان لبعضهم أوقاف على أهل المدينة. ولقد أمكن لنا أن نُحصي عدداً وافراً ممن اشتهر بالعلم والتقى من أهل هذا البيت، زاد على العشرين عالماً، وقد برز اكثرهم بعد الفتح العثماني للمدينة، وبالتحديد في القرن الحادي عشر (السابع عشر للميلاد) والنصف الاول من القرن التالي منهم:

• سيدي محمد بن عمر بن محمد العَلمي المعروف بالقطب: ولد بالقدس وسكن دمشق زمناً، وحج وجاور، وعاد إلى القدس، وتوفي فيها سنة 1038هـ/ 1639م وله مؤلفات وشعر[28].

 

• محمد بن علي العلمي: خال محمد بن عمر المتقدم. طلب العلم في القدس ثم ارتحل إلى القاهرة حيث تفقه على يد كبار علمائها، منهم الشيخ ابن نجيم الحنفي وغيره، واستقر في دمشق حيث درس في بعض مدارسها وتوفي سنة 1018هـ/1609م[29].

 

• عبدالصمد بن عمر العلمي: صوفي استخلفه أبوه في مجلس الذكر شاباً فكان "على وقار الأشياخ"، عاش شبابه في دمشق وجلس في حلقة الذكر شاباً، وحج مع أبيه سنة 1011هـ/1602م، واستقر في القدس وتوفي سنة 1032هـ/1622م[30].

 

• أحمد بن صالح بن عمر العلمي: أخو القطب محمد بن عمر المتقدم، كان صوفياً ورعاً، أخذ التصوف عن عمِّه ولازم المسجد، توفي سنة 1054هـ/1643م[31].

 

• مصطفى بن فخر الدين بن عثمان العلمي: طلب العلم في القدس وعمل كاتباً للصكوك في محكمتها، وولي النيابة، ووقف أوقافاً عدة على المؤذن في المسجد الأقصى وعلى أعمال خيرية أخرى، وتوفي سنة 1075 هـ/1664م[32].

 

• عبدالقادر بن محمد بن عمر العلمي: من العلماء الأجلاء توفي سنة 1079هـ/1668م[33].

 

• ابو الوفا بن عبدالصمد بن محمد العلمي: صوفي ولد سنة 1052هـ/1642م وأدرك جده القطب سيدي محمد العلمي، وحفظ القرآن الكريم ولبس خرقة الصوفية من أخيه الشيخ عمر (السابق)[34]، وصار شيخ الشيوخ بالقدس وكبير الصوفية، توفي سنة 1109هـ/1697م.

 

• أحمد بن صلاح الدين العلمي: كان عالما صوفياً، ولد سنة 1055هـ/1655م، وأخذ التصوف عن أحد المغاربة الشاذليين فجعله هذا خليفة له في القدس. وتولى الخطابة والوعظ في المسجد الأقصى توفي سنة 1116هـ/1704م[35].

 

• أبو بكر بن أحمد بن صلاح الدين العلمي: كان زاهداً خيِّراً تولى افتاء الحنفية بالقدس، وتوفي سنة 1044هـ/1731[36].

 

3- بنو الدجاني:

ينتسبون إلى بيت دجن، قرية بالقرب من بلدة يافا، وانحدروا منها في وقت غير محدد ليستوطنوا مدينة القدس. وقد برزت منهم إبان هذه الحقبة أسماء لامعة، ترجم لهم معاصروهم وهم:

• عرفة بن أحمد الدجاني: كان عالماً فاضلاً منقطعاً في منزله، وارتحل مع أبيه وأخوَيه إلى مصر وقرأوا بالجامع الأزهر، ثم عادوا إلى القدس ليشتغلو بالعلم، وتوفي عرفة سنة 1003هـ/1594م[37].

 

• محمود بن أحمد الدجاني: أخو سابقيه. وصفه معاصروه بأنه الشيخ الكبير الفقيه الثبت الرحلة، وتوفي بعد سنة 1003هـ[38].

 

• محمد بن صالح بن محمد الدجاني: أقام بالأزهر سنين عديدة، ودرس الفقه والحديث على يد كبار علماء مصر، ثم أخذ التصوف وهو في أواسط عمره، وله تأليف. توفي سنة 1071هـ/1660م[39].

 

• درويش بن سليمان بن محمد بن أحمد الدجاني: كان شيخاً صالحاً زاهداً، واخذ العلم في القدس، ثم أقام في دمشق واشتغل بالتصوف. وتوفي سنة 1088هـ/1677م[40].

 

• يحيى بن درويش الدجاني: من صلحاء القدس عمل خادماً لضريح النبي داود، وكانت له رحلات عدة إلى دمشق، وتوفي سنة 1133 هـ[41].

 

• خليل بن أبي الوفا الدجاني: المتولي والناظر والشيخ في المدرسة الأوحدية في القدس سنة 1124 هـ/1712م[42].

 

4- بنو الديري:

ينسبون إلى قرية الدير من أعمال نابلس، ومنها نزحوا إلى القدس في القرن الثامن الهجري (14م)، وأول من استوطنها منهم شيخ الإسلام شمس الدين محمد بن جمال الدين سعد بن عبدالله بن مصلح الديري العبسي الحنفي المتوفى سنة 867هـ/ 1462م[43]. ولقد عرف أبناؤه وأحفاده بالفقه، وهو ما أهّلهُم للعمل في وظائف علمية وشرعية مرموقة، كالتدريس في المدارس، ونيابة الحكم (القضاء) وكتابة الصكوك، ورئاسة الكتاب في محكمة القدس، والنظارة على الاوقاف، وكانت هذه الوظائف تنتقل إلى الأبناء من آبائهم بصفة وراثية. وقد لمع شأن الأسرة في العصر العثماني بمن أنجبتهم من أولئك العلماء، فأوردت كتب التراجم تراجم عدد منهم، كما وردت الإشارات إلى عدد آخر في سجلات المحكمة الشرعية في القدس، فمن العلماء الذين نبغوا في القرن السابع عشر وحده نذكر:

• محمود بن أحمد الديري: تولى نصف وظيفة النظارة على أوقاف المدرسة الفارسية ونصف مشيختها عما لها من العلوم، عوضاً عن والده بحكم فراغه له سنة 971هـ/1563م[44].

 

• طه بن صالح بن يحيى الديري: أخذ العلم من علماء بلده، وكانت له اليد الطولى في علوم الأصول والتفسير والنحو، وولي نيابة الحكم وكتابة الصكوك في القدس، ثم ولي نيابة الحكم بمكة، وأخذ فيها الحديث عن علمائها ثم عاد إلى القدس واشتغل بالتدريس. توفي سنة 1071هـ/1660م[45].

 

• فتح الله بن طاهر الديري: تولى مشيخة المدرسة الفارسية بعد والده سنة 1077هـ/1666م، وأذن له الحاكم بالتصرف بالوظيفة والسكن في المدرسة سنة 1080هـ/1669م، وتوفي بعد سنة 1094هـ/1682م[46].

 

• خليل بن عفيف الديري: تولى نصف وظيفة التدريس بالمدرسة الفارسية سنة 1079هـ/1668م[47].

 

• صنع الله الديري: تولى النصف الآخر من الوظيفة المذكورة سنة 1049هـ/سنة 1682م[48].

 

• محمد بن عيسى بن عبدالرحمن الديري: مؤلف، له بعض الشروح. توفي سنة 1087هـ/ 1676م[49].

 

• محمد الخالدي الديري: طلب العلم، وتولى رياسة الكتابة بمحكمة القدس وهي وظيفة آبائه وأجداده، وتوفي سنة 1139هـ/1726م[50].

 

5- بنو الخربيشي:

انحدروا إلى القدس من قرية تدعى (خربيش) في جبل نابلس، وعمل أول أسلافها المعروفين واسمه أحمد في أعمال البناء، لكنه كان حسن تلاوة القرآن فتأثر به ولده محمد وطلب العلم، وواصل دراسته في الأزهر حيث أقام هناك مدة طويلة، تأهل بعدها للتدريس والفتوى، ثم عاد إلى مدينته القدس ليعمل إماما للحنابلة بالمجمع الذي تحت المدرسة القايتبائية، وتوفي سنة 1001هـ/1592م[51]. وقد اقتدى بسيرته ابنه اسحاق، فطلب العلم وأمَّ بالمسجد الاقصى، وكانت له مؤلفات جمة. وتوفي سنة 1035هـ/1625م[52].

 

وثمة أسر اخرى، يظهر أنها كانت أقل شأناً في الحياة الثقافية لقلة من قدمتهم من أهل العلم، مثل أسرة الكرمي (نسبة إلى بلدة طول كرم)، ومنها الفقيه المؤرخ مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي المتوفي سنة 1033هـ/1623م[53]. وأسرة العسيلي التي نزحت من مصر في القرن التاسع للهجرة (الخامس عشر للميلاد)، وبرز منها علماء كبار منهم محمد بن موسى بن علاء الدين العسلي الذي برع في الفقه والحديث، وألف فيها مؤلفات مهمة، وتوفي سنة 1031هـ/1621م[54]. وأسرة أولاد تامر، ومنها يحيى بن زكريا المعصراني، وكان فقيها نحويا يقرئ بالخلوة النحوية في سطح الصخرة القبلي، وقد أوصى بجميع كتبه إلى طلبته، وتوفي سنة 1083هـ/1672م[55]. وأسرة الشهواني التي ذكر المرادي أنها "من البيوت القديمة بالقدس" [56] وغيرها.

 

وتكشف دراسة عنوانات الكتب والرسائل التي وضعها العلماء المقادسة إبّان هذه الحقبة، عن جملة من الأمور المهمة، منها أن شيئاً من الفتور قد أصاب حركة التآليف، قياساً إلى ما كانت عليه هذه الحركة في العهدين الأيوبي والمملوكي، فلم تعد تراجم العلماء مكتظة بعناوين مؤلفاتهم، وانما طغت على هذه التراجم الإشارات إلى وظائفهم، والشيوخ اللذين أخذوا عنهم، ويمكن أن تعزى هذه الظاهرة إلى الركود العام الذي سار البلاد إبان العصر العثماني، وزوال دولة المماليك التي شهدت القدس، في أثناء حكمها، ذروة مجدها الثقافي. ويمكن القول أن التراث الفكري المتنوع الذي نتج عن علماء ذلك العهد، كان من الغنى والأهمية ما أغنى -إلى حد ما- عن مظاهاته بمؤلفات جديدة، ونرجح أن يكون التراث المذكور قد أصبح المعين لعلماء العصر العثماني، في التدريس والفتوى. لا سيما وأن ظروفاً جديدة لم تستدع وضع مؤلفات تلبي حاجة أبناء العصر المذكور.

 

ومن ناحية أخرى فإن لدراسة الأغلبية الساحقة من علماء القدس في القاهرة، وأخذهم العلم على أيدي كبار العلماء المصريين، جعلتهم يكتفون بنتاج أولئك العلماء الذين أخذوا عنهم، فتعددت نسخ الكتاب الواحد في خزائن المدينة ومدارسها، بينما ضعفت الرغبة في الاضافة اليه، أو تأليف كتب بديلة. وربما أدى انتشار المفاهيم الصوفية في هذا العهد انتشاراً واسعاً، سبباً آخر لعزوف بعض الصوفية عن الانشغال بالبحث والتأليف، والانصراف، بدل ذلك، إلى حلقات الذكر والتربية الروحية العامة.

 

بيد أن علينا أن لا نتصور بأن هذا الفتور النسبي كان يعني توقفاً لحركة التأليف، وانتهاءً للبحث في شؤون المعرفة، إذ أن رصد النتاج الفكري لهذه الحقبة يكشف عن أن حركة التأليف والبحث لم تتوقف قط، رغم كل الظروف السائدة. وأن ترتيب اهتمامات المؤلفين كان، بحسب عنوانات مؤلفاتهم، يأخذ السياق الآتي: فروع الفقه، التفسير، اللغة والنحو، السيرة والتاريخ، التصوف، العلوم البحتة.

 

ففي الفقه كتب محمد بن يوسف بن ابي اللطف المقدسي الحنفي (المتوفى 1028هـ/1618م) شرحاً لكتاب (جواهر الذخائر في الكبائر والصغائر) لبدر الدين الحسن بن علي الغزي (المتوفى سنة 753هـ/1352م)[57].، ووضع مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي (المتوفى سنة 1033هـ/1623م) عدداً من الكتب والرسائل الفقهية التي عالج أكثرها موضوعات محددة كانت تشغل أهل عصره، منها مثلاً (أزهار الفلاة في آية قصر الصلاة) و(إيقاظ العارفين على حكم أوقاف السلاطين) و(تهذيب الكلام في حكم أرض مصر والشام) و(تحقيق الرجَحَان بصوم يوم الشك من رمضان) و(الحجج المُبيَّنة في إبطال اليمين مع البيِّنة) و(دليل الطالب) في الفقه و(غاية المنتهى) في الفقه، و(اللفظ الموطأ في بيان الصلاة الوسطى) و(المسائل اللطيفة في فسخ الحجج إلى العمرة الشريفة) و(مقدمة الخائض في علم الفرائض) [58].

 

ووضع محمد بن صالح الدجاني الشافعي (المتوفى سنة 1071هـ/16660م) رسالة في حكم الأمرد، وأخرى في فصل المساجد[59]. وكتب عبدالباقي بن عبدالرحمن الخزرجي (المتوفى سنة 1078هـ/1667) شرحاً سماه (الرمز) على كتاب (كنز الدقائق) لأبي البركات النسفي (المتوفى سنة 710هـ/1310م)[60]، وجمع عبدالرحيم بن أبي اللطف المقدسي (المتوفى 1104هـ/1692م) فتاواه التي أفتى بها في كتابٍ سماه (الفتاوى الرحيمية في الواقعات الحنفية)، وكتب تعليقات على الفتاوى البزازية لحافظ الدين محمد بن البزاز الكردري (المتوفى سنة 827هـ/1423م) وعلى غيرها أيضاً، فجمعها ولده وسماها (الفوائد الرحيمية على كتب كثيرة من كتب السادة الحنفية)[61].

 

وفي التفسير كتب رضي الدين يوسف بن أبي اللطف المقدسي (المتوفى سنة 1006هـ/1574م) "تعليقة عظيمة" على تفسير أبي السعود العمادي (المتوفى سنة 982هـ/1574م) المسمى " إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم" وقد علقها إلى قريب النصف وأهداها إلى أحد القضاة الذين زاروا القدس يومذاك[62]. وكتب محمد بن يوسف بن أبي اللطف حاشية على "أنوار التنزيل" للبيضاوي[63]، بينما وضع مرعي بن يوسف الكرمي نحو عشرة كتب ورسائل في التفسير، منها تفسيره المسمى (البرهان في تفسير القرآن)، ورسائل متنوعة في تفسيرات آيات معينة مثل (إتحاف ذوي الألباب في قوله تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39]، و(أحكام الأساس" في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ.... ﴾ [آل عمران: 96]، والكلمات السنية في قوله تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ..... ﴾ [البقرة: 25]، و(بهجة الناظرين في آيات المستدلين) وكتاب في علم الناسخ والمنسوخ سماه (قلائد المرجان) وآخر في الآيات المحكمات والمتشابهات[64] وغير ذلك.

 

وعُني آخرون بالكتابة في التصوف والدفاع عن مبادئه، فكتب محمد بن علي العلمي (المتوفى سنة 1018هـ/1609م) (النصيحة المرضية إلى الطريقة المحمدية) [65]، ورد عبدالباقي الخزرجي (المتوفى سنة 1078هـ/1667م) على منكري كرامات الأولياء برسالة سماها (السيوف الصقال في رقبة من ينكر كرامات الأولياء بعد الانتقال) [66]، ووضع مرعي بن يوسف الكرمي رسالة في (تسليك المريدين)، ودافع عن الصوفية برسالة (الأدلة الوفية بتصويب قول الفقهاء الصوفية) وحاول التوفيق بين الفقه والتصوف برسالة عنوانها (سلوك الطريقة في الجمع بين كلام أهل الشريعة والحقيقة)، وبحث في مسألة الروح برسالة سماها (أرواح الأشباح في الكلام على الأرواح)، وتناول تحديد مصطلح الولاية في رسالته (تحقيق المقالة هل الأفضل في حق النبي صلى الله عليه وسلم الولاية او النبوة والرسالة) [67] وغير ذلك.

 

وفي العقائد وضع مرعي بن يوسف المذكور نحو اثني عشر كتابا ورسالة، بحث فيها مسألة نزول عيسى (عليه السلام) في آخر الزمان، ومسألة حياة الخضر وأخباره، وأوضح في بعض رسائله حقيقة الميزان، وتكلم في الفرق بين الإسلام والإيمان، وفي الصفات الإلهية، ورد على كل من كان يحتج على فعل المعاصي بالقدر في رسالته (دفع الشبهة والغدر) وكتب في (تحقيق الخلاف في أصحاب الأعراف) و(توقيف الفريقين على خلود اهل الدارين)، ووضع رسالة بعنوان (رفع التلبيس عمن توقف فيما كفر به ابليس) وغير ذلك[68].

 

وفي علوم العربية وضع محمد بن موسى العسيلي المقدسي (المتوفى سنة 1031هـ/1621م) حاشيتين، الاولى على (قطر الندى) لابن هشام النحوي، والاخرى على شرحه المعنون (مجيب الندا) لأحمد الفاكهي المكي (المتوفى سنة 1972هـ/1564م)، ثم نظم متن القطر المذكور[69], وألف مرعي بن يوسف الكرمي (دليل الطالبين لكلام النحويين) وكتاباً سماه (قرة عين الودود بمعرفة المقصور والممدود)، وآخر في علم البديع سماه (القول البديع)،[70] وعني أحمد بن مفرح بن عيسى المقدسي (المتوفى بعد 1093هـ/1681م) بالمنظومة النحوية التي وضعها عمر ابن الوردي (المتوفى سنة 749هـ/1348م) فشرحها بعنوان (الهدية الغربية على التحفة الوردية)[71]، ووضع حسن بن محمود المقدسي (المتوفى سنة 1100هـ/1688م) عدة حواس على شرح (المفتاح في المعاني والبيان) للسكاكي[72]، بينما كتب عبدالرحيم بن أبي اللطف (المتوفى سنة 1104هـ/1692م) كتابا في الاشتقاق سماه (دلالة الاشتقاق) ثم عاد فشرحه، ووضع آخرون رسائل أخرى في مثل هذه المباحث[73].

 

وشهدت الحقبة محاولات متفرقة في الكتابة التاريخية لم تبلغ بمجموعها ما بلغته هذه الكتابة من شأو على أيدي المؤرخين المقادسة في الحقب السابقة. ولعل من أبرز من عانوا كتابة التاريخ والسيرة مرعي بن يوسف الكرمي، فقد ألف كتاباً اشتمل على السيرة النبوية وسيرة الخلفاء من بعده وسماه (تلخيص أوصاف المصطفى وذكر من بعده من الخلفاء)، وأفرد كتابا آخر في (مناقب الأئمة المجتهدين)، وثالث في مناقب ابن تيمية بعنوان (الكواكب الدرية)، وكتب كتابا في تاريخ مصر سماه (نزهة الناظرين في تاريخ من ولي مصر من الخلفاء والسلاطين) [74]. وعني محمد بن موسى العسيلي بالسيرة النبوية، فعمد إلى نظم كتاب (التقرب في خصائص الحبيب) وكتب حسن بن محمود المقدسي، رسالتين، يبدو أنهما تدخلان في فن الترجمة للمعاصرين، الأولى (حمد اللطيف الرؤوف في مدح القاضي عبدالرؤوف) والأخرى (قرة العين لمقدمة أوصاف الملا حسين) [75].

 

ويلاحظ في هذه الحقبة تدني العناية بالكتابة الأدبية المحضة، فلم نقف، على طول بحثنا، على أدباء وشعراء اختصوا بالكتابة في هذا الفن، وجميع ما وقفنا عليه هو نتاجات لفئة "العلماء"، من ذلك ما كتبه مرعي بن يوسف بعنوان (تسكين الأشواق بأخبار العشاق) [76]، والكتاب الذي وضعه عبدالباقي الخزرجي بعنوان (روضة الآداب) ويقع في أربعة مجلدات[77]، وبضعة دواوين شعرية لعلماء آخرين.

 

ولم تشهد القدس إبان هذا العهد اهتماماً يذكر في العلوم البحتة، وأبرز ما وقفنا عليه في هذا الصدد رسالتان في الفلك والحساب لعبد الله بن أحمد بن يحيى المقدسي (كان حياً سنة 1078هـ/1667م) أولهما (تحفة الأحباب في بيان حكم ذوي الأذناب)، وهي تبحث عن المُذنّبات السماوية، بينما تبحث الأخرى في الهندسة المستوية، وعنوانها (تحفة اللبيب وبغية الأريب في رُبع الدائرة والجَيب) [78].

 

وفضلاً عما تقدم فإن الحقبة لم تعدم ظهور مؤلفات متفرقة تناول فيها مؤلفوها موضوعات محددة كانت تفرضها مستجدات العصر، أو ظروفه العامة، فكتب محمد صالح بن محمد الدجاني مثلاً رسالة (في عمارة حُدوث المسجد الاقصى) [79]. ويظهر أنها كانت بمناسبة القيام ببعض أعمال التعمير في المسجد. ووضع مرعي بن يوسف رسالة في (حكم السماع والأوتار والغناء والأشعار) دلت على عناية بعض معاصريه بفنون الموسيقى والغناء، كما كتب في (استعمال الذهب والحرير)، ووضع رسالة (في فضل السلطنة والوزارة) لعله كتبها على سبيل التهنئة لأحد معاصريه بنيله منصباً ما، وتناول إحدى أشد الكوارث التي كانت تهدد البلاد في رسالتين سماهما (تحقيق الظنون بأخبار الطاعون) و(ما يفعله الأطباء والداعون لدفع شر الطاعون)، وحث أهل عصره على الجهاد في رسالة يظهر أنه ألفها بمناسبة بعض الحروب، ولم يفته أن يتناول ظاهرة التدخين الذي أخذت ملامحها المبكرة تظهر عهد ذاك في رسالته (تحقيق البرهان في شأن الدخان الذي يستعمله الناس الآن) [80].

 

ومع أن أكثر هذه الكتب والرسائل لم يطبع بعد، بل فُقد أكثر نسخها الخطية، فإن عنواناتها تكشف عن طبيعة الاتجاهات الفكرية التي كانت تسود ذلك العهد، وهي اتجاهات تعد استمراراً لجهود الأجيال السابقة من العلماء العرب، وتمثل في الوقت نفسه جزءاً من النسيج الثقافي الواحد في المنطقة.

 

ملاحق البحث:

مشجرات أنساب الأسر العلمية في القدس في القرن 11هـ/17م

أ- بنو أبي اللطف

ب- بنو العلمي

جـ- بنو الدجاني

 

شجرة آل العلمي كما في وثائق الأسرة ويظهر فيها أن نسبها يتصل بالأدارسة من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)